IMLebanon

هل يتم التوافق لحل أزمة الشغور الرئاسي بعد الحلحلة السياسية لبعض الملفّات؟

هل يتم التوافق لحل أزمة الشغور الرئاسي بعد الحلحلة السياسية لبعض الملفّات؟

مبادرة الحريري «متفرِّدة» وما زالت على طاولة الحوار.. رغم موقف عون

 السنيورة ونادر الحريري يلتقيان قيادات 8 آذار بعد 14 آذار لتسويق خارطة الطريق لحل الأزمة الرئاسية

تفاءل كثيرون بما أنجزه مجلس الوزراء أمس، عندما اهتدى لحلول لقضايا بارزة وأنهى ملفاتها وهي:

– ملف الجامعة اللبنانية.

– ملف رواتب الموظفين.

– ملف تصويب خطة طرابلس.

صحيح أن مجلس الوزراء المنقسم على نفسه أوجد مخارج لهذه الملفات وخاصة ملف الجامعة اللبنانية بعيداً عن الأسس العلمية والأكاديمية، من الممكن «ترقيع» الخطة الأمنية لطرابلس عبر تلافي عيوبها، ومن الممكن إيجاد حل وسط للخلاف القائم حول قانونية صرف الرواتب، والعرف المعمول به منذ أكثر من سبع سنوات يمكن أن يشكل حلاً، فالحكومات السابقة والحالية ذهبت الى الصرف على قاعدة «الاثني عشرية» من خارج الموازنة وبتفويض ومن غير تفويض من مجلس النواب، هذا مع العلم أن المرجع الدستوري حسن الرفاعي ووفقاً للدساتير الفرنسية المعمول بها يرى أن «الصرف على قاعدة الاثني عشرية يكون لشهر واحد فقط في حال تأخر إقرار الموازنة العامة» وفي بلدنا يتم الصرف وفق هذه القاعدة لسنوات..

أما ما هو غير مقبول أن يتم تسوية ملف أزمة الجامعة اللبنانية وفق أسس «مصالح سياسية» ورضوخ للضغوط بعيداً عن المعايير الأكاديمية.

يرى مصدر حكومي أن ملف الأساتذة المتعاقدين عندما عرض في البداية كان العدد المطلوب تفرّغه من الأساتذة 600 مدرّس وعندما وصل الملف الى طاولة مجلس الوزراء لمناقشته أصبح الملف يضم 1150 مدرّساً!!

على العموم ما يحصل في الجامعة اللبنانية وهي المؤسسة الوطنية الجامعة هو انعكاس طبيعي للواقع السياسي المنحدر بسرعة، ولكن للتذكير أن الجامعة وأساتذتها هم الجهة المؤتمنة على عشرات الآلاف من الشباب اللبناني، وفي هذا الإطار يمكن القول أن لبنان خسر ظاهرة هامة وكبيرة كان يتمايز بها عن أقرانه من الدول العربية عندما كان يقوم بدور «مدرسة وجامعة العرب»، فالجامعات اللبنانية في العقود السابقة احتضنت عشرات الآلاف من الشباب العرب الذي قصد لبنان للعلم، ومن هذه الجامعات كانت الجامعة اللبنانية في المقدمة.

البعض تفاءل بما تم التوافق عليه في مجلس الوزراء أمس، لعلّه ينعكس على بقية الملفات العالقة، وفي مقدمها ملف سلسلة الرتب والرواتب، والتي يرجى أن لا يخضع الحل لها «للمساومة» السياسية كما حصل لملف الجامعة اللبنانية، فاقتصاد البلد لم يعد يحتمل الحلول القائمة على المحاصصة والمساومات.

كما ذهب هذا البعض بتفاؤله إلى حدّ الأمل بانعكاس ذلك على أهم ملف وطني شامل، وهو ملف الأزمة الرئاسية، فلبنان منذ شهرين بدون رئيس، وفي إطار الحلول لهذا الملف لا توجد سوى مبادرة واحدة، وهي التي أطلقها الرئيس سعد الحريري منذ أسبوع.

والحريري بمبادرته هذه أراد تحريك المياه الراكدة، فوضع خارطة طريق للخروج من المأزق الرئاسي، ولقطع الطريق على البدائل المطروحة وفي مقدمها اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، ولرفض جعل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية حالة يمكن الاعتياد عليها، ففي جميع البلاد الديمقراطية يتم انتخاب الرئيس الجديد قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس الحالي، كما يتم انتخاب الرئيس في جلسة واحدة، وإن تعذر يستمر بقاء النواب في قاعة المجلس وتعقد الجلسات المتتالية ويتم التصويت بعد استراحات محددة، هذا في البلاد التي يتم فيها انتخاب رئيس  الجمهورية في البرلمان، اما في البلاد التي يتم فيها انتخاب الرئيس من الشعب فمن الواضح ان المنافسة في النهاية تنحصر بين مرشحين ويتم الانتخاب من دون عرقلة ومن دون مساومة!

وفقاً للقوانين المعمول بها ووفقاً للدستور فان وزارة الداخلية ملزمة بدعوة الهيئات الناخبة قبل شهرين من انتهاء صلاحيات المجلس الحالي، وصحيح ان المرجع الدستوري حسن الرفاعي يرى أن لا مشكلة في اجراء الانتخابات النيابية في ظل الشغور الرئاسي، ويرى أيضاً أن مجلس الوزراء مجتمعاً الموكل له صلاحيات رئيس الجمهورية، يمكن أن يجري استشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس يُشكّل الحكومة الجديدة بعد ظهور نتائج الانتخابات النيابية، ولكنه يرى أيضاً أن الظروف الحالية لا تبرر التمديد للمجلس الحالي، فالظروف ليست قاهرة، فلا يجوز للنواب التمديد لأنفسهم كما لا يجوز لهم تخطي الوكالة الممنوحة لهم من مجلس النواب والمحددة بمدة زمنية.

إن الرد السلبي على مبادرة الرئيس الحريري الوارد في بيان «اللقاء المسيحي – بيت عنيا» المدعوم من التيار الوطني الحر، وكذلك بالموقف الذي أعلن بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح يوم الثلاثاء الماضي والذي أكّد رفضه لمبادرة الرئيس الحريري، والذي رأى الأولوية عند عون وفريقه هو اجراء الانتخابات النيابية وليس الرئاسية، اوجد حالة من الاحباط لهذه المبادرة، التي كان يجب على كل حريص على الخروج من المأزق الرئاسي ليس رفضها وليس القبول بها فوراً، بل مناقشتها واجراء حوار حولها، واظهار سلبياتها بدل رفضها على طريقة «عنزة ولو طارت»، هذا مع العلم ان الرئيس الحريري كلف الرئيس فؤاد السنيورة ومدير مكتبه نادر الحريري، وهما من اكفأ وأخلص السياسيين الساعين للخروج من هذا المأزق، كلفهما اجراء سلسلة حوارات حول المبادرة بدأت مع قيادات 14 آذار، ومن ثم مع بقية جميع القيادات في 8 آذار.

فالرئيس الحريري طرح مسلمات وطنية لحل أزمة الشغور الرئاسي، وهو ينتظر التجاوب معها من القيادات الوطنية، ويرى مصدر مقرّب من المستقبل أن المطلوب هو جوهر المبادرة، وأن تحقق المبادرة الهدف الرئيس وهو إيجاد حل للأزمة الرئاسية، وأن الحل يجب أن يستحضر قبل 20 آب المقبل، وهو موعد دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب مجلس نواب جديد.

على العموم، حسناً فعل الرئيس الحريري والفريق المكلف من قبله اجراء الحوارات حول المبادرة انه لم يكن لديه ردة فعل على الموقف الذي أعلنه «اللقاء المسيحي – بيت عنيا» ولا على موقف تكتل التغيير والإصلاح، وانه جعل الحوار الهادئ هو السبيل لتسويق المبادرة التي لم تمت حيث بقية القيادات في 8 آذار لم تصدر حولها مواقف لا سلبية ولا إيجابية، فالمبادرة ما زالت على طاولة البحث والحوار، ولعل الاسابيع المقبلة تظهر بعض الانفتاح السياسي بين القوى المختلفة يجدد الآمال بحل سياسي، حتى وإن كان على قاعدة ما حصل لملفات الجامعة اللبنانية، ورواتب الموظفين والخطة الامنية لطرابلس.