IMLebanon

… واللبنانيون حفنة من اللاجئين!

لن اقول ان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان روس ماونتن واهم او ربما هدّام من حيث لا يقصد، في فهمه للدور الذي يفترض ان على لبنان ان يلعبه لإستيعاب اللاجئين، والذي تجاوز حدود “الدور” الى القدر السيىء في هذا البلد السائب، بل اكتفي بالقول انه يقدّم الدروس في غير مكانها المناسب.

قرأت حديثه الى زميلتنا ريتا صفير في “النهار”، وأرى أنه اذا كانت الامم المتحدة تنظر الى مشكلة اللاجئين السوريين ثم العراقيين الذين يغرق لبنان في طوفانهم، كما ينظر المستر ماونتن، فهذا يعني ان على لبنان ان يذوب كمِلحة في السيل المتدفق، في حين تقف الامم المتحدة عاجزة تكتفي بإبداء العواطف وإعطاء الدروس .

لماذا يأمل ماونتن في ان يواصل لبنان استقبال اللاجئين، ولماذا يعزف على وتر العواطف الانسانية في حديثه عن أفراد خسروا كل شيء وحياتهم في خطر: “وآمل ان يستمر التقليد اللبناني لجهة الإنفتاح عليهم”، بينما المطلوب هو كسر التقليد في الأمم المتحدة وكأنها مجرد عدَّاد للاجئين او جمعية خيرية تملك التمنيات وتذرف الدموع!

الأجدى ان يذهب ماونتن الى الصراخ في وجه بان كي – مون، الذي عليه ان يصرخ في وجه العالم ان لبنان المنسحق تحت طوفان اللجوء، يقدم لكم مشكلة لجوء إستطرادية تنسف نسيجه الاجتماعي. يقول ماونتن ان في لبنان 1,2مليون سوري وهؤلاء هم المسجلون فقط، لكن ماذا عن المليون الاضافي الذي دخل، وماذا عن وقاحة النظام السوري الذي يمنعهم من العودة؟

يقول ان نسبة اللاجئين هي ٢٥٪ من عدد اللبنانيين، والصحيح ان النسبة تجاوزت ٤٥٪ ولكأن ١٥٠ مليوناً لجأوا الى اميركا مثلاً، مبدياً إعجابه بالقول “ان تعامل لبنان مع المسألة مذهل ولكن هناك حدود”. الصمت والتقصير الدوليان مذهلان ايضاً وان هناك حدودا لهذا التعامي الدولي عن واجب تقديم المساعدة الكافية، ليس عبر الإعانات فحسب بل عبر تقاسم أعباء اللجوء، فالدول العربية، على الأقل، تستطيع ان تتحمل معظم هؤلاء ريثما تحلّ ازمتهم !

واذا كان المجتمع الدولي لم يقدّم سوى 30% مما طلبه لبنان، فما معنى القول “نتطلع الى تعاون اضافي”، وهل يتحمل الوضع مزيداً من التطلّع؟ والغريب ان ماونتن يتحدث عن فكرة “استحداث مخيمات للاجئين بعيدة عن الحدود، وانها تتطلب حماية”، فمن سيحمي ومن يحمل السلاح، وهل يعي ماونتن قصة المخيمات الفلسطينية وما نتج وينتج منها؟

مستر ماونتن، تقول انكم تعملون بموجب الحياد والانسانية، لكن الانسانية تفرض على الاقل سلوكاً اكثر جدية ومسؤولية واخلاقية حيال بلد يجعل طوفان اللاجئين اليه من اهله حفنة من اللاجئين والمهاجرين.