IMLebanon

هل يمهد الحريري لسحب ورقة الرئاسة من المسيحيين؟

عون يخشى تقاطع مصالح خارجية على حسابه

هل يمهد الحريري لسحب ورقة الرئاسة من المسيحيين؟

تتواصل القراءات لما أسميت مبادرة الرئيس سعد الحريري. مبادرة هي اقرب لإعلان حسن نوايا في ظل توقيت ضبابي لبنانيا وإقليميا. فإذا استثنينا دعوته «حزب الله» إلى الانسحاب من الحرب السورية، فان كل ما قاله يلقى، من حيث المبدأ والشكل، إجماعا في الخطاب اللبناني. كرر الحريري الدعوة إلى انتخاب رئيس للجمھورية ثم تشكيل حكومة جديدة وإجراء الانتخابات النيابية وإسقاط التمديد للمجلس النيابي.

ليس سعد الحريري، مهما حسُنت نواياه، قادرا وسط كل التحديات والجنون المحيط بلبنان ان يبادر وحده لرسم طريق للخروج من الازمة الوطنية الشاملة. ليس فقط، بسبب حجم تدخل الدول وتقاطع مصالحها غير المحددة بعد، انما خصوصا بسبب تركيبة البلد وتوازناته الهشة ومعرفة قواه أن أوان التسوية لم يحن بعد. لذا قُرأت «مبادرة» حسن نوايا الحريري بـ«سوء نية» في بعض الاوساط المسيحية، وقد كان «اللقاء المسيحي ـ بيت عنيا» الاكثر تعبيرا عنها والاشد وضوحا في ذلك.

وبين هجوم «المتشددين» في «المستقبل» على ردود الفعل المنتقدة للمبادرة، وبين عدم حماسة «14 آذار» في الدفاع عن مضمونها، تعتبر بعض الاوساط المعتدلة في «المستقبل» ان كلام الحريري يبدو «افضل الممكن في ظروف شديدة التعقيد». وهي تستغرب «العدائية في فهم المقاصد وتحويرها وافتراض القراءة في النوايا».

يقر «المستقبليون» ان «مبادرة الحريري، كما اي مبادرة او طرح تحتاج الى بحث ونقاش وتطوير ووضع آليات وخريطة طريق لتنفيذها. وهذا ما دعا اليه الرجل. لم يقل هذه مبادرتي وهي مغلقة، فاما ان تنفذوها او انسحب، على طريقة ما يطرح بعضهم من حلول ومخارج. عرض عناوين ازماتنا وبعض عناوين الخروج منها. اما متن الحلول فيحتاج الى جهود الجميع ليكتبوها ويحددوها. لكن هذا لم يحصل، لان للبعض حسابات اخرى ومرجعيات خارجية لا بد من الأخذ برأيها ومراعاة جدول اعمالها».

الا ان سياسيا وسطيا تربطه علاقة جيدة بالحريري، يدعو الى التوقف عند مقاربة رئيس «تيار المستقبل» لموضوع رئاسة الجمهورية. فقد اكد الحريري مجددا احترام ارادة المسيحيين في هذا الاستحقاق، واضعا الكرة في ملعبهم، ومؤكدا انه يوافق،»سلفا ومن دون تحفظ»، على من يختارونه. لكن الحريري نفسه الذي يعرف ان المسيحيين لن يتفقوا على رئيس، يقول اننا «لا نستطيع ان نتفرج على تعطيل دائم للنصاب بحجة غياب التوافق المسيحي». فماذا يعني كلامه؟ أليس معناه الواضح ان على المسلمين اخذ المبادرة باتجاه التوافق على انتخاب رئيس؟ أليس تمهيدا لتقارب يتم العمل عليه، يجمع الحريري الى رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، ليبحثوا في التوافق على اسم الرئيس العتيد؟».

لا يستبعد السياسي نفسه ان يكون «العماد ميشال عون قد انزعج من هذا التلميح في الخطاب، معطوفا على استشعار بارقة تلاق دولي، فتخوف من تقاطع مصالح خارجية مع مساحة من التوافقات الداخلية، ليتم الاتيان برئيس تحت مسمى توافقي. عندها يصبح مفهوما رد فعل «اللقاء المسيحي»، والذي استكمله عون، أمس، ولو بنبرة هادئة.

يضيف السياسي ان «التحفظ القابل للفهم على مقاربة الحريري للموضوع الرئاسي، يصبح غير مفهوم على الاطلاق في التهجم عليه خصوصا على خلفية تمسكه بالمناصفة واتفاق الطائف. فهاتان نقطتان للحريري وليستا عليه. وعلى المغالين في الكلام عن حقوق المسيحيين ان يبنوا على المشترك والميثاقي في كلامه لا ان يحاولوا التذاكي حيث لا يجوز. خصوصا ان الحريري وتياره السياسي هم حصن الدفاع الاول ضد البيئات المتطرفة في الاوساط السنية وهذا ما حرص الحريري على تأكيده والدفاع عنه».