هل فعلاً انتفت فرص عون وجعجع الرئاسيّة
وماذا عن ترشيح الجميّل؟ في الاستحقاقات اللبنانيّة «فتّش في الداخل عَمّا يُريده بري وجنبلاط»
الأزمة الرئاسية «مكانك راوح» ومؤشرات دخول البلاد في الفراغ الطويل بدأت ترتفع رغم كل التحذيرات والاشارات ومحاولات تدارك اشكالية التعطيل ومع مساعي البطريركية المارونية التي دخلت على خط الاستحقاق لجمع الأقطاب الموارنة قبل دخول البلاد في المهلة الدستورية، مما جعل البطريرك الراعي يعبر في مجالسه الخاصة بحسب مصادر مسيحية عن امتعاضه من أداء الزعماء الموارنة، وعن الكثير من هواجسه ومخاوفه على مصير الرئاسة الأولى وهو الذي يدرك تماماً هول الأخطار التي تحيط بالمسيحيين في لبنان والمنطقة وما يمكن ان يصيب المسيحيين في حال لم يتم اتفاقهم على رئيس قوي قادر على مواجهة الزلزال الذي يحصل في المنطقة. ومع ذلك يستمر القادة المسيحيون في مناكفة بعضهم مع إدراكهم ان الرئاسة لن تكون في اغلب الظن من نصيب الموارنة الأقوياء، ومع ذلك لم يبادر سمير جعجع بعد رسمياً الى سحب ترشيحه او الى تمرير الرئاسة لحليف من 14 آذار، وما يجري في الكواليس وتحت الطاولة بين بكفيا ومعراب التي زارها الرئيس الأعلى للكتائب، لا يوحي بان معراب تحبذ التنازل عن الترشيح لصالح الجميل وان حصل ذلك فانما سيحصل على القاعدة ذاتها التي فرضت نفسها عند ترشيح جعجع في الدورات الثلاث.
فرئيس القوات تقول المصادر يدرك منذ البداية انعدام فرص وصوله الى قصر بعبدا ومع ذلك بدا مقتنعاً بضرورة ترشحه وفي ذهنه ان هذا الترشح حق طبيعي له، وهو يحقق له، وان لم يفز بالرئاسة الأولى، مكاسب في مكان آخر، فهو أعاد تظهير حجمه النيابي والتفاف حلفائه حوله مظهراً انه المسيحي الأول في 14 آذار، اما ميشال عون فهو نتيجة «حشر» جعجع له لم يستطع ان يقدم ترشيحه وبات متهماً من قبل 14 آذار بتعطيل الجلسات الرئاسية، ولا يزال الجنرال يراهن على تبدل في الظروف وفي المعطيات يسمح له بالوصول الى الكرسي الرئاسي. وإذا كانت فرص جعجع الذي ترشح ثلاث دورات متتالية باتت واضحة وشبه معدومة، وهو سيبادر الى خطوة في الساعات القادمة تحسم موقف معراب من الملف الرئاسي، فان زعيم الرابية لم يتسلل اليأس الى نفسه ولا يزال يعمل على الخط الرئاسي خصوصاً ان عون يعوّل على الموقف الأميركي ودعم حلفائه في الداخل وعلى الخوف من الفراغ المتسلل الى الكرسي الرئاسي.
وفي هذا السياق تؤكد اوساط سياسية ان ثمة ما يحاك منذ فترة عل خط المختارة وعين التينة خصوصاً ان رئيس المجلس منزعج من عدم قدرة المجلس النيابي على انتخاب رئيس للجمهورية، وفي العادة اللبنانية والاستحقاقات الداخلية ثمة من يقول «فتش عن بري وجنبلاط» وعمن يرضى به الزعيمان ولو ان الاستحقاق مسيحي، لكنه قبل اي شيىء استحقاق داخلي ووطني يعني كل اللاعبين الأقوياء على الساحة. وترى الأوساط في هذا السياق ان لكل من الأسماء المارونية المتبقية في الأدراج فرصها الذهبية وحظوظها، فترشيح الجميل الذي كثف جولاته باتجاه الرابية وبنشعي ومعراب وتعشى مع زعيم المختارة، قطع اشواطاً، لكنه ربما يكون بمستوى عقد ترشيح عون وجعجع لأن الجميل ايضاً من نادي المرشحين الأقوياء وثمة فيتوات كما تقول الأوساط وضعت على ترشيح القوى السياسية التي لم تعط ثقتها للبيان الوزاري للحكومة. من هنا ايضاً فان الدخول في الفراغ في حال سقوط المرشح التوافقي في الجلسة المقبلة او تكرار ما حصل مع جعجع في ترشيح الجميل قد يحتم العودة الى اسماء مارونية في الظل على غرار شخصيات مارونية تحبذ بكركي وصولها مثل زياد بارود او دميانوس قطار او حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، او العودة الى معادلة «الجانين» التي تسرب في الكواليس اي الوزير والنائب السابق جان عبيد وقائد الجيش جان قهوجي.
فاذا كان الأول اي عبيد تضيف المصادر يحظى برضى عين التينة والمختارة وبتأييد من 8 و14 آذار، ولا يمانع سعد الحريري عن السير به كما حزب الله في حال اجمع المسيحيون على اعتباره مرشحاً توافقياً ضمن المهلة الدستورية، فان طرح قائد الجيش وارد ايضاً بقوة في حال حصول الفراغ الرئاسي، خصوصاً ان الأخير بات له رصيد قوي في ضبط الوضع الأمني ولا فيتوات اساسية عليه في الداخل، خصوصاً ان قهوجي حافظ على علاقة جيدة بالمقاومة وبالمقابل لا فيتو اميركي عليه، إلا انه سيواجه عقدة ترشيح ميشال عون التي سيكون لها مخارج خصوصاً ان خروج الجنرال من الحلبة الرئاسية سيكون له ثمنه في قيادة الجيش وفي العديد من الملفات والقضايا وفي المجلس النيابي المقبل والوزارات وفي قانون الانتخاب.
وفي المحصلة فان المتغيرات والتوازنات الاقليمية ستحدد وجهة المعركة الرئاسية، تقول المصادر، فإذا كانت المخاطر الأمنية تحتم السير بخيار قائد الجيش ربما، فان المخاطر المالية التي تهدد الوضع المالي للدولة تطرح في السوق الرئاسي حاكم مصرف لبنان ايضاً، ويبقى حسم كيفية سير السفينة الرئاسية رهن ما سيجري في المطابخ الإقليمية بالتناغم والتلاقي مع المصلحة الداخلية وعندها يتكرر مجدداً سيناريو الحكومة التي ابصرت النور من دون ان يعلم احد اسرارها وجمعت الأضداد والأخصام في حكومة قامت بضبط الأمن وسدت منابع الإرهاب وطرق تسلله الى الداخل اللبناني.