هل نجح رئيس الحكومة في سحب فتيل التصادم مع «التغيير والإصلاح»؟
سلام رفض إشراك الجنرال بإعداد جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء
إتصالات «المستقبل» و«حزب الله» مرّرت قطوع اجتماع السراي الأول
على وقع التفاعلات الحادة والواسعة، الذي اتخذته عملية انتخاب اللاجئين السوريين في لبنان في السفارة السورية، وتفاقُم التداعيات المرتبطة بمشكلة سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام والمعلمين والأساتذة، والنتائج المترتبة عنها، انعقد مجلس الوزراء الامس في اول جلسة بعد الشغور الرئاسي، بجدول اعمال اعده رئيس الحكوم ة، عنوانه الأساسي، التوافق الوزاري على إدارة مرحلة الشغور الرئاسي وترتيب إجراءات العمل الحكومي، ورسْم حدود الصلاحيات التي ستتحرّك من ضمنها الحكومة دستورياً وواقعياً، في محاولة جادة لتفكيك الالغام التي قد تنفجر في وجهها مطيحة بكل الانجازات.
وبحسب مصادر وزارية، يميل الاتجاه الحكومي العام لمصلحة تأمين التوافق على اي خطوة قد يتخذها المجلس، وعدم توظيف الظرف لتمرير قرارات فئوية تخدم مصالح بعض الجهات وتقصي أخرى، ذلك ان تعريض مجلس الوزراء لاي انتكاسة من شأنه ان يدخل البلاد برمتها في نفق الفراغ المعمم بعدما تربع على الكرسي الرئاسي وتسبب بتعطيل وشل العمل التشريعي، مع اصرار الرئيس تمام سلام على ممارسة كامل صلاحياته وسط ادارة دقيقة للملفات، حيث أبلغ الى الوزراء انه يرفض ان يشاركه أحد في وضع جدول أعمال مجلس الوزراء، على ما طالب به تكتل الاصلاح والتغيير، وزّع الجدول الذي حمل عنوان «مشروع جدول الاعمال»، على الوزراء قبل 72 ساعة وليس 48 ساعة كما درجت العادة، لاتاحة الفرصة لكل وزير بإبداء رأيه، توازيا لما كان يحصل خلال وجود رئيس الجمهورية فيعدّ الجدول بالتنسيق بين رئيسيْ الجمهورية والحكومة.
ولفتت المصادر نفسها في هذا الإطار الى ان ثمة ترقباً من جانب كل فريق للفريق الآخر لمعاينة اذا كان قرار الحفاظ على التماسك الحكومي سيبقى سارياً ام انه سيتعرّض للاهتزاز، في ظل «الصمت المقصود» لوزير الداخلية ازاء تحدي «اللاجئين السوريين» لقرار منع التجمعات السياسية الكبيرة للاجئين، ووسط اصرار فريقي 14 آذار و«كتلة اللقاء الديمقراطي» على اثارة هذا الملف، ومطالبتهم بتدابير وإجراءات حازمة، بعدما ثبت التوظيف السياسي المتعمّد للانتخابات السورية عبر استعمال لبنان كصندوق بريد من اجل توجيه رسائل سياسية في كل الاتجاهات، مع انكشاف ملف اللجوء السوري في ما يُعتبر فضيحة حقيقية لجهة وجود عشرات آلاف السوريين ممن لا تنطبق عليهم صفة اللجوء.
وكانت الساعات الاخيرة تضيف المصادر شهدت سلسلة من الاتصالات ركزت على ضرورة ابقاء النقاشات داخل مجلس الوزراء تحت سقف الانضباط السياسي الهادئ لمنع اي انفجار قد يعرض الحكومة للخطر، واشارت الى ان تواصل تيار المستقبل مع قيادات في التيار الوطني الحر، افضى الى شبه توافق على مشاركة وزراء الوطني الحر في جلسة السراي الحكومي من اجل تحديد اسس عمل المجلس وكيفية وضع جدول الاعمال، على ان يبنى على اجواء الجلسة مقتضى الامور، مع تأكيد ان القوى المسيحية الممثلة في الحكومة من فريقي 14 و8 ترفض السير باي اجراء يوحي بتكريس صلاحيات واسعة للحكومة وسيطالبون بحصر الصلاحيات بإطارٍ لا يعطي الانطباع بأن هناك ايّ تكيّف طويل مع الفراغ الرئاسي.
اوساط سياسة مطلعة اشارت الى ان توازن القوى الحالي الذي خلقه ترشيح «الحكيم» المعلن و«الجنرال» المضمر، وسط الحيادية المبدئية لكل من «المستقبل» واللقاء الديمقراطي» لن تفضي الى انتخاب رئيسٍ جديد قبل تبدل «قواعد اللعبة»، وتالياً فان الفراغ الرئاسي مرشح للاستمرار حتى اللحظة التي يدرك فيها الافرقاء استحالة المضي في «مناورات متبادلة» وضرورة التفاهم على الرئيس التوافقي العتيد، يكون تماماً كما رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، تحت وطأة ضغط الفراغ الرئاسي وتمدده والخشية من انهيار الاستحقاقات الدستورية الاخرى وسقوط البلاد في خطر تغيير قواعد السلطة وتوازناتها.
ومن هذا الباب، اشارت مصادر في 14 آذار الى ان حزب الله الذي لم يعلن حتى الساعة تأييد ترشيح العماد عون بذريعة ان الاخير لم يرشح نفسه بعد، يوظف هذه الورقة من اجل فتح قناة حوار مع تيار المستقبل بهدف تعزيز حضوره السياسي الداخلي، وهو ليس في وارد التنازل عن هذه الورقة راهنا، لا بل سيستخدمها حتى النهاية لتحقيق اهدافه خصوصا ان التواصل بين عون والحريري استفاد من نتائجه الطرفان لا سيما على مستوى الانفراجات الحكومية والامنية، ولفتت المصادر نفسها الى انه وفي موازاة مواقف الفريق الضاغطة في اتجاه منع اطالة امد الفراغ وانتخاب رئيس في اقرب وقت، ستطلق جملة تحركات شعبية وطالبية لا سيما في الجامعات من اجل الحث على انتخاب رئيس، كاشفة عن مجموعة افكار ما زالت قيد التداول بين مكونات هذا الفريق للغاية نفسها، من بينها امكان تشكيل وفود من هذه القوى لزيارة عدد من دول ومواقع القرار كمجلس الامن والامم المتحدة وواشنطن والمملكة العربية السعودية لوضعها في صورة ما يجري لبنانيا، وحثـها على اتخاذ ما يلزم من اجراءات من اجل منع انزلاق لبنان الى الهاوية فيما لو استمر الفراغ في سدة الرئاسة الاولى، بحيث توضع هذه الدول امام مسؤولياتها ازاء حماية لبنان. ولم تستبعد امكان طرح الملف من زاوية الـقرار 1701 القاضي في احد بنوده بتأمين الحماية الدولية للبنان.
وطمأنت الاوساط، الى ان سيناريوهات التهويل الامني، من عمليات اغتيال وحوادث كبيرة متنقلة، لقلب الطاولة وتوفير مناخات مؤاتية لتوظيفها في الاستحقاق الرئاسي، غير واردة حاليا، لادراك الجميع مدى خطورة استعمال هذه الورقة، لان مفاعيلها ونتائجها قد تنقلب عليه اولا،وبالتالي وان سعى اليها البعض فلن يتمكن من تحقيق الهدف، فضلا عن ان الاستقرار يتصدر قائمة اولويات الخارج ويحظى برعاية دولية،معتبرة، ان التلويح بهز الامن يستخدم فزاعة للتهويل على بعض الاطراف تماما كما استخدم التمديد للتشويش على عهد الرئيس ميشال سليمان.
في غضون ذلك، اعربت اوساط دبلومـاسية عن اعتـقادها ان اطرافا في الداخل اللبناني تتعمد عرقلة الاستحقاق الرئاسي لاهداف خارجية،مستغلة الخلاف المسيحي – المسيحي لتحقيق مخططاتها، عشية الاستحـقاق الاقليمية الداهمة، التي قد تقلب الموازين، تـاركة تداعياتها على طبيعة المرحلة لبنانيا، مظهرة الصورة الرئاسية، من صـدور نتـائج الانتخـابات السوريـة المحسومة، مرورا باللـقاء المرتقب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانيـاهو في الفـاتيكان، يليهما اجتماع مجـموعـة الدول الست لمناقشة الملف النووي الايراني، وسط معلومات عن قمة رباعية «ودية»، اميركية -روسية – سعودية – ايرانية، على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي في جدة، وسط تاكيد مصادر دبلوماسية غربية، عن لقاءات تجري بعيدا عن الاضواء تتولاها الكويت، تسبق الاجتماع من شأن نتائجها التأسيس لمرحلة يؤمل ان تكون انفراجية على مستوى العلاقات في المنطقة وتنسحب حكما على لبنان وملفاته.