لا تزال قضية الحجاب في مدرسة الـ»sabis» العلمانية في أدما تتفاعل، خصوصاً بعد قرار إدارة المدرسة الأخير منع وضع الصليب، في وقت سمَحت بارتداء الحجاب.
القصة لم تنتهِ حتى الساعة، إنّما بدأت تتفاقم خصوصاً مع تضييق الإدارة على التلامذة في الاسابيع الثلاثة الاخيرة، تضييقٌ وصل الى حدّ قول أحد الاهالي لـ»الجمهورية»: «إذا شاهدوا أحدهم يرسم اشارة الصليب على وجهه يجنّ جنونهم، وما يقومون به اليوم لم يقوموا به منذ 7 أعوام».
تعود القضية الى إثنين الرماد في 03/03/2014، عندما منعت إدارة مدرسة الكورة التلاميذ من دخول الصف وعلامة الصليب على جبينهم، ولكنها سمحت في الوقت عينه بالحجاب، وأبلغت الأهالي بقرار مفاجئ وعن طريق الـSMS، بضرورة مراجعة القواعد والأنظمة الجديدة التي وضعتها المدرسة على موقعها الإلكتروني، خصوصاً لناحية تأكيد الادارة أنّ إظهار أيّ علامة دينية أو سياسية ممنوعة لتستطرد أنّ الفريضة الدينية مقبولة.
وبعدما توجّه وفدٌ من أهالي المدرسة إلى بكركي شارحين للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلفيات القضية، أوكَل الراعي الملف إلى النائب البطريركي العام المطران بولس الصياح الذي يتابعه عن كثب. وفي 6 حزيران الماضي التقى وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب المطران أنطوان نبيل العنداري ووفداً من الأهالي في أدما، وعلمت «الجمهورية» من أحد المشاركين أنّ بو صعب قال «إنّ القرار الذي سيّتخذه سيطبق على كلّ المدارس وليس على «sabis» فقط»، طالباً من الاهالي عدم مواجهة ادارة المدرسة وعدم زعزعة علاقتهم بها، «فإمّا أن توافقوا على قوانين المدرسة أو تلتزموا الصمت في انتظار قرار الوزير».
وقال المصدر إنّ بو صعب أوضح أنّ قراره «ينطلق من منطلق تربوي بحت. فاحترام حرية التعليم أمر أساسي ومبدئي في لبنان إضافة الى عدم التدخل في شؤون المدارس الخاصة، ويجب ممارسة الحرية في ظلّ الحفاظ على النظام العام وعدم المساس به، والنظام العام يتجسّد في الدستور وينصّ على احترام حرية المعتقد باختلاف الطوائف والمذاهب المعترَف بها في لبنان». وأوضح بو صعب حسب المصدر أنّ «الحجاب او الصليب شكل من اشكال الإيمان والتعبير عن المعتقد الذي ينتمي اليه الفرد، وبالتالي ايّ قرار يمنع التعبير عن المعتقد يُعتبر مساساً بهذه الحرية ويخالف النظام العام اللبناني، وكوزير يتوجّب عليّ الحفاظ على الدستور والنظام العام انطلاقاً من مسؤولياتي السياسية، وأن آخذ التدابير اللازمة للحفاظ على الحرية الدينية وتأمين المساواة بين المعتقدات الدينية كافة».
ولفت بو صعب بحسب المصدر الى أنّ «مجلس شورى الدولة في فرنسا والمجلس الدستوري إعتبرا أنّ الحجاب والصليب «سواسية»، ومظهر من مظاهر المعتقدات الدينية ولم يفرّقا بينهما، ولم يمنعا الحجاب في فرنسا إلّا بعد اصدار قانون عام 2004 منعوا فيه المظاهر الدينية في المدارس. أما في لبنان فليس هناك قانون يمنع المظاهر الدينية»، معتبراً أنّ «هناك خياراً من اثنين اما معاملة الحجاب والصليب سواسية، فيسمح بهما أو يمنعا كلاهما، أو الفرض على المدارس عدم منع الحجاب والصليب لأنّ هناك حرية معتقد، وهذا الامر قيد الدرس وسآخذ قراراً من الخيارَين».
وأوضح بو صعب ودائماً بحسب المصدر، أنّ «المدرسة نيّتها جيدة ولكنها أخطأت في طريقة تعاطيها، وبالتالي فهي ليست مع الحجاب ضدّ الصليب، وأنا اتفهمهم على اعتبار أنّهم علمانيون ولا يريدون مظاهر تعصّب في المجتمع. لكن إذا لم يستطيعوا منعَ الحجاب فلن نقبل بمنع الصليب».
من جهة أخرى، علمت «الجمهورية» من المصادر نفسها أنّ بو صعب «أرسل تعميماً الى بكركي، يذكّر فيه بالمادة 9 التي تنصّ على حرية المعتقد ويطلب من كل المعاهد والمدارس الخاصة التزام هذه المادة وعدم وضع أنظمة خاصة لها تمس بالقانون العام»، وقد وافقت بكركي وفق المصادر على التعميم في انتظار توقيع بو صعب ليُرسَل لاحقاً الى مدرسة الـsabis.
وفي اتصال مع «الجمهورية»، كشف بو صعب أنه لا يزال «يدرس التعميم وعندما انتهي من درسه قانونياً سأعمّمه»، لافتاً الى أنّ «القرار جاهز لكن أنتظر الدراسات القانونية لتفادي ردود الفعل في اماكن مختلفة».
وعن إطلاع بكركي على القرار، قال بو صعب: «هذا ليس شرطاً والقرار يتّخذه الوزير وعندها يتشاور مع الافرقاء»، مضيفاً: «أعرف وجهة نظر بكركي ووجهة نظر القيادات الروحية، لكن لا وقت محدداً لإصدار القرار».
في المحصلة، يتخوّف الأهالي من المماطلة، خصوصاً أنهم لا يعرفون أسبابها خصوصاً «إذا كان الهدف منها طمس القضية وإغلاق الملف الى غير رجعة»… فهل يصحّ تخوّفهم؟