بالأمس صدر عن الشيح نعيم قاسم كلام رديءٌ «تفلسف» فيه على اللبنانيين مؤكّداً تسلّط حزب الله ذراع إيران العسكرية وأداتها في احتلال مقنّع للبنان، بعدما أوكلت إليه مهمّة تعطيل الحياة السياسية في هذا الوطن الصغير بعدما تمّ نزعها من يدِ الوصاية السوريّة، ولا يتحدّث نعيم قاسم إلا بلغة «فرض واقع وتقريره» فذهب إلى أنه «قد أصبح واضحاً أن الرئيس في لبنان لا يأتي إلا بالتوافق، هذه تركيبة لبنان بحاجة إلى توافق وكل القوى السياسية في لبنان ليس لديها القدرة أن تأتي برئيس وحدها، إذاً لا بدَ أن يتوافقوا، لذلك من يصر على عدم التوافق هو الذي يعطل الانتخابات الرئاسية»!!
هذه»العجرفة» الفارسية التي يدّعيها المتحدّثون بلسان الحزب أو أمينه العام تتناسب مع عجرفة وتكبّر «كسرى»، ولا يقع اللوم في هذا على حزب الله وحده، بل لا بدّ لفريق الرابع عشر من آذار من أن يعترف بأنه هو الذي أوصل لبنان إلى مأزقه الحالي منذ تورّط فيما سُمّي بالتحالف الرباعي المشؤوم، ان أسوأ ما ارتكبه بحقّ لبنان هو إعادة انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي من ضمن صفقة أصغى فيها ذاك التحالف إلى «الوسواس القهري» الذي يحكم سلوك النائب وليد جنبلاط والذي تنطّح يومها للحديث عن رفض إقصاء حزب الله عن السياسة اللبنانية بواسطة حليفه اللدود نبيه بري منذ أيام الوصاية السورية، ويَد النظام السوري الطُولى التي رفعها ووضعها على رأس المجلس النيابي ليتحكّم بالتشريع في لبنان، ثمّ ارتكب فريق الرابع عشر من آذار مجدداً نفس «الجريمة» بحقّ لبنان ـ على الرغم من كلّ ارتكابات نبيه بري منذ إقفاله المجلس النيابي في العام 2006 بوجه إقرار المحكمة الدوليّة، وكان انتخابه على إيقاع القتل والرصاص في العام 2009، الأمر الذي منحه فرصة تعطيل الانتخابات النيابية والتمديد لنفسه قبل المجلس، ليمارس سياسته الفضلى في تعطيل انتخاب رئيس للجمهوريّة، وتفسير الدستور مجدداً على «ذوقو» في مخالفة فاضحة للدستور اللبناني!!
وجاء تنصيب رئيس حركة أمل وفرضه رئيساً للمجلس النيابي تحت عنوان أن الرئاسة الثانية من حق الطائفة الشيعيّة وهي التي تختار من يمثّلها، هكذا تمّ فرض نبيه بري، وكان حزب الله وحليفه برّي قد عطّلا انتخاب الرئاسة الأولى إلى أن فرض على إيقاع 7 أيار فرض ما سمّي «رئيس توافقي» فارضاً بهذا «ديموقراطيّة توافقيّة» مزيّفة هي في الحقيقة احتلالٌ إيراني بقناع ديبلوماسي، وبعدما فرض رئيساً توافقياً سارع إلى تعطيل الرئاسة الثالثة مارس فيه حزب الله تعنّتاً وتعطيلاً في وجه رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، وصولاً إلى فرض الثلث المعطّل عليه الذي شلّ حكومته!!
وبما أن هذه الأزمة تتكرّر للمرة الثانية، فلا بدّ من أن يحترس هذا الفريق بعد الانتخابات النيابية المقبلة، فلا يقبل برئيس مجلس نيابي يمثّل فريقاً حزبياً بل ويترأس حزباً أو حركة، وأن يصرّ الفرقاء السياسيون أن تدخل الرئاسة الثانية في إطار «الديموقراطيّة التوافقيّة»، وأن يكون رئيس المجلس النيابي توافقيّاً، والرئيس نبيه بري لا يمتّ إلى التوافق لا من قريب ولا من بعيد، حان الوقت لوضع حدٍّ لهذا التفرّد والتعطيل الذي يمارس باسم «الطائفة الشيعيّة» لمصلحة الاحتلال الإيراني الناعم، فمن حقّ الطوائف اللبنانيّة كافّة أن تشارك الطائفة الشيعيّة في اختيار من يمثّلها مثلما يفرض حزب الله بقوة التسلط والسلاح الديموقراطيّة التوافقيّة على الرئاستين الأولى والثالثة، بهذه الطريقة فقط يمكن للبنانيين كفّ يد حزب الله عن التحكم بمصير لبنان واللبنانيين.