IMLebanon

هل يقرر البطريرك إلغاء زيارته للقدس؟

 

عندما انتخب المطران بشارة الراعي بطريركا على كرسي إنطاكيا وسائر المشرق للموارنة، استبشر اللبنانيون خيرا بهذا القادم من الرهبنة.

لم تتأخر بوابات المدن والبلدات والقرى اللبنانية في رفع أقواس النصر والترحيب بالقادم الى كل ربوع الوطن، وكان الجنوب سباقاً بالاحتفاء ببطريرك «الشراكة والمحبة» لان قدومه الى ربوع الجنوب المقاوم طوى صفحة كانت المقاومة سباقة في طيها يوم التحرير عندما قدّمت نموذجاً في التعاطي مع الذين تورطوا بالتعامل مع العدو الإسرائيلي.

أحيط بطريرك الموارنة بإجماع وطني استثنائي.. مثلما لاقته الجاليات اللبنانية والعربية في الاغتراب، حيثما كان يحط، بالتحية.. الى أن اتخذ قراره بزيارة الاراضي الفلسطينية المحتلة، فوجد نفسه أسير انقسام وطني، وهو أمر سيتكرس أكثر فأكثر عندما يعود من القدس بطريركا لجزء من اللبنانيين لان الجزء الآخر لن يستطيع أن يمر مرور الكرام على رؤيته تحت حراب الاحتلال.

واللافت للانتباه بالنسبة الى بعض المقربين من بكركي ان الراعي أخفى هذه الرغبة بزيارة الأماكن المقدسة عن أقرب المقربين، حتى بدأت ترد المعلومات من حاضرة الفاتيكان منذ نحو شهرين بأن بطريرك الموارنة سيرافق البابا فرنسيس الى الاراضي المقدسة، وعلى الفور، جرت محاولات لإقناعه بالعدول عن قراره، لكنها باءت كلها بالفشل كما جرت محاولات مع السفارة الباباوية إلا انها لم توفق ايضا، وتبين ان هذا الامر يدور في ذهن البطريرك منذ زمن، وتحديدا عندما أعلن انه يريد الذهاب الى سوريا وجوبه بانتقادات وأدلى يومها بتصريح قال فيه «أنا أزور رعيتي أينما كانت»، غير ان أحدا لم يتوقع أن تكون الاراضي المحتلة من ضمن هذه الزيارات.

حتى الآن، ثبت أن ليس بمقدور أحد أن يغير حرفا في ما يقرره الراعي، علما أن البابا فرنسيس لم يطلب منه أن يرافقه، إذ تبين أن هذه الفكرة بطريركية لبنانية بامتياز، علما أن نظرية البابا الحالي هي الحوار بين اليهود والمسلمين والمسيحيين وبسط السلام وهو ايضا لا يقول للبطريرك لا تذهب، «والخطير أن هناك ترتيبات اسرائيلية كاملة للاستقبال، والبطريرك مواطن لبناني حتى لو دخل بجواز فاتيكاني، ولكن هناك من يقلل من خطورة هذا الأمر على قاعدة أن القادة الروحيين في لبنان فوق القانون والدولة» يقول المواكبون للزيارة.

ويكشف هؤلاء أن فكرة الراعي الأساسية «أن المسيحيين اذا لم يزوروا القدس ويحجوا اليها يكون ذلك بمثابة موت لهم، وعندما قيل له ماذا عن الاحتلال، كان رده لا دخل لي بالاحتلال أنا أريد فتح طريق بين المؤمن وأرضه المقدسة والمشكلة الاسرائيلية الفلسطينية قد تطول لمئة عام وأكثر، فهل أعزل المسيحي عن الارض المقدسة وأمنعه من زيارتها».

يصر الراعي على البعد الديني الرعوي على قاعدة أن لا دخل له بالسياسة، وانه يتكلم «دين» وهو سأل من راجعوه «اذا وقعت مكة لا سمح الله تحت الاحتلال، فهل يتوقف المسلمون عن الحج الى الكعبة الشريفة»؟

بالنسبة للمواكبين، فإن التوقيت ليس مناسبا، ففي 25 أيار تدخل الرئاسة الاولى في الشغور، وفي التاريخ نفسه يحتفل لبنان بعيد التحرير، لذلك هم يعوّلون على قرار مفاجئ يمكن أن يقدم عليه في اللحظة الأخيرة، إلا اذا قرر تذكير المعترضين بأن من لا تعجبه الزيارة «فليتوقف عن زيارتي في بكركي». ويقول الحريصون على بكركي وبينهم مقامات رسمية، إن إلغاء الزيارة المقرر أن تبدأ غدا «لو حصل، فهذا سيكون موقفا وطنيا تاريخيا كبيرا».

حتى الآن يبدو الراعي مقتنعا بأنه يجب أن يقوم بهذه الزيارة الى القدس وبيت لحم، «لأن هناك موارنة والبابا قادم لزيارة رعيتي وأنا كاردينال من المفروض ان أكون هناك».