IMLebanon

هم المخطوفون …

السؤال المطروح حالياً هو ما الحل لقضية العسكريين المخطوفين، وخصوصاً، بعد استشهاد الجندي عباس مدلج؟ ومَن الثالث في سلسلة إعدامات “داعش”: هل للدولة ان تفاوض الارهابيين أو لديها حلول أخرى لاسترداد ابنائها المخطوفين والمهددين في حياتهم كل يوم؟

صحيح ان دولتنا ضعيفة، ولا علاقة للأمر بحكومة تمام سلام او غيره، اذ ان البنية الاساسية غير قابلة للتحول دولة قوية، لكن علينا في كل حال ان نُفهم الجهة الخاطفة أن في لبنان أكثر من مليون ونصف مليون سوري لاجئ، وان تعدياتهم يمكن ان تضع حياة كل اللاجئين في خطر. وهذه ليست دعوة الى الانتقام بالقتل، بقدر ما هي تخوف من ردود فعل غير محسوبة وغير عقلانية. والامر الثاني يتعلق بالسجناء الاسلاميين الذين يراد إطلاقهم من سجن رومية، فهل ذبح العسكريين يمكن ان يساعد في تحقيق الهدف المنشود، أم انه يدفع الى مزيد من التصلب، وربما الى اعمال انتقامية قد تطيح الاسلاميين معهم في السجن؟

دولتنا ليست ضعيفة بالقدر الذي تظهره، ويجب ألا تضعف أمام منظمة إرهابية، مع التشديد على ألا تخاطر بحياة العسكريين لأنهم أبناؤها والمدافعون عنها في الخطوط الامامية حيث خطفوا.

المفاوض القوي يدرك ما يملك من اوراق قوة ولا يتردد أو يخاف، والحكومة المسؤولة يمكن ان تقبل بتنازلات كبيرة من أجل حفظ كرامة ابنائها المخطوفين بالجسد، والمخطوفين بالروح وهم كل الشعب اللبناني.

لقد شاهدنا مراراً اسرائيل تبادل جثة أحد عسكرييها بمئات الاسرى الفلسطينيين لديها، وبعض اللبنانيين، وعلى رغم اقتناعنا بأن اسرائيل دولة عدوة، لكنها تدفعنا مراراً الى تقدير خطواتها، لأنها تشعر المواطن عندها، بأن له قيمته الانسانية، المبتورة عندنا وفي معظم دنيا العرب. وهذا هو الفارق، بين من يحترم شعبه، ومن يعامل رعاياه كأرقام او كأيادٍ تصفق.

إن إطلاق سجناء غير محكومين بسبب بطء المحاكمات في لبنان ليس ضعفاً، بل علامة قوة، لان التمسك، بجندي لبناني يساوي عشرات الموقوفين، شرط ان يصدّرهم “داعش” الى خارج لبنان، فلا نصير مجدداً مركز إيواء للارهابيين، ونعتاد اعفاء المجرمين فيعيثوا في البلاد فساداً متكرراً.

إن حياة الناس وأرواحهم أغلى ما يجب المحافظة عليه، ولا دولة ترقى الى مكانة الدول وتحافظ على هيبتها واحترامها، اذا لم تحفظ كرامة ابنائها وحياتهم، وهي الأغلى.

لبنان ليس حلقة ضعيفة، بل “داعش” و “النصرة”، لأنها حالات عرضية لا يمكن ان تستمر، والبقاء للدول والمؤسسات والجيش اللبناني. والمؤسسات الأمنية ليست مخطوفة، بل ان الارهابيين هم المخطوفون ويخطفون معهم الملايين نحو مستقبل مظلم، لا مكان فيه للعلم والانفتاح والتعدد والفكر والفنون. هم المخطوفون الى المجهول.