IMLebanon

هل تنقلب الضارّة إلى نافعة؟

هل تنقلب الضارّة إلى نافعة؟

احتضان المؤسسة العسكرية.. مدخل إلى وطن

منذ اندلاع المواجهات في عرسال وجوارها، ارتفعت أصوات كثيرة بين محلل ومحذر وناصح أو راسم للاستراتيجيات المفترضة. تبرع بعضهم في الإدلاء بدلوهم في «فن الحرب» بطريقة أعمق من كاتبه الصيني صن تزو. انخرط آخرون في جدليات بيزنطية عقيمة. جمعهم قاسم مشترك: الحرب بالنظارات.. والنظريات.

لا يختلف أحد على أن ما يجري في عرسال بالغ الخطورة بواقعه ومؤشراته. وكل يوم يمر على اشتداد المعارك يشرّع القلق على مستويات متعددة يهمس بها اللبنانيون بصوت خافت، خوفا من أن يترجمها الجهر واقعا. وهي كلها هواجس مقيمة تقارب الفواجع.

لكن شعبا عاش واختبر ما كابده اللبنانيون، يُفترض أن يكون أشد بأسا في مواجهة الخطر الهاجم علينا، حتى لو ارتدى اليوم أبشع وجوهه: الإرهاب والقتل العبثي المجنون، وكل قتل جنون.

هي المرة الاولى التي تنتقل حروب المنطقة الفعلية من العراق وسوريا الى الداخل اللبناني. المقصد واضح، وهو تحويل البلد الصغير الى شريك كامل العضوية في الحرب، وممر ومقر للإرهاب. لكن هذه المرة ايضا يمكن أن تنقلب الضارة الى نافعة. أمام اللبنانيين فرصة للمّ الشمل السياسي. يحتاجون الى وقفة موحدة لاحتضان الجيش، لكي يبقى لهم بعد ذلك ما يختلفون عليه.

في الشكل يمكن أن يسجل لكل القوى السياسية المؤثرة انحيازها المعلن للمؤسسة التي تخوض حرباً بالأصالة وبالنيابة عن كل لبنان. تكبير الأصوات الناشزة وإعطاؤها حجماً أكبر من حجمها الفعلي لا يفيد أحدا.

لا يعني ذلك، بطبيعة الحال، غض النظر عن «المنازل الكثيرة» التي يضمها البيت اللبناني، ولكل منها هواجسها ومخاوفها وقراءتها للأسباب والدوافع والنتائج. لكن اليوم، بحسب مرجع من المبشرين بالوسطية والاعتدال، «يوم الوقوف الى جانب الجيش اللبناني. فلا خلاص لنا من هذه المحنة الكبيرة إلا بوقف المد الإرهابي الذي يستبيح أرضنا وسيادتنا ويهدد جميع اللبنانيين». يضيف «ان هذه المعركة مفصلية في تطور الأحداث ورسم ملامح المرحلة الآتية. يمكن للبنان الصغير أن يلعب دورا كبيرا في كسر شوكة الإرهاب على تخومه. لا أريد تحميل بلدنا أو جيشنا أكبر من قدراته. لكنني واثق من أنه يمكننا ان نشكل الحلقة التي لا تنكسر في العقد المفكك من حولنا. فنحمي بلدنا من فتنة نعرف أين وكيف بدأت، لكننا لا نعرف حتما كيف يمكن ان تنتهي اذا ما خُتم جرح عرسال على زغل أو تُركت الأمور لإلقاء التهم وتبادل اللوم والإنذارات». يتابع «بعدها لكل حادث حديث. اليوم هو لتقديم التنازلات من جميع القوى السياسية، ليس لبعضها بعضا، بل للبنان ومستقبله».

لا يحبذ السياسي الدخول في التلميحات السياسية التي تشبّه أو تربط أحداث عرسال بما سبقها، سواء في عبرا أو في نهر البارد أو غيرها، «لكل مواجهة ظروفها وخلفياتها ومعطيات اللحظة السياسية والامنية. الجيش اليوم يخوض حربا مفتوحة على الخطر. لا شيء فيها محسوم أو واضح أو سهل. بالتالي فإن كل الكلام المشكك يندرج في حسابات سياسية صغيرة يمكن أن نتفق أو نختلف عليها بعد وضع حدّ للتفلت والاستباحة ومحاولات الاحتلال الحاصلة على حدودنا». لا يخفي السياسي تمنيه «لو كانت حدودنا مغلقة ومضبوطة، لاستطعنا عندها أن نتجنب الأثمان الباهظة التي ندفعها اليوم. لكن هذا هو واقعنا وعلينا ان نعالجه بوحدتنا وتضامننا ودعمنا غير المشروط للجيش». يقر بأنه «في مثل هذه الظروف لا بد من تسوية ما. تسوية لا تكون على حساب الجيش أو تضحياته أو حقه غير القابل للجدل في حسم الأمور لمصلحة أمن البلد واستقراره».