IMLebanon

هل ينفد صبر بري وسلام.. على التعطيل؟

الميثاقية «موسمية».. يرفعها من أسقطها سابقاً

هل ينفد صبر بري وسلام.. على التعطيل؟

صبر تمام سلام يكاد ينفذ على تعطيل الحكومة، لم يدخر وسيلة الا واستخدمها لنزع العصي من «دواليب» حكومته، لكنه فشل. قرر ان يصبر قليلا بعد، لكنه لا يستطيع ان يسلـِّم بأنه اصبح رئيسا لحكومة لا معلقة ولا مطلقة.

ونبيه بري «صابر» على التعطيل المتعمّد لمجلس النواب، ورهانه على ان «يدب عقل الرحمن السياسي» في رؤوس المعطلين قبل ان تحين الساعة و«يبق البحصة» في وجوههم.

بكركي على رأس المعطلين ومعها مسيحيو «14 آذار» وصولا الى الرابية، وسلاحهم «الميثاقية»، وشعارهم: «من بعد رئاسة الجمهورية الطوفان.. فلا مجلس نيابي يشرّع ولا حكومة تمارس صلاحياتها العادية، ولا صلاحياتها الرئاسية الاستثنائية، حتى ولو كانت موروثة وفق المادة 62 من الدستور.

واللافت انه، برغم مخاطر وسلبيات المنحى التعطيلي، لا يضير بعض السياسيين والكنسيين ان اتهموا بمحاولة اخذ الحكومة والمجلس رهينة لقاء فدية سياسية رئاسية، ومشكلة هؤلاء انهم يهربون من حقيقة ان تعطيل المجلس والحكومة كحال اعرج يكسر رجله السليمة نكاية برجله العرجاء، وفي دولة يأكلها الصدأ في كل مفاصلها، وبالكاد تمشي.

هذا الزمن اللبناني المعطل يستولد سلسلة من الاسئلة:

يلحظ دستور الطائف حالات الشغور الرئاسي في المادة 62 التي تحكم تلك الحالات، فلماذا الاصرار على تجاوز النص الدستوري، وهل صار الدستور غب الطلب وتفسر مواده وفق ما يلائم كل طرف ومصلحته؟

هل «الميثاقية» مفقودة فعلا؟ وهل «الميثاقية» مبدأ دائم ام انها موسمية، و لماذا لم يُرفع لواؤها بعد انتهاء ولاية اميل لحود، وبكركي آنذاك كانت الصامت الاكبر؟

لماذا لم تمنع هذه الميثاقية حكومة فؤاد السنيورة من الانعقاد بعد عهد اميل لحود في ظل الشغور الرئاسي وممارسة صلاحياتها الحكومية والرئاسية واتخاذ القرارات؟ ألم يكن رافعو لواء الميثاقية اليوم من «كتائب» و«قوات» وسائر مسيحيي «14 آذار» ممثلين في تلك الحكومة؟ فلماذا يبكون اليوم على ما لم يحركوا ساكنا حياله من قبل؟

ألم يخرج مكون اساسي من حكومة السنيورة آنذاك، من دون أن يرفع المتباكون على الميثاقية الصوت في حينه، أو يعترضوا على انعقادها، ام انهم ضربوا الميثاقية عرض الحائط واستمروا في الحكم واتخذوا قرارات جرت على البلد الخطر والانقسامات؟

هل ان مجلس النواب والحكومة هما المسؤولان عن منع انتخاب رئيس الجمهورية؟ أليست الاسباب في جانب منها خارجية، وفي جانبها الآخر مرتبطة بتناقضات ونكايات بين القيادات السياسية المارونية، وبفتور في العلاقة بين تلك القيادات وبكركي، وبعدم القدرة على حسم الامور واستحالة الاتفاق على مرشح؟ لماذا لماذا يتم الهروب من «ازمة داخلية» الى التعطيل ومحاولة تصديرها الى المكونات اللبنانية الاخرى وإلقاء المسؤولية على الآخرين، وتكبير الأزمة الى حد قد لا يصبح في الامكان التقاطها والتحكم بها؟

لقد احدثت دعوة البطريرك بشارة الراعي النواب الى عدم التشريع صدمة في أجواء مجلس النواب. تلك السابقة الاولى من نوعها، يدرجها معنيون في سياق التصويب المستمر من قبل الراعي على البرلمان، وكأن مسؤولية تعطيل الاستحقاق الرئاسي تقع على النواب. وما يحيّر هؤلاء «اصرار الراعي على استهداف المجلس، وهو العالم ان كرة التعطيل ليست في البرلمان؟ وفي سياق هذا التصويب يقرأ المعنيون محاولات استفزاز لرئيس المجلس، تارة بدعوته لعقد جلسات انتخابية بحسب مواقيتهم متخطين بذلك حقه الدستوري الحصري في تحديد مواعيدها، وتارة ثانية بتحميل المجلس مسؤولية الفراغ الرئاسي، وتارة ثالثة بدعوة بري لعقد جلسات يومية لانتخاب الرئيس. ولنفرض انه عقدت جلسات يومية وبلا اية نتيجة، افلا تقلل تلك الجلسات الفاشلة من هيبة المجلس وهيبة رئيس الجمهورية في آن معا؟ وتارة رابعة بالدعوة الى عدم التشريع؟

أن يقول الراعي للنواب لا تشرعوا، والكلام للمعنيين، فمعنى ذلك انه يدعو صراحة الى تعطيل المجلس، وتلك دعوة يمكن تفسيرها على انها دعوة الى عصيان نيابي ضد دعوات رئاسة المجلس للجلسات التشريعية، وهنا تكمن الخطورة!

هناك من يسجل لبري افشاله محاولات استدراجه الى بهلوانيات سياسية ودستورية، بتجاهله وبتقيده بالنص الدستوري الذي يحكم دور المجلس وموقعه وصلاحيات الرئاسة، وهناك ايضا من يضع في يد البطريرك الاسئلة التالية:

هل ان دعوته النواب الى عدم التشريع، معناها انه ضد تسيير شؤون الناس والدولة، وانه ضد اقرار سلسلة الرتب والرواتب للموظفين من كل الطوائف في لبنان، وانه ضد اقرار الموازنة العامة لبلد بلا موازنة منذ تسع سنوات، وانه ضد اقرار قانون جديد للانتخاب، وانه مع الابقاء على قانون الستين المرفوض من اكثر من نصف اللبنانيين؟ وهل ثمة من يضمن ان تجري الانتخابات على اساسه؟ وماذا لو تعذر ذلك، فهل البطريرك مع التمديد للمجلس؟ ولنفرض أن بقي قانون الستين وتعذر الانتخاب وتعذر التمديد فإلى اين سيذهب البلد في هذه الحالة؟ وهل تبقى جمهورية ورئاسة جمهورية؟