IMLebanon

وضوح!

 

غريب في بعض الأحيان كيف يبدو «حزب الله» حريصاً على «توضيح» مواقفه للآخرين ومحاولة تبريرها بلغة مختلفة عن تلك المتصلة بالشعار المذهبي والتعبئة المقاوماتية.

والغريب أكثر، هو أن الخروج من ذلك الباب الفئوي الذاتي الخاص عند الحزب الى أي منحى أو عنوان ربطي أو تلاقحي مع الآخرين لم يؤدِ الى أي نتيجة، بل فعل العكس: أكد لهؤلاء الآخرين، أن غياب المنطق هو المتحكّم. وان الأمور ما كانت لتستقر عند النكبة الراهنة لو لم يغب ذلك الحزب عن منطق الاجماع الوطني بداية، ثم عن الاجماع العربي ثانياً ثم عن الاجماع الاسلامي ثالثاً.. ولو لم يفترض انه يختصر في حاله، حالات دنيوية وسماوية كثيرة وكبيرة، وان على العامّة في المشرقين والمغربين وبين البحرين والعراقين، التراخي أمام نخبويته وإيكال المهام الجليلة والعظيمة له وحده!.

هكذا أُريد للعقود الثلاثة المنصرمة أن تُختصر وتُصادَر، غير أن النتيجة التي لا يستطيع جهابذة وأساطين الحزب ولا الممانعة التابعة له أن يجادلوا فيها هي أن «المقاومة» صارت في الوجدان العربي تعبيراً عن «لعنة مذهبية» وليس تعبيراً عن حالة نضج عربية إسلامية أمكنها في لحظة غابرة أن توجّه لبطة حرزانة لكل مشاريع الفتن ومؤامرات التفتيت! وان الراهن القائم الملموس الواضح يدل على أن مفردة «التحرير» صارت للمرة الأولى في الوعي العربي العام بكل مراتبه، الشقية والسعيدة، الضحلة والممتلئة، المبدعة والمقلّدة، رديفة لاحتمالات تُعدّ من أسوأ الكوابيس: أما فتنة صغيرة توصل الى واحدة كبيرة. وأما نظام استبدادي مافيوزي عائلي فئوي أسدي يرتكب فظاعات تاريخية. وإما مشروع امبراطوري قومي إيراني مذهبي يدبّ ويسعى بين العرب ويحيل اجتماعهم حطاماً وبنيانهم ركاماً! وإما دول مشلّعة ومنكوبة بازدواجية في سلطاتها وأجهزتها وأسلاكها ومرشحة للدخول في مناحي الفشل العميم.

في مقابل ذلك كله.. كلّه من دون استثناء وبلاء، هناك الحقيقة القائلة إن «التحرير» الممانع لم يقلّص «الحدود» الكيانية الاسرائيلية شبراً واحداً! فيما يتغنى أصحابه في هذه الأيام «بتحرير» حمص من أهلها ومخيم اليرموك من لاجئيه وريف دمشق من بؤسائه وأحراره، والقصَيْر من فلاّحيها والقلَمون من ثواره.. والمفارقة انهم حتى في هذا «التحرير» استعانوا بالأجنبي الروسي والغريب الإيراني وبأسلحة الدمار المحرّمة دوليًّا!

يقول بعض مسؤولي «حزب الله» مراراً وتكراراً انه «لو لم يقم الحزب بما قام به في سوريا لشهد لبنان ما شهدته الأنبار والموصل ونينوى».. الحقيقة معاكسة تماماً: لو لم يقم «حزب الله» بما قام به في سوريا لما شهدنا النكبة الحديثة تمتد وتتطاول لتصل بخيراتها الى العراق، أو ليعود بعض جناها الى أهله الأوائل!

.. من ثم، حبذا لو يكفّ «حزب الله» عن الشرح والتعليل والتبرير.. وإهانة ذكاء الناس. فليقل مباشرة انه يقاتل مذهبيًّا. وخلص! لماذا اللفّ والدوران؟!