لا تستأهل “انتخابات” بشار الاسد الرئاسية التوقف عندها، فهي سخيفة. و لا يستحق الموقف الدولي المعارض لها، قولا لا فعلا، التوقف عنده فهو أسخف في الوقت الذي يُقتَل فيه السوريون بالآلاف، ولا يأتيهم المدد، بل كلام ومزيد من الكلام الذي لا تفيد منه سوى جبهة القتلة الممتدة من طهران الى حارة حريك! حتى ملف الرئاسة اللبنانية يجري تسخيفه أكثر فأكثر بـ”همّة” أصحاب العلاقة الاساسيين عنينا الموارنة الذين يتفرجون على دفن ما تبقى من “لبنانهم”! وبالطبع فإن المسؤول عن ضرب الاستحقاق الرئاسي هو الجنرال ميشال عون الذي لا يزال يتوهم انه قادر بقليل من التكتيك على ان يغير في صورته المهزوزة لدى نصف اللبنانيين على الاقل.
نقول هذا الكلام لكي يدرك عون ان الحوار مع “تيار المستقبل” او اي طرف آخر في قوى ١٤ آذار، أمر جيد، ويحظى برضى الجمهور الاستقلالي ومباركته، وهو مطلوب لبنانيا حتى من باب الاختلاف ولو العميق. لكن الحوار والتفاهمات التكتيكية شيء، والذهاب لانتخاب الجنرال عون رئيسا للجمهورية شيء آخر. فلو افترضنا جدلا ان عون صار رئيسا للجمهورية، فمعنى هذا ان التوازن الدقيق في البلاد سوف تجري اطاحته بوصول ركن من أركان ٨ آذار الى الرئاسة الاولى.
ولسان حال جمهور ١٤ آذار انه لو نظرنا عن قرب في سلوك الجنرال عون على مدى الاعوام التسعة الماضية لوجدنا انه لم يكن ضمانا بوجه تمدد “حزب الله” على جميع المستويات بل بالعكس، بل انه أسهم بشكل أساسي في تعطيل مجلس النواب عامي ٢٠٠٧ و ٢٠٠٨، وكان أحد خطباء المنابر أيام محاصرة “حزب الله” وجمهوره السرايا الحكومية. لا بل انه اول من خرج ليبرر لـ”حزب الله” غزوات ٧ و ١١ ايار، و أكثر من والى نظام بشار الاسد حتى يومنا هذا. وفي كل محطة مفصلية كان عون السند الاول، والغطاء المسيحي لارتكابات “حزب الله” وسلوكياته، حتى انه جنّد ويجنّد كل طاقاته السياسية والاعلامية دفاعا عن المتهمين في جريمة اغتيال رفيق الحريري. وللتذكير فقط فإن من أبرز وجوه “تكتل التغيير و الاصلاح” سليم جريصاتي منسق فريق الدفاع عن المتهمين بجريمة اغتيال الحريري، والذي جرى توزيره مكافأة على دوره.
لا نسوق هذا الكلام من باب العداء للجنرال، بل اننا نريد تذكيره بأن سجله ثقيل جدا، وانه يحتاج الى الكثير لاقناع ملايين اللبنانيين أن وصوله الى قصر بعبدا ليس بمثابة وصول السيد حسن نصرالله اليه. ونسوق هذا الكلام لنوضح له كم يحتاج الى عمل جاد و مضن وجبار لتغيير صورته، ولاقناع جمهور واسع ناهيك بفريق سياسي يتحاور معه حاليا بأنه ليس الوجه الآخر لنصرالله من الناحية العملية. فهل أعدّ عون لهذه المهمة غير الكلام والمواقف التكتيكية الموقتة؟
هذا سؤال مطروح على الجنرال عون، كما انه مطروح على “المرشح المستتر” الذي يعده “حزب الله” لكي يتقدم لحظة سقوط ورقة عون!