هولاند يلتقي الحريري والراعي لدعم «التفاهم على تجنب الفراغ الرئاسي»
النصاب يعود إلى الواجهة بعد 7 أيار .. و«حزب الله» يدافع عن تعطيل الجلسة-2
تستريح السياسة في الاول من ايار، لكن التحضير للجلسة رقم 3 في 7 أيار (وهو يوم مشؤوم في الذاكرة السياسية اللبنانية) لم يدخل في اجازة عيد العمال، لان العاملين على الخط الرئاسي ماضون في اعداد ترتيبات الاوراق لما بعد الجلسة الثالثة، حيث من المتوقع ان تتغير آليات الجلسات، فضلاً عن توليد اجتهادات دستورية جديدة تعيد النقاش الى مرحلة ما قبل الجلسة الاولى، والمسألة تتصل اساساً ليس بنصاب الجلسات، بل بنصاب الـ65 نائباً المفترض ان يناله المرشح للرئاسة الاولى ليعلن فوزه، وعما اذا كانت الدورة الثانية امتداداً للدورة الاولى وكيف سيتم اعتبارها على هذا النحو او ذاك.
وبانتظار وضع اللمسات على هذا «الفخ الدستوري» تدور رحى الاتصالات سواء المباشرة او عبر الهاتف، من العاصمة الفرنسية التي يحاول رئيسها فرنسوا هولاند الدخول على خط الاستحقاق الرئاسي من زاويتين: دعم جهود العاملين على منع الفراغ، وتقريب المواقف للتفاهم على مرشح مقبول من الجميع.
وفي الوقت الذي كانت فيه بيروت واروقة مجلس النواب تبحث عن وقائع ثابتة ودقيقة لما آلت اليه محادثات الوزير جبران باسيل مع الرئيس سعد الحريري وفريقه خارج ما هو متداول في العلن، انصب الاهتمام ايضاً «على معرفة ما دار في الخلوة بين الرئيس الحريري والبطريرك الماروني بشارة الراعي، واستمرت ساعة، على الرغم من ان المكتب الاعلامي للرئيس الحريري اشار بوضوح الى انها تركزت بصورة خاصة على الاستحقاق الرئاسي.
وخلال اللقاء، اكد الرئيس الحريري رفضه المطلق لحصول الفراغ في منصب الرئاسة الاولى، مشدداً على ضرورة تضافر الجهود المطلوبة بين جميع اللبنانيين لاجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري. واشار البطريرك قائلاً: «اذا كان صحيحاً ما تؤكده كل القوى السياسية من رفضها للفراغ وحرصها على اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، فهذا يعني ان ينجز الاستحقاق الرئاسي وانه بإمكان لبنان واللبنانيين تفادي الوقوع بالفراغ».
وشارك في اللقاء الذي سبق الخلوة مطران باريس للموارنة المونسنيور مارون ناصر الجميل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري ومدير مكتب الاعلام والبروتوكول في البطريركية المارونية وليد غياض.
وفيما تولى وزير التربية الياس بو صعب اطلاع الرئيس نبيه بري على ما دار في اللقاء والغداء المطولين بين الحريري وباسيل، اجرى الرئيس الحريري اتصالاً بالرئيس امين الجميل اطلعه فيه على اجواء لقائه الوزير باسيل في باريس، وكانت مناسبة لمناقشة الوضع الراهن من مختلف جوانبه.
وفي السياق الباريسي، افاد مصدر اشتراكي ان الاتصال بين هولاند والنائب وليد جنبلاط تركز على اهمية حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، وان يكون مدخلاً لمزيد من الاستقرار والتفاهم بين اللبنانيين.
وفي حين رفض المصدر ان يضيف اكثر على البيان الذي اصدره، علمت «اللواء» ان فرنسا دخلت على خط مساعي تفادي الفراغ الرئاسي، وان اتصال هولاند بجنبلاط جاء بمثابة تمهيد للقاء الرئيس الحريري والبطريرك الراعي لاحقاً، وربما أيضاً جنبلاط لاستطلاع آلية معينة تجنّب لبنان تأخير الانتخابات الرئاسية، إلى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 أيار الحالي.
برّي والمحضر
في المعلومات المعلنة والمستترة أن نقاشات تدور حول الأوراق الخفية التي يمكن ان تلعب إذا ما أيقن الفريق العوني أن الحوار الذي يجريه مع تيّار المستقبل لن يأتي بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولا سيما أن «التخريجة» التي خرج بها وزير الداخلية نهاد المشنوق تميز بين الحوار كمسؤولية وطنية ورئاسة الجمهورية التي لا تعني هذين الطرفين حصراً.
وجزم المشنوق بأن هذا الأمر (الحوار) لا يعني أن هناك اتفاقاً على موضوع الرئاسة، معتبراً أن الرئاسة في لبنان ليست مسألة عددية من خلال عدد الأصوات، بل هي تمثيل لكل المسيحيين والمسلمين ولكل اللبنانيين.
ومن بين هذه الأوراق مسألة العودة مجدداً إلى قضية النصاب، والى قضية ختم المحضر أو ابقائه مفتوحاً، والمتعلقة بالنصاب أيضاً.
وبتفصيل أدق، فان ما أعلنه الرئيس برّي عندما سزله النائب سامي الجميل إذا ما كانت الدورة الثانية من الانتخابات في أي جلسة من الجلسات التي عقدت أو ستعقد بعد الجلسة الأولى التي بدأت في 23 نيسان الماضي، تحتاج إلى 65 نائباً للفوز أم أن نصاب الـ86 لكل جلسة سيظل قائماً، وان الفوز يحتاج فقط إلى 65 في أي دورة من الدورات التي تلي.
وقتها أجاب الرئيس برّي أن الفوز يحتاج الى 65 نائباً والنصاب إلى 86 نائباً. والسؤال المطروح: ما صلة جواب الرئيس برّي بختم المحضر أو ابقائه مفتوحاً؟
هنا تجيب المصادر النيابية أن بقاء المحضر مفتوحا يعنيً ان الدورة الثانية تحتاج فقط إلى الأغلبية المطلقة أي النصف زائداً واحداً، في حين أن ختم المحضر يعني أن كل جلسة تنفي سابقتها وتعتبر جلسة أولى لجهة النصاب والفوز بالانتخاب.
وتضيف المصادر أن جدلاً سيندلع حول هذه النقطة، فضلاً عن أن أحد رجال الدستور، وهو النائب السابق صلاح حنين اعتبر أن النصاب جائز بـ65 نائباً فقط، مما اثار استهجان نواب في 8 آذار.
مشاورات نيابية
ومهما يكن من أمر، فان اللافت والذي برز في أعقاب تطيير نصاب الجلسة الثانية أمس، هو حركة المشاورات التي أجراها الرئيس بري من مكتبه في ساحة النجمة حيث التقى عدداً من القيادات السياسية، أبرزها الرئيسان تمام سلام
وفؤاد السنيورة، والنائب جنبلاط الذي حضر ومعه الوزير وائل أبو فاعور العائد لتوّه من السعودية، والذي أكد لـ «اللواء» أن «القيادات السعودية التي التقاها أبلغته موقفاً إيجابياً في شأن التوافق اللبناني على مرشح للرئاسة، كما أن اللقاء مع الرئيس الحريري كان جيداً، وتمكّنا من وضع النقاط على السكة معه».
ونقلت مصادر نيابية تسنّى لها الاطلاع على بعض جوانب اللقاءات التي انعقدت كذلك في أروقة المجلس، عن الرئيس بري تأكيده بأنه سيستمر في محاولاته لتأمين النصاب للجلسات المقبلة، بحيث تكون مؤشراً الى انتخاب رئيس، لكن لم يتكوّن لديه انطباع بعد بأن الأمور ستكون واضحة في وقت قريب، وهو حيال ذلك سيسعى بعد السابع من أيار الى تغيير القاعدة التي اتبعها، بحيث سيدعو الى جلسات متتالية تترافق مع مساعي تقريب المسافات بين الأطراف السياسية للوصول الى رئيس يتم التفاهم عليه من الجميع.
وعكست المصادر النيابية صورة قاتمة حول الاستحقاق الرئاسي عندما رأت أنه بات متعذراً انتخاب الرئيس بإرادة لبنانية، وأن المعطيات تؤكد أن السبيل الى ذلك بات مستحيلاً ما لم ترمّم جسور العلاقات الإقليمية والدولية، باعتبار أن حصول هذا الأمر يشكل عاملاً مساعداً على خوض غمار هذا الاستحقاق بطريقة مختلفة تكفل الخروج بالنتائج المتوخاة.
كما لافتاً، تبني «حزب الله» علناً لعملية تطيير نصاب الجلسة، من خلال اعلان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم بأن الحزب فضل عدم اكمال النصاب كي لا يدبر أمر معين في الخفاء ونفاجأ بأمور لا تنسجم مع كيفية العمل لانتاج رئيس جمهورية للبلد. داعياً إلى الاتفاق على رئيس يملك حيثية شعبية وسياسية وأخلاقية ولا يتحدى الآخرين ويعمل للمشاركة الوطنية ويحمي لبنان وقوته ومقاومته.
ومثلما كان متوقعاً، بل ربما كان مرسوماً بالنسبة لوقائع الجلسة، فإن شيئاً لم يخالف هذه التوقعات، فنواب 14 آذار ومعهم نواب كتلة التحرير والتنمية وتكتل «اللقاء الديموقراطي» وبعض النواب الوسطيين والذين بلغ عددهم 75 نائباً، دخلوا القاعة العامة، باتجاه اليسار، فيما ذهب نواب 8 آذار باتجاه اليمين حيث قاعة الصحافة، حيث نظموا وقفة تضامنية مع قناة «الجديد» و«الأخبار»، قبل أن يتجمعوا في بهو المجلس لإطلاق مواقف تبرّر عدم دخولهم القاعة، وبالتالي تطيير النصاب، في حين انتقد نواب 14 آذار سلوك زملائهم، معربين عن خوفهم من أن يؤدي ذلك الى الفراغ.
مع الإشارة الى أن الرئيس بري انتظر في مكتبه نصف ساعة عن الموعد المحدد لانعقاد الجلسة، قبل أن يطلب من الأمين العام للمجلس أن يعلن أن النصاب غير مؤمّن، وأن الجلسة الثالثة ستعقد في 7 أيار.
السلسلة
تزامناً، كشفت معلومات أن اللقاء الذي طلبه الرئيس بري من عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، كانت له علاقة بتقرير اللجنة الفرعية المكلفة دراسة موضوع سلسلة الرتب والرواتب، باعتباره عضو فيها.
وفي هذا السياق، علم أن اللجنة باتت على وشك الانتهاء من عملها، وهي ستسلم تقريرها الى الرئيس بري غداً الجمعة، بتأخير يومين عن المهلة التي حددتها لها الهيئة العامة في الجلسة الأخيرة.
وأشارت مصادر نيابية الى أن أعضاء اللجنة ما زالوا يبحثون في نسبة الزيادة التي ستعطى للموظفين والتي لم تحسم بعد، وهم قد خفضوا المبلغ الذي كانت قد اقرته اللجان النيابية المشتركة، وبات أقرب إلى الرقم الذي حددته الحكومة السابقة في تقريرها، وربما يزيد عن ذلك بقليل.
مجلس الوزراء
من جهة ثانية، أوضحت مصادر وزارية لـ «اللواء» أن غياب ملف التعيينات عن جدول أعمال مجلس الوزراء الذي سينعقد عصر غد الجمعة في السراي الكبير برئاسة الرئيس تمام سلام، يعود إلى بعض الإجراءات الإدارية، ولا سيما أن رئيسة مجلس الخدمة المدنية فاطمة الصايغ التي جرى تعيينها مؤخراً اقسمت اليمين القانونية امس لتباشر بعد ذلك مهامها المتصلة اصلاً بإنجاز التعيينات بالتعاون مع وزارة التنمية الإدارية والمؤسسات والوزارات التي ستشملها هذه التعيينات.
ولفتت إلى أن من أبرز مهام المديرة الصايغ دراسة المعاملات الإدارية التي ترفع إلى رئاسة مجلس الخدمة واجراء المقابلات مع المرشحين للمناصب والمراكز الشاغرة.
غير أن المصادر نفسها لم تخف وجود أسباب سياسية تؤخّر اجراء تعيينات في بعض المناصب التي انجزت ملفاتها منذ فترة، ولا سيما في عهد الحكومة السابقة حيث اجريت مباريات وصدرت نتائجها، مشيرة الى أن المقصود بذلك المحافظين، مستبعدة إنجاز أي تعيين في مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال والذي وزّع على الوزراء أمس، وهو يتضمن 58 بنداً، معظمها أمور أدارية وسلفات خزينة وهبات وسفر، من بينها البند المتصل بالمراسيم التطبيقة للقانون 431 حول تنظيم قطاع الاتصالات في ضوء الملاحظات التي أرسلها وزير الاتصالات بطرس حرب الى رئاسة مجلس الوزراء، بالإضافة الى نفق جل الديب.
وكشف وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية لـ«اللــواء» عن ترتيبات أنجزتها الوزارة فيما خص بعض المراكز الإدارية، حيث تم وضع إعلانات في الصحف والمواقف الالكترونية للمرشحين الراغبين بتولي مركزي المدير العام لمستشفى رفيق الحريري الجامعي، ومدير تعاونية موظفي الدولة، آملاً في إنجاز الأمور المتصلة بهما في 12 أيار الحالي، ولفت الى أن وزير الاقتصاد سيباشر بإجراء مقابلات مع المرشحين لتعيين مدير عام وزارة الاقتصاد في الأسبوع المقبل، مبدياً اعتقاده بأن الحكومة قد تبت بعدد لا بأس به من التعيينات قبل انتهاء ولاية الرئيس سليمان.