IMLebanon

هل يوحّد «داعش» المتمرّدين على «القوات»؟

ربما يخدم «داعش»، من حيث لا يدري، المسيحيين. فالخطر الذي يشكله تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» بفرضه على كل «آخر» مبايعة خليفته ابو بكر البغدادي او مصيره الموت او دفع الجزية، قد يمثل «المصيبة التي تجمع». ربما ليس على مستوى القوى المسيحية المختلفة، ولكن على الاقل لدى المكونات المسيحية التي ولدت في الحرب وحملت السلاح «دفاعا عن لبنان ضد اي غريب». «القــوات اللبنانيــة»، واليوم «قدامى القوات»، «جبــهة الحرية»، «التجمع من اجل لبنان»، «لبنان الرسالة»، «لبنان الكيان»، «التنظيم»… كل هذه المكونات «الميليشياوية» سابقا، والسيــاسية اليوم، خرجت من رحم «القــوات اللبنانية». فرّقها زمن السلم عن الجبهات، فهل يعــيدها اليها «خليفة المسلمين»؟

«الوحدة مسألة أشهر، لا بل أقل من ذلك، اذا كان الخطر داهما»، يجزم قائد «الحركة التصحيحية» في «القوات اللبنانية» حنا عتيق. «فالتواصل بيننا دائم، وقرار الوحدة لن يتأخــر في مواجــهة الخطر من اي جهة أتى». يرى «الحنون» ان «لبنان في قلب العاصفة وهذه المرحلة هي أخطر من حرب السنتين، وبالوحدة فقط يمكن للمسيحيين ان ينجوا ويدافعوا عن انفسهم». لا تملك هذه القوى السلاح، لكنها تضع نفسها وخبراتها في تصرف الجيش اللبنــاني والقوى الامنية، وان كان كل شيء واردا: «صحيح انه عام 1990 تم حل الميليشيات، ولكن اذا داهمنا الخطر فلكل حادث حديث. لن ننتظر ان يدعس أحد على رأس المسيحيين».

في الحسابات «الداعشية» المسألة لا تقتصر فقط على المسيحيين. «فالآخر» هو «العدو» الواجب ترويضه او ابادته. ناهيك عن ان فريق «14 آذار»، في شقه المسيحي تحــديدا، يؤمـــن بأن «داعش» ما كان فكر بطرق الباب اللبـــناني لولا مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية. يعلق عتيق: «لو كنا في ايام بشـــير الجمــيل لكــنا نحارب اليوم في معلــولا وصيدنايا. اما نــكون شريكــا حقيقيا في لبنان او لا نكــون. نحن في الحرب دافعنا عن كل لبنان، بصــرف النظر، اذا أخطــأنا ام لا. وما يقوم به حــزب الله اليــوم شكل حــربا استباقية، وربما قد يكون تأخر في المشاركة في سوريا».

في دحض فكرة «التبرير الآذاري» لمخططات «داعش»، يتحدث عن رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي متسائلا: «هل كان يحارب في سوريا حتى غزاه داعش؟». ويخلص الى القول بأن «المستهدف الاساس من الخلافة الاسلامية البغدادية هم المسيحيون». ودائما الحرب اللبنانية حاضرة: «هذا المخطط بدأ في لبنان منذ عام 1975 ولكن باسماء مختلفة، وهو يعود الى زمن المماليك. انها حركات اصولية تحمل اليوم اسم داعش والنصرة وما لف لفيفهما، دخلت حينها في المنظمــات الفلســطينية وحاربت الوجود المسيحي. لم نشعر يوما كمســيحيين بالامان في هذا الشرق، وكأنه مكتوب علينا ان ندفع ضريبة وجودنا هنا». وهل تحاربون اليوم باللحم الحي؟ يجيب: «في حرب السنتين كان عددنا كشباب مندفع لا يتجــاوز اصــابع اليد الواحــدة. ببنــادق الصيد بدأنا بالدفاع عن أنفسنا وبلدنا. واليوم لا نريد اخافة أحد، ولكننا لن نسلم أرضنا لأحد».

«الحنون» يطلب من الاجهزة الامنية المزيد من ضبط الوضع في ظل الفلتان الامني الحاصل. لكنه يثمن عاليا الخـطوة الاستبــاقية للجيش والقوى الامنية في مداهمــة اماكن الارهابيين ولو على حساب دفعهم فواتير دم انقذت الكثير من اللبنانيين. تهديدات البغدادي في «تحرير أسرى داعش» من سجن رومية لا تبدو من خيال. فالمناطق الاكثر قبولا لانتــشار داعــش، برأيه، هي طرابلس والبقاع ومخيمات اللاجئين الفلــسطينيين وخيم النازحيــن السوريين… يقول: «كـــل ما يـــقال فوق العادة هو كــلام تهويلي، ومن هنـــا أهمية إقفال القلمون والزارة امام هؤلاء. ولولا انتعاش داعش في العراق لكــانت صيفيتنا داعشية بامتياز».

«الحركة التصحيحية في القوات اللبنانية» تعتبر نفسها الاكثر نموا بين شقيقاتها والاسرع تطورا وتنظيما وتــضم منتسبين بالآلاف. لديها 14 مكتبا في لبنان بين كسروان والمتن والاشرفية وبعبدا وزحلة. تفخر بأن الوقت يبرهن صحة خياراتها عندما تستقبل 122 طلب انتساب لـ«قواتيين» سحــبوا انتساباتهم من معراب الشهر الماضي وطرقوا باب الحركة. تفخر ايضا بأنها ترفع علم القوات ولو على حساب دعاوى قضائية يرفعها ضدها «حكيم» معراب. تعتبر الحركة ان «داعش» أجبرها على استعادة شعارات امس لليوم فيقول عتيق بلهجة التهديد: «اذا تمكنوا من اخذ دمائنــا فليأخذوا الجزية لدولتهم».