IMLebanon

هل ينسحب جعجع ولمن ؟

هل ينسحب جعجع ولمن ؟ وماذا وراء جولات الجميل؟ إجتماع ثان بين الحريري وباسيل : فك تحالف عون ــ حزب الله

تشير مجمل التطورات المرافقة للحركة السياسية الداخلية والخارجية،الى فشل كل المساعي الرامية الى انجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، اقله حتى الساعة، رغم الضغوط الممارسة على اكثر من طرف وفريق من اكثر من جهة، حيث بات الكثير من المعنيين يدعو علنا الى التكيف مع الفراغ الآتي، رغم «التسريبات الملغومة»، كما يصفها احد السفراء الغربيون، عن قرب حصول تفاهم دولي – اقليمي في اللحظة الحاسمة لتمرير انتخاب مرشح تسوية على قاعدة التماهي مع مناخ التسوية الاميركية – الايرانية المأمولة.

في هذا الاطار لم يحجب الحراك السياسي الرئاسي الداخلي ، اقله في حركته الظاهرة المتمثلة في الجولة الاستطلاعية للرئيس امين الجميل التي انطلقت من معراب، وخرقتها زيارة «الحكيم» الى بكركي ولقاؤه الكاردينال الراعي، وعقده خلوة مع البطريرك صفير، قبل ان يعلن من الصرح موقفا لافتا في توقيته ومكانه عن «شرطه» للانسحاب من المعركة الرئاسية، ملامح المأزق المتصاعد، الذي اوجب بحسب احد قياديي هذا الفريق الاعداد لاجتماع موسع غير علني للبحث في ما يتوجب اتخاذه من خطوات مع استنفاد ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية غايته.

فجولة الرئيس الجميل على القادة المسيحيين والموارنة تحديدا ، على ان تستكمل في اتجاه سائر القيادات، اعاد الاجماع الشكلي على ضرورة انتخاب رئيس قادر على مواجهة الاستحقاقات قبل 25 ايار، بحسب مصادر مسيحية مواكبة، مؤكدة ان مسعى الجميل الاخير جاء، نتيجة لمشاورات اجراها في الخارج وكلام سمعه من اكثر من مسؤول دولي، وبهدف ارساء قواعد التوافق الذي تسعى اليه دول الغرب قطعا للطريق على الفراغ ومخاطره الجسيمة، رغم إنّ الاستقرار خطّ أحمر لدى المجموعة الدولية، لأنّ أيّ فوضى أو فتنة مذهبيّة ستنطلق منه سترتدّ على الساحات العربيّة، خصوصا انه ليس بمقدور هذه الدول معالجة اي ازمة لبنانية مستجدة قد تنتج عن الفراغ، بسبب الانشغال بملفات المنطقة المشتعلة التي تحتل راهنا قائمة الاولويات.

مصادر كتائبية اكدت أن الحزب طرح على قوى 14 آذار إمكان ان يكون الرئيس الجميل مرشحها لجلسة الاربعاء الاخير قبل 25 ايار، بعد أن أن جرب جعجع حظه، املا في احداث اختراق ما، حيث استقر الرأي بين قيادات هذا الفريق على أن يُجري الجميل والنائب بطرس حرب اتصالات مع مختلف الفرقاء، واستكشاف مواقفهم لمعرفة مدى حظوظ كل منهما، مع اعلان رئيس حزب القوات اللبنانية استعداده لتاييد اي مرشح ياتي باصوات اكثر منه، وهو ما عبر عنه من بكركي.

في المقابل تبدو جلية ملامح التخبط لدى فريق الثامن من ايار، مع اخفاق مرشحه العتيد رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون في الحصول على تأييد «المستقبل»، في ظل كلام عن لقاء ثان سيعقد بين الوزير جبران باسيل، الموجود في باريس، والرئيس سعد الحريري، وبحسب اوساط هذا الفريق، ان مجمل الحراك الدولي والاقليمي يظهر بوضوح اتجاه ازمات المنطقة عموما نحو التفاوض وليس الى مزيد من التأزم والتفجير بدليل الاجتماعات السرية والعلنية التي تعقد على المستويين الاقليمي والدولي خصوصا بين الدول ذات التأثير في الملف اللبناني. من هنا، اشارت الى ان من غير المعقول ان تكون ملفات المنطقة ذاهبة في اتجاه التهدئة، في ما يسلك الوضع اللبناني المنحى المعاكس، مشيرة الى انه من وفر مقومات تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام وأرسى كل ظروف تطبيق الخطة الامنية في طرابلس والبقاع الشمالي لن يعجز حكما عن اشاحة الضبابية عن الاستحقاق الرئاسي وفرض التوافق على هوية من يقود السفينة خلال الاعوام الستة المقبلة الى حيث يتوق اللبنانيون، او اقله يحفظ التوازنات القائمة الى حين انقشاع الرؤية الاقليمية وارساء الحلول النهائية في الدول العربية التي تشهد نزاعات عسكرية وسياسية.

ومع ان شريحة واسعة من التيار الوطني الحر تعول على امكانات تتويج اللقاءات الثنائية مع «المستقبل» بتبني الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، فان مصادر «المستقبل» اكدت ان التيار يهدف من خلال التشاور والتواصل مع الفريق «العوني» الى محاولة لجم استمرار التغطية المسيحية لممارسات حزب الله الذي يدفع نحو الفراغ بقوة وصولا الى تحقيق هدفه المتمثل بعقد مؤتمر تأسيسي يؤمن له موقعا وازنا في المعادلة السياسية اللبنانية، واوضحت المصادر ان الحزب يستشعر بخطورة ما يحاك ويبدي امتعاضا من التواصل العوني- المستقبلي خشية تفلت عون من التزاماته وتحالفه معه، اذا ما تبين انه يمكن ان يحقق نسبة اعلى من المكتسبات السياسية بتحالفه مع الخصم.

مصادر مقربة من «حزب الله» استغربت ما يحكى عن أن موافقة الدول الغربية والمملكة العربية السعودية على انتخاب العماد عون رئيسا، مشروطة بفك تحالفه مع حزب الله ، مشيرة الى ان «الجنرال» أول المقتنعين بجدوى وضرورة وجود السلاح في هذه المرحلة، جازمة ان الحزب حسم موقفه بعد دخول أكثر من طرف اقليمي ودولي على خط المشاورات الرئاسية ما يهدد بنقل الطبخة الرئاسية كاملة الى أحد المطابخ الدولية، الا انه من الاكيد «لا رئيس من دون رائحة ولون»، وهو الموقف التي عبر عنه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد والذي جزم بأنّه لن يكون رئيس للبنان «إلا إذا كان على وفاق ووئام مع شعب المقاومة وخيار المقاومة»، في رسالة واضحة دون لف أو دوران، لكل من يعنيهم الامر.

رغم ان مواقف القوى الاساسية المعنية بالاستحقاق لم تخرج عن المألوف او تحقق خرقا يتوق اليه من يخشى الفراغ وتداعياته داخليا وخارجيا، الا ان الصحيح ايضا ان هذه المواقف بذاتها بدأت تحمل في بعض جوانبها بارقة أمل توحي بامكان الانتقال الى مرحلة الجدية المطلقة مع استشعار خطر الفراغ المتأتي من تعاطي بعض القوى السياسية مع الاستحقاق الاهم على المستوى الوطني بخفة ولا مسؤولية، حيث تتحدث مصادر مسيحية عن ورقة مستورة لمرشح التسوية، الذي سيفرض معه مرشحا مماثلا في رئاسة الحكومة خلافا لكل التسريبات، في زمن انتظار ما ستنتجه التسوية الاقليمية الدولية التي يبدو عرّابوها ناشطين.

فهل دخلت البلاد عمليا مدار المرحلة الثانية من خطة انتخاب رئيس جمهورية توافقي يكفل انتقال السلطة بهدوء ويمنع تسلل الفراغ الى الموقع المسيحي الاول؟ وهل ان الحراك المتجدد على المستوى القيادي المسيحي سينتج وفاقا، ولو مرحليا، فيحدث تقدما ايجابيا يوفر ظروف انتخاب الرئيس، وكيف ستنعكس مواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الداعية الى تحمل المسؤولية وعدم مقاطعة جلسات الانتخاب وهل سيستطيع الموارنة الاتفاق على ثوابت الاستحقاق بعدما نقض البعض اتفاقا لم يجف حبره بعد؟