IMLebanon

هل يفتح الحلّ العراقي أبواب بعبدا؟

الفواتير السعودية ـ الإيرانية تُدفع بين بغداد وبيروت

هل يفتح الحلّ العراقي أبواب بعبدا؟

«الدولة الإسلامية في العراق والشام» صارت أكثر من تنظيم. هي أقرب إلى دولة فعلاً، لا يعيق رفع علمها في الأمم المتحدة سوى القرار الحاسم أميركياً وإيرانياً بقطع جذورها العراقية. ولأن هذا القرار تنقصه الآلية التنفيذية، ما يزال «الداعشيون»، في أكثر من بلد، يعيشون نشوة الانتصار على الجيش العراقي. لبنان ليس استثناء. ما كان نائماً من الخلايا استيقظ مزهواً بـ«الثورة الداعشية»، التي لم يتردد نواب في البرلمان اللبناني من التهليل لها.

ما يجري في العراق له تداعيات حتمية على لبنان. ليس في الأمن فقط، إنما في السياسة. ولذلك، تنكب بعض الجهات على قراءة هذه التداعيات وتحليلها طبقاً للخيارات المطروحة لحل الأزمة في الساحة العراقية المترابطة عضوياً مع سوريا وإيران.

أثناء انتظارهم للحلول الإقليمية في السياسة، وجد اللبنانيون أنه لا مفر من التفاهم الأمني، بما يؤدي إلى عزل الوضع اللبناني قدر الإمكان عن محيطه. وبالفعل، بدأت سريعاً نتائج هذا التفاهم بالظهور: أنهيت ظاهرة الأسير، أوقف نزيف الدم في طرابلس، رفعت القوى الأمنية من مستوى التنسيق بينها لمحاربة الإرهاب في الداخل وحققت نجاحات عديدة كان آخرها إفشال مخطط زعزعة الأمن الأسبوع الماضي والذي تزامن مع المعركة التي يقودها الجيش اللبناني في الجرود العرسالية.

تبين في الملموس أن إحداث خروق في السياسة ليس أمراً بسيطاً. لم يبن أحد على التفاهمات الأمنية لتحويلها إلى تفاهمات سياسية تنهي حالات الشلل التي تنتقل من مؤسسة إلى أخرى، إذ فضلت الطبقة السياسية العيش في حالة انتظار أي إشارة خارجية، قد تنعكس داخلياً. وبالفعل، التقطت رادارات مسؤول سياسي معني إشارة آتية من الأثير العراقي. يرى المصدر أن ما وصله من معلومات عن مساعي حل الأزمة العراقية يعطي الأمل بإحداث خرق ما في لبنان، وتحديداً في موضوع الرئاسة.

ينقل المصدر عن رئيس جهاز أمني غربي قوله إن الأميركيين سيوجهون قريباً ضربات جوية لـ«داعش»، سيليها انفراج سياسي سريع: يتنازل الإيرانيون عن نوري المالكي ويساعدون في تشكيل حكومة وحدة وطنية يكون فيها دور أكبر للسنة، وتكون أولى مهامها استكمال المعركة ضد الإرهاب. هذا السيناريو قد لا يستوي مع تأكيدات إيران المستمرة بأن التخلي عن المالكي ليس وارداً، وبأن الأولوية هي لمواجهة «داعش» واحتواء ما يحصل. لكن في المقابل، فإن تنفيذ الضربة الأميركية قد يفتح الباب فعلياً أمام الإيرانيين للتأكيد أنهم لم يتراجعوا عن موقفهم، إذ أن انتقالهم إلى مرحلة الحل السياسي لم يكن على حساب أولوية الحسم العسكري.. أو انطلاقه على الأقل، بالتنسيق الكامل بين «البلدين العدوين».

أي حل سياسي يعطي مساحة أكبر لأطياف المعارضة العراقية، ستكون فيه مصلحة أكيدة للسعودية. فالرياض، ومنذ بداية الهجوم الداعشي، ركزت على تحميل المسؤولية للمالكي وحكومته، مقابل إيجاد التبريرات لـ«داعش». أكثر من ذلك، كان التحفظ السعودي واضحاً في رفض التدخل الأميركي في القتال. الأمير تركي الفيصل كان قال إن «تعاون أميركا وإيران لقتل الشعب العراقي (تعليقاً على احتمال محاربة «الحرس الثوري» والطيارات الأميركية من دون طيار لـ«داعش») هو أمر يفقد المرء صوابه». التقارير الغربية لم تجد حرجاً في الربط بين «داعش» والسعودية، التي اضطرت بعد فترة من الصمت والتبرير إلى تخفيف لهجتها الشامتة، عبر تصريح «متوازن» لوزير الخارجية سعود الفيصل.

بالنسبة للمسؤول اللبناني، فإن إراحة السعودية عراقياً سيفرض عليها تقديم إشارات حسن نية في ساحة أخرى. في الساحة السورية تبدو الأمور مغلقة حتى الآن. ما يعني أن أحداً من الأطراف المؤثرة ليس مستعداً للدخول في تفاهمات، حتى لو محدودة. يبقى لبنان. يتذكر المصدر أن ثمن الحكومة اللبنانية كان إفراج أميركا عن أصول إيرانية مجمدة وقطع غيار لطائرات «بوينغ» لديها. وثم يسأل: ماذا سيكون ثمن الحكومة العراقية؟ قبل أن يجيب بنفسه بأن الملف الأفضل الذي يملك فيه السعوديون أوراقاً حاسمة هو الملف الرئاسي.