يَعمل زَعيم «التيار الوطني الحرّ» النائب ميشال عون على ترتيب بيته الداخلي، لتأمين الأرضية المريحة لإنتقال السلطة الى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لكي لا تشتعل الإنتفاضات في وجه الزعيم المستقبلي للتيار.
يعيش التيار العوني وضعاً دقيقاً، إذ تعلو أصوات معترضة على عملية الإنتقال المفترَضة للسلطة داخله، خصوصاً بعد دخول شخصيات منافسة على خطّ القيادة، لا تمتّ بصلة الى تاريخ التيار النضالي أو ثقافته، ما دفع عدداً كبيراً من الكوادر التي تؤمن بالنهج الإستقلالي الذي نشأ على أساسه التيار الى مغادرته.
وفي خضمّ هذه المعركة، والمنافسة والحرب التي تُخاض على باسيل، ووسط إنسداد الأفق الرئاسي أمام عون بعد فشل الحوار مع تيار «المستقبل» وعدم إستعجال القوى الخارجية إنتخابَ رئيس أو إعتبار عون الرجل المناسب لهذه المرحلة، يُروّج التيار بين مناصريه وعلى الساحة السياسية، فكرة أنّ عون إذا قرَّر تسمية مرشّح آخر للرئاسة سواه، سيُسمّي باسيل وليس رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وذلك لإعتبارات سياسيّة وتمثيليّة عدّة.
وفي التفاصيل، يقول مناصرو باسيل في إطار الحرب المضادّة التي يشنّها وزير الخارجية على معارضيه داخل التيار وخارجه، إنّ «عون هو مَن سيطرح الإسم البديل»، وهو يَعتبر أن «باسيل خاضَ تجربة ناجحة في الحكم منذ حكومة الـ2008»، وقد أثبت جدارته في كل الحقائب التي تولّاها، مثل الإتصالات والطاقة والمياه والنفط، ووزارة الخارجية حالياً، وكوّن فكرة واضحة عن طريقة الحكم ونسج شبكة علاقات دولية، متّنها بعد توليه حقيبة الخارجية والمغتربين، وقد عطّل الجنرال تأليف حكومات 2008 و2009 و2011 لتوزيره، لذلك، من غير المستبعد تسميته كمرشح بديل.
الى ذلك، تؤكد مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» أنّ «مرشح الرئاسة حالياً هو عون فقط، ولا نقبل البحث في أيّ بديل، وما دام الجنرال لم يخرج بموقف علني، فلا شيء رسمياً، وكلّ ما يقال هو «ضرب في الرمل» حتى لو صدر من عناصر في التيار»، معتبرة أنّ «الوضع الرئاسي يراوح مكانه بسبب عدم إقتناع الفريق الآخر بإعطاء الحقوق لأصحابها وعناده في الرئاسة».
وتلفت المصادر الى أنّ «الخيار الآن ليس بين فرنجية وباسيل أو بين فرنجية وأيّ شخص آخر، بل هو على مبدأ إحترام الرأي العام المسيحي وتمثيله، ومَن لم يقبل بالجنرال عون رئيساً لن يقبل بفرنجية الذي له ارتباطات أكثر بالمحاور الإقليمية التي يعادونها، بينما نحن انفتحنا على كل القوى السياسية، وحتى الساعة كلّ ما يُقال هو همس وفقاقيع هواء طالما أنّ الجنرال لم يخرج بموقف واضح».
وتدعو المصادر، الفريق الآخر الى «التفكير بعقلانية والعمل سوياً لإنقاذ البلد مما يحصل خصوصاً بعد تمدّد الخطر الداعشي ورؤية ماذا حصل في عرسال من محاولة يائسة للجماعات التكفيرية إقامة دويلة إسلامية على أرض لبنان».
لكن في المقابل، تؤكد مصادر التيار أنّ «باسيل خيار رئاسي أوّل بالنسبة إلينا بعد عون وهو الأوفر حظّاً، لكن علينا أن نراقب تطوّر الملفات الداخلية والإقليمية وإتجاه حروب المنطقة والحلول، ولن نُقدم على أيّ خطوة قد تحرق إسماً جديداً يعوّل عليه التيار ويمثّل المستقبل السياسي له».
حتّى لو لم يَطرح عون باسيل خياراً رئاسياً ثانياً، إلّا أنّ «14 آذار» تتخوّف أيضاً من أن يلجأ عون الى تسميته في حال قرَّر طرح البديل، في إطار عرقلة الإستحقاق الرئاسي مجدّداً، حيث تعتبر أنّ «ترشيح باسيل هو بمثابة قنبلة ترمى في وجهنا ووجه الإستحقاق الرئاسي وعندها يقول عون «لقد تنحّيت ولا تستطيعون تحميلي مسؤولية عرقلة الإستحقاق، وتكتل «التغيير والإصلاح» بصفته أكبر تكتل مسيحي قد سمّى مرشحه».