بمناسبة ما يُقال عن أنَّ هُناك خطّة للموافقة على ترشيح سياسيّ قويّ ومعروف لرئاسة الجمهوريَّة شرطَ تعهُّدهِ العلنيّ أن يتبنّى البرنامج الواضح الذي حدَّده ونشره الدكتور سمير جعجع، ولا سيّما القسم المتعلّق منه بـ«حزب الله»، ألا وهو الطّلب من الحزب المُشار إليه تسليم الدولة سلاحه الهائل الذي يقتنيه بحجَّة محاربة اسرائيل، لأنّ إعلان الحرب وتوقيع السَّلام يعودان للدّولة الشرعيّة وحدها، والطّلب إليه أيضاً سحب جميع مقاتليه من سوريا والتزام الحياد التام في الحرب الداخليّة المستعرة فيها منذ أكثر من ثلاث سنوات والّتي لا يعلم إلاّ الله متى ستنتهي… بهذه المناسبة تحضرني الواقعة التاريخيّة الشّهيرة الآتية:
منذ أكثر من مئتَي سنة، وتحديداً سنة 1809. تمكَّن البطريرك يوسف تيّان المثلَّث الرحمات من إقناع الأمير بشير شهاب بالعفو عن أحد مشايخ الجبل الذي كان يناوِئه، وتكريساً لهذا الإتّفاق ذهب البطريرك بصحبة الأمير إلى الكنيسة وركع كلاهما أمام القربان المقدَّس، ما يعني أمام المسيح نفسه الموجود سرّاً في القربان وفقاً للمعتقد المسيحيّ، وأقسم الأمير اليمين المعظَّمة بأنّه يعفي عن غريمه، ولكنَّه لم يلبث بعد فترة أن أمر بقتله، فحزِن البطريرك كثيراً واستقال على الأثر من منصبه وأمضى حياته الباقية راهباً في الدير.
فماذا لو أنّ السياسيّ المشار إليه المتعطّش دوماً إلى تبوّء سدَّة الرئاسة، فيدفع من أجلها أيّ ثمن مهما كان باهظاً على ما تُثبت سوابقه؟ وماذا لو أنّه توافق سرّاً مع حليفه على أنَّه باقٍ معه في الحقيقة على عهده القديم وعلى أنّ تعهّده الجديد ليس إلّا في الشكل وأنّه اضطّر لتقديمه ظاهرياً للوصول إلى مأربه كما فعل قديماً الأمير بشير، ماذا عندئذٍ سوف يحصل في لبنان لاحقاً؟