واقعٌ سياسي «بزرَميط» يعيشه اللبنانيّون بكل ما تعنيه الكلمة؛ وقد تأكّد اللبنانيّون أن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية سببه عقل «بزرميط» [«بزرميط» جاءت من كلمة pizzar الفرنسية الأصل وهي بمعنى غير متناسق فتحولت إلى بزرميط لتدل على نفس المعنى]، على الأقلّ هذا ما تابعه اللبنانيّون بالأمس وتأكدوا أنّ موضوعاً بحجم الفراغ في الرئاسة الأولى هو عند البعض «ألابندا» [أيضاً ألابندا كلمة فرنسية معناها الفرقة فأصبحت تستخدم لتعبر عن الصخب والضجة]، كلّ هذا التعطيل والضجيج والصخب السياسي تأكد اللبنانيّون بالأمس أن سببه عقليّة «أنا أو لا رئاسة ولا جمهورية ولا لبنان»!!
وعلى اللبنانيين أن يتأملوا ملياً في «حال» ميشال عون المستقرّة منذ العام 1989 على ثابتة واحدة اسمها كرسي الرئاسة وهي «رغبة سادية» تعذبه وتقبض على روحه وعقله، ثم تتحوّل كلّما عانده القدر إلى رغبة في تعذيب اللبنانيين والقضاء على لبنان، هل ما سمعناه بالأمس هو مبادرة إنقاذيّة أم «أونطه» تلعب بعقول اللبنانيين؟ وهل أطلق هذه المبادرة رجل سياسية أم أطلقها «أونطة جي» [كلمة تركية الأصل وتطلق على من لا ينطق بالحق] مستعدّ لنسف الدستور بأمّه وأبيه، من أجل الوصول إلى قصر بعبدا مرة جديدة، فعندما دخله في العام 1989 كان قصر رئاسة وعندما غادره كان «أنقاض» قصر!!
يعيش «المسيحيون» اللبنانيون حال «هجايص» سياسيّة، فمن يعتبر نفسه الممثل الأكبر للمسيحيين «هجّاصٌ» [رجل «هجاص»، كلمة مصرية قيلت بدلاً من الهاجس أي الوسوسة]، يعيش تحت رحمة هواجسه، ولا يستطيع أحد أن يُنكر أن الرجل يتمّ استخدامه منذ العام 2006 لشلّ قدرة المسيحيين على إدارة أمورهم، عملياً سياسة التعطيل هذه هي التي تسببت بتهميش المسيحيين منذ عارض الجنرال ميشال عون بالقوة اتفاق الطائف فدّمر المنطقة المسيحيّة ودمّر لبنان وسلّمه على طبق ماسي للاحتلال السوري الذي وضع يده على منطقة عجز منذ العام 1976 من وضع يده عليها، هي مأساة أن تسمح «بكركي» أن تتكرّر هذه المسرحيّة منذ العام 1989، ألم يئن لميشال عون أن يتعلّم من تجربة العام 2008 فعلى الرغم من كلّ وعود حزب الله له بالرئاسة، في الدوحة تخلّى عنه حليفه، لأنّ حليفه هو من لا يأتمنه على السلطة فانقلاباته وتقلباته استفاد منها حلفاؤه قبل خصومه وأدركوا أن الرجل لا يُوثَق به وما أسرع ما يهرب إلى الإمام منقلباً على كلّ تعهداته!!
«عشتم 24 عاماً في ظل الفراغ وليس فقط منذ 24 أيار»، هذا نفس المنطق الذي حكم عون بموجبه لبنان عام 1989، واليوم لم يتغيّر شيء بعد كلّ هذه السنين، هو نفس منطق: «بيروت قالبة تمان قلبات ويكونوا تسعة»!!
ما زال ميشال عون يهرب إلى الأمام، ويعتبر الدولة «تجريبة»، بل يعتبر المسيحيّين كلّهم تجريبة لا أكثر «نجرّب بالمسيحيين فإذا زمطوا امنياً بيمشي الحال»، والدستور «ألعوبة» يُغامر ويُقامر بها، ومع هذا يلقي بتبعات كل ما يمارسه بحق المسيحيين وهدر حقوقهم، ومن دون أن يلتفت لما يحدث حولنا بالمنطقة ويحمّل كعادته الآخرين مسؤولية أفعاله: «أقول لمن يحملنا المسؤولية نمتم كأهل الكهف ونحاول إيقاظكم»!!
«بزرَميط»، تعب اللبنانيون من الواقع السياسي الـ»بزرميط» الذي يفرضه شخص واحد على وطن وشعب ودولة بأكملها، حتى بتنا نتساءل: «هل يزمط اللبنانيّون مرّة جديدة من مغامرة ميشال عون التي لا تتغيّر: «الجلوس» على كرسي بعبدا، ولو جلس الشعب اللبناني بأكمله على «خوازيق دستورية» تسعى إليها المبادرة الإنقاذيّة!!