IMLebanon

هل صحيح أن عرسال بلدة محتلّة رغم وجود الجيش بداخلها وفي محيطها؟

هل صحيح أن عرسال بلدة محتلّة رغم وجود الجيش بداخلها وفي محيطها؟

حرّية وسلامة الجنود «الأسرى» بحاجة لقرار جريء لم يتوفّر بعد

النظام السوري أخرج زوجة البغدادي أمير «داعش» من السجن مقايضة للإفراج عن راهبات معلولا

ما زالت عرسال في واجهة الحدث اللبناني، فرغم مرور أكثر من شهر على وقف إطلاق النار بين الجيش والمسلحين السوريين، وانسحاب المسلحين منها الى المناطق الجبلية، إلا أنها ما زالت محور الاهتمام الرسمي والشعبي وذلك لكونها المعبر الى معرفة مصير 30 جندياً وشرطياً مخطوفين لدي جبهتي «داعش» و«النصرة»، ومصير هؤلاء الأسرى يخضع لعملية ابتزاز من المسلحين السوريين، فقضية الأسرى اللبنانيين تتعرض كما عرسال لعملية مزايدة سياسية وإعلامية يشارك فيها أكثر من طرف.

والغريب أن من دخل في سوق «عكاظ» للمزايدات لم يراعِ مشاعر الأسرى ولا مشاعر أسرهم من آباء وأمهات وزوجات وأبناء، فانبرى أكثر من طرف رافضاً «المقايضة»، أي إطلاق الإسلاميين أو بضعهم من سجن رومية مقابل عودة الجنود اللبنانيين سالمين، وذلك تحت عنوان «كرامة الجيش ومعنوياته» وأيضاً خشية من استسهال المسلحين السوريين في ما بعد ابتزاز اللبنانيين بعمليات خطف أخرى.

وقد غاب عن نادي «المزايدين» بأن معنويات الجيش هي في ابنائه سالمين وليس مذبوحين (لا سمح الله)، فهؤلاء ابناؤنا اعزاء على اهلهم وعلى اللبنانيين وأي ثمن يدفع في سبيل حريتهم وسلامتهم يعتبر رخيصاً.

وثانياً: اميركا اكبر دولة في العالم قايضت وفاوضت القاعدة وطالبان، اسرائيل فاوضت وقايضت المنظمات الفلسطينية وحزب الله، والنظامان السوري والايراني فاوضا المسلحين السوريين وقايضا وحررا اكثر من خمسين معتقلاً ايرانياً، مصر قايضت المسلحين الليبيين، وجيوش هذه الدول التي دفعت اثماناً لم تنهر معنوياتها ولم تنهزم، كما ان السلطة اللبنانية نفسها فاوضت وقايضت وحررت المحتجزين لدى المسلحين السوريين في اعزاز، ولم يقل وقتها احد ان ذلك جعل السلطة منهزمة، ولم يردد احد ما يتردد اليوم حول اطلاق العسكريين الاسرى.

فجميع الدول عندما فاوضت المسلحين لم تكن تنظر اليهم انهم «ملائكة»، بل «شياطين وارهابيين ومجرمين!!».

ومن جهة ثانية الطرف الآخر في النزاع مع لبنان هو منظمة دموية تستطيع ان تلصق بها جميع الاوصاف، فهي ليس لديها اي مراعاة لأي من المفاهيم الانسانية والاسلامية، فهي يمكن بلحظات ان تصدر حكماً بالاعدام على المئات او الآلاف وهذا ما شاهدناه في العراق منذ اسابيع.

ان ما اقدمت عليه الحكومة من رفضها للمقايضة شكل خضوعاً «للمزايدين» وبذلك الحكومة عرضت حياة 30 جندياً ودركياً من ابنائنا للخطر مع انه كان يتطلب منها قرارات جريئة وسريعة، فإنقاذ حياة الجنود بأي ثمن ليس عمل الجبناء بل شجاعة، ولكن عادة ومن المعلوم ان الايدي المرتعشة لا تستطيع ان توقع قرارات جريئة، والمشاعر التي عبر عنها اهالي الجنود المخطوفين مشاعر صادقة وحقيقية، خاصة وأن الجميع يعلم ان المجموعات المسجونة في سجن رومية من الاسلاميين اغلبهم مسجون من غير محاكمة منذ سبع سنوات، ولا احد يدري من اللبنانيين لماذا لم تتم محاكمة هؤلاء خلال السنوات الماضية!!

كما ان العديد من هؤلاء المسجونين في رومية وتحديداً من الاسلاميين يعيشون داخل السجن حياة «الامراء» حيث يتوفر لهم جميع وسائل الراحة والسلطة تعلم ذلك.

كما لفت الانتباه ما اعلنه وزير الداخلية من ان «عرسال محتلة ويجب تحريرها»، فمن المعلوم ان المسلحين قد انسحبوا من عرسال بعد وقف اطلاق النار، والجيش زاد عديده وتجهيزاته في داخلها وفي محيطها، وهو ينظم الدوريات يومياً في شوارع البلدة، والأجهزة الأمنية متواجدة بكثافة في داخل عرسال (هذا ما أكده أكثر من طرف من عرسال).

فما أعلنه الوزير مشنوق اوجد حالة من التشويش والبلبلة حول عرسال ووضعها، فكيف تكون عرسال محتلة والجيش والأجهزة متواجدة فيها وفي محيطها؟ وإذا كانت محتلة وفيها هذا العدد من الجنود يعني ذلك أن الجنود باتوا رهينة لدى «داعش» وغيرها!! وبعد الذي حصل منذ شهر هل يعقل للقيادة العسكرية والسياسية أن تضع الآلاف من الجنود رهينة لدى المسلحين السوريين؟

 لا أحد ينكر ن المسلحين السوريين يتواجدون في جبال القلمون من جبال القاع إلى جبال بعلبك إلى حدود مدينة الزبداني، وكذلك يتواجد «حزب الله»، ولكن أن يقال أن عرسال محتلة! وإذا كان هذا حقيقة، فان ذلك يتطلب علاجاً سريعاً لإنقاذ عناصر الجيش المتواجدة في المدينة ومحيطها، وكذلك إنقاذ أهالي عرسال.. المغلوب على امرهم، خاصة وأن مصالحهم الاقتصادية (اغلبها في جرد البلدة) قد تضررت وتعطلت، فيجب تحريرهم فعلاً.

كما يلاحظ رغم ما حصل من خسارة، وعودة عرسال لأحضان الدولة لم نشاهد أياً من المسؤولين قد زار هذه البلدة ليطمئن أهلها ويرفع معنويات الجيش في مواجهة المنظمات المتطرفة!

الجيش اليوم بحاجة لوقفة جماعية تدعم دوره، فهو المؤسسة الأكبر التي دفعت الدم فداء لاستقرار البلد منذ عقود طويلة، ودعم الجيش يتطلب قرارات جريئة من السلطة من أجل استعادة أبنائه سالمين، وكذلك توفير كل متطلبات القوة له، بدل شهر الحملات التي تستهدف قائده ودوره، والحملات التي تستهدف الحكومة ككل، لأنه في حال تمت الاطاحة بحكومة الرئيس سلام وهو الرئيس الحكيم.. يعني دفع البلد إلى الفراغ الشامل.

كما أن عرسال لا حول لها ولا قوة، فهي لا تستطيع مواجهة المسلحين منذ بداية الثورة السورية، حيث مصالح أهلها اغلبها في الجرد (صناعة الحجر، ورعي الماشية والزراعة)، وهي بلدة قدمت للوطن آلاف الشهداء، وهي ما زالت تتعرض للحملات، فهذه الحملات مستمرة حتى بعد عودة الجيش إليها، وكم من مرّة اعلن رئيس بلديتها علي الحجيري أن البلدة مع الدولة، ومع أفضل العلاقات مع محطيها «ونرفض معاقبتها لتأييدها ثورة الشعب السوري».

لعل في التذكير افادة، الجميع فاوض المسلحين «جبهة النصرة» عندما كانت الجبهة محتجزة لراهبات معلولا، وقد افرج النظام السوري عن زوجة أبو بكر البغدادي (أمير تنظيم داعش) من سجونه في دمشق وسلمت لعناصر النصرة في جبال القلمون القريبة من عرسال مقابل الإفراج عن الراهبات، فهذه المقايضة لم تجعل الجيش السوري منهار المعنويات.