IMLebanon

هل يزور بري دمشق لتهنئة الأسد؟

هل يزور بري دمشق لتهنئة الأسد؟

الانتخابات السورية «تقترع» للرئيس اللبناني

لن يغيّر استهزاء جزء من اللبنانيين بـ«مهزلة الانتخابات السورية»، من الانتخابات نفسها. نتيجتها فرضت أمراً واقعاً بدأ العالم يتعامل معه، بغض النظر عن ظروف إجراء الانتخابات وصحة الأرقام التي أعلنت. بشار الأسد رئيساً لسبع سنوات جديدة. حقيقة لم تهضمها «14 آذار» بعد، كما لم تهضم مشهد الانتخابات في السفارة السورية الذي أثبت لها أن السوريين النازحين ليسوا «جيش المعارضة الرديف» أو «جيش 14 آذار في لبنان»، كما كانت تظن.

موقف هذه القوى قد يكون مفهوماً نظراً لعين العداء التي تنظر فيها للنظام السوري، إلا أن ما ليس مفهوماً هو الارتباك الرسمي الجلي في التعامل مع الحدث السوري. يعرف أعضاء في الحكومة أن التواصل مع النظام السوري هو أمر حتمي ربطاً بعدد من الملفات المشتركة… وعلى رأسها موضوع النازحين.

ثمة من يعتقد في «8 آذار» أن أضعف الإيمان أن يبرق الرئيس تمام سلام، بصفته رئيس السلطة التنفيذية الموكلة صلاحيات رئيس الجمهورية، إلى الأسد مهنئاً. هؤلاء يرون أن تلك خطوة بروتوكولية من الطبيعي أن تقوم بها السلطة اللبنانية، طالما أنها لا تزال تجمعها علاقات ديبلوماسية مع سوريا، وطالما أن الصديق، كما العدو، يعرف أنه لا يمكن للبنان أن يتجاهل أي نظام في سوريا، نظراً للترابط الكبير بين البلدين، إلا إذا وجد سلام في معزوفة النأي بالنفس، مخرجاً للصمت… علماً أن عارفيه يلمّحون إلى أنه كان يفضل أن يتعامل بطريقة مختلفة مع الأمر لولا صعوبة تحرره من معسكر «14 آذار»!

في «14 آذار» لا موقف واحداً في التعامل مع نتائج الانتخابات السورية. ومقابل الخطابات الرنانة لعدد من قيادييها، وعلى رأسهم الرئيس سعد الحريري، ثمة من يسعى إلى «عقلنة» هذا الخطاب. مصدر وزاري في هذه القوى يعتبر أنه حان الوقت للتعامل بواقعية مع المسألة السورية. وفي ما يشبه النقد الذاتي، يدعو حلفاءه الذين صدّقوا أن الأميركيين سيُسقطون النظام يوماً إلى التمثل بواشنطن والاقتناع أن الحل في سوريا لم يعد ممكناً من دون الأسد. ويضيف: الرئيس باراك أوباما يدعو منذ سنتين إلى تنحي الأسد، إلا أن النتيجة التي بدأت تتضح معالمها هي أن أوباما سيرحل فيما الأسد سيبقى. وللتذكير، فإن ساركوزي رحل وبقي الأسد، حمد بن ثاني آل خليفة رحل وبقي الأسد، محمد مرسي رحل وبقي الأسد.

باختصار، يوضح الوزير الآذاري أنه مهما كانت الخطوات التي يمكن القيام بها صعبة أو مستهجنة، لكنها تبقى أقل خطورة من تداعيات استمرار العلاقات مقطوعة مع سوريا، فيما تتراكم الملفات التي تحتاج إلى التنسـيق بين البلدين.

يتوقف الوزير نفسه عند قضية النازحين السوريين، مشيراً إلى أن لبنان بحاجة ماسة لإيجاد حل لمسألة النازحين الذين قارب عددهم المليون ونصف المليون شخص، وبالتالي فالمطلوب التنسيق مع الجانب السوري لبحث إمكانية إنشاء مخيمات على الحدود أو داخل الحدود السورية، أو عودة النازحين إلى سوريا، طالما أن النظام صار يسيطر على الجزء الأكبر من البلد.

يكمل المصدر هجومه على حلفائه، سائلاً عن البدائل: «هل تريدون قطع العلاقات مع سوريا الآن، وأنتم في عز الأزمة… لم تطلبوا حتى سحب السفراء»؟

على مقلب «8 آذار» المنتشية بـ«النصر السوري»، ثمة اقتناع أن الانعطافة الآذارية ستأتي لا محالة، إلا أنها لا يمكن أن تكون إلا صدى للانعطافة السعودية التي لا تزال تسعى إلى تحقيق بعض المكاسب السياسية، قبل ذلك. وعليه، يقول أحد وزراء «8 آذار» طالما أن تمام سلام لن يقوم بأي خطوة باتجاه النظام السـوري، فإنه سيكتفي بالسكوت وعدم إظهار العدائية تجاهه، فانه صار لزاما عليه أن يطلب من قنوات الدولة الرسمية، وبينها القنوات العسكرية والأمنية، أن تبقي صلاتها مفتوحة مع الحكومة السورية.

الأمن العام اللبناني يجري تواصلا دورياً في ملفات كثيرة بعلم وزير الداخلية ورئيس الحكومة، وقيادة الجيش تواصل التنسيق عبر لجنة الارتباط ووزارة الخارجية تعتمد سياسة الأبواب المفتوحة مع السفارة السورية، والأهم من ذلك، أن كل الاتفاقيات الثنائية التي تفرض على كلا البلدين موجبات مالية معينة، تنفذ ويصار الى تحويل الاعتمادات شهرياً.

بكل الأحوال، يبدو تمام سلام، حتى الآن، غير مستعد للقيام بمبادرة تفتح نافذة في العلاقات اللبنانية السورية، بحسب توقعات «8 آذار»، التي لا تستبعد أن يقوم رئيس الحكومة «وهو رجل دولة من الطراز الأول»، بإقامة فاصل بين انتمائه لقوى «14 آذار» وبين موقعه الرسمي الذي يحتّم عليه أن يتحرك وفق ما يخدم المصلحة العليا للدولة اللبنانية. هؤلاء يرون أن خطوات ملموسة قد تنتج في هذا السياق، قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مذكرين أن الرئيس المقبل، مهما كان اسمه، سيكون محكوماً بالتعايش مع الأسد لست سنوات كاملة، وهو لن يأتي إلى القصر الجمهوري إلا بشراكة سورية هذه المرة ومن ضمن تفاهم إيراني سوري على إعطاء القيادة السورية أقله حق «الفيتو».

هل زار نبيه بري القاهرة لتهنئة عبد الفتاح السيسي والمشاركة بتنصيبه رئيساً لمصر، تمهيداً لبرقية تهنئة للرئيس السوري تليها زيارة دمشق للتبريك… أم أن القاهرة صارت أقرب من الشام؟