IMLebanon

هل تنجح طهران في خفض خسائرها في الإقليم؟

لعبة عضّ الأصابع بين واشنطن وطهران لا تزال في أوجها، على رغم الخسارة التي مُنِيت بها الأخيرة في العراق. هذا ما توحي به أقلُّه لوحة التوتّرات السياسية والأمنية التي اندلعَت مجدّداً في أكثر من ساحة من ساحات النزاع التي يحفل بها الإقليم.

مع تحوُّل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى ما يشبه المتحدّث الرسمي باسم قوّاته العسكرية التي تُنفّذ مهمّات يومية في العراق، بدا جليّاً أنّ طهران تجهد راهناً في محاولاتها لخفضِ مستوى خسائرها السياسية والميدانية، فيما تبدو عاجزةً عن الحدّ من التراجع الذي يُصيب «إنجازاتها» السابقة .

وتقول أوساط أميركية مطّلعة «إنّ توسّع ظاهرة التطرف الذي يمثله تنظيم «داعش»، كان سببه الأكبر فشل سياسة إيران في العراق، بعد فترة «السماح» التي أُعطِيت لها لترتيب الوضع فيه عشيّة انسحاب القوات الاميركية وبعده، مثلما أطلَق دعمُها لنهج الرئيس السوري بشّار الأسد العنانَ لتمدّد تلك الجماعات في سوريا».

وتتحدّث الأوساط عن مناخ جديد يسود أروقة صنع القرار في واشنطن، مع تغيير في اللغة التي كانت تُستخدم سابقاً في تحميل السُنّة خصوصاً في الدول الخليجية، مسؤولية العنف «الداعشي» دون غيره. فالإجراءات التي شرعَت تلك الدول في اتخاذها ونجاحُ الضغوط الخارجية، أنتَجا سياسات خليجية لا مجال لتجاهلها، خصوصاً أنّ الحديث يتعلّق بالأغلبية التي يتألّف منها المجتمعان العربي والإسلامي.

وتلفتُ تلك الأوساط إلى مغازي انطلاق قاذفات القنابل الأميركية من طراز «ب 1» من قاعدة «عيديد» في قطر، في وقتٍ تنتهي اليوم مهلة الأيام السبعة التي منحَتها دوَل مجلس التعاون الخليجي لقطر لتردَّ على مقترحات تطبيق اتّفاق الرياض.

وتؤكّد الأوساط الأميركية أنّ قطعَ أوباما إجازتَه الصيفية لترؤّس اجتماع مجلس الأمن القومي، له دلالات بالغة، فيما تتحدّث أوساط عراقية وغير عراقية عن احتمال توسيع الضربات نحو مناطق أخرى في العراق.

هناك من يرى أنّ تسريبات وزارة الدفاع الاميركية عن احتمال شنّ هجمات جوّية على «داعش» في سوريا، قد تصبح حقيقة، مع تزايد الجدل عن هوية الطائرات التي شنَّت يوم الاثنين غارات على مدينة الرقّة، معقل التنظيم، ودقّة إصاباتها المحقّقة ونوعيتها، في الوقت الذي تحدّثت أوساط سوريّة معارضة وأخرى عراقية عن مغادرة «الخليفة» أبو بكر البغدادي الموصل إلى الرقّة!

وتعتقد تلك الأوساط أنّ تحوّلات عميقة ستشهدها الأيام المقبلة، خصوصاً أنّ الإيرانيين يحصون خسائرَهم: من غزّة حيث خرجوا من معادلتها بنحو شبه تام، في الوقت الذي يُعاد فيه تثبيت المرجعية المصرية في مواجهة التدخّلات التركية والقطرية معاً، إلى العراق الذي تُدار فيه الحرب بقيادة أميركية خالصة، إلى سوريا حيث يجهد النظام في محاولة تثبيت موقعه وشراكته في مواجهة «الإرهاب».

توضيح نائب المتحدّثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف أسبابَ عدم تلبية طلبات المعارضة السورية لشنّ عمل عسكري مشابه لما يحصل في العراق، قد يحمل أكثر من مدلول سياسي عن الشروط التي، وفي معزل عن توفيرها، من غير الممكن الجمعُ بين ما يشهده هذان البلدان.

فهي قالت «إنّ واشنطن تلقّت طلباً من الحكومة العراقية»، لكنّها لم تستجب إلّا بعد توافر الأرضية السياسية الملائمة، أي بعد إزاحة نوري المالكي وتأليف تحالف سياسي جديد، وهو ما ليس متوافراً في سوريا حتى الآن. لا بل كانت واضحة في قولها «إنّ أفعال النظام السوري هي التي ساعدت على تنامي ظاهرة «داعش» من خلال الأجواء الأمنية التي وفّرها».

هل هذا يعني أنّ الفترة المقبلة قد تشهد تغييرات في هذا الجانب أيضاً؟

تجيب تلك الأوساط: «من المبكر الحديث عن تحوّلات كهذه في المشهد السوري، في الوقت الذي تتكثّف فيه الهجمات التي يشنّها النظام على مناطق المعارضة، وتسعى طهران إلى توتير الأجواء في اليمن مجدّداً، على رغم الإنجازات المهمّة التي تحقّقت في ملفّها النووي، وارتفاع حدّة الخطاب السياسي المنتقد للمتشدّدين في طهران».