قال وليد جنبلاط لـ”النهار” انه يأسف لأننا سندخل في الفراغ ابتداء من اليوم الخميس، في حين اعلن نبيه بري ان ما يخشاه هو قيام الخارج بتدخل حقيقي بعد ٢٥ ايار في شكل مباشر وواسع يطاول صميم عملية انتخاب رئيس للبلاد!
عجيب غريب هذا الكلام، فهل صحيح يا وليد بك أننا لم نكن في الفراغ وأننا سندخل اليه اليوم بحمدالله سبحانه وتعالى، وهل كنا في امتلاء بالحس الوطني والواجب الدستوري قبل هذا الموعد، الذي لن يضيف شيئاً الى مسيرتنا التاريخية المظفّرة في الفراغ والتفريغ، وهل انتخاب رئيس، اي رئيس كان، نعلّقه على قارعة المطالب المتناقضة ونكتّفه بالخلافات الطائفية والمذهبية، سيعني اننا تلافينا المراوحة في الفراغ المقيم الذي دمّر ويدمّر الدولة اللبنانية، وقد بتنا نتحدث منذ زمن عن الطموح الى”مشروع الدولة” وكأننا لم نكن فيه وأكلناه مثل قالب من الجبنة؟
عجيب وغريب أيضاً كلام الرئيس بري عن الخشية من حصول تدخل حقيقي ومباشر وواسع يطاول صميم عملية انتخاب رئيس للبلاد، وكأنه سبق لنا، من غير شر، ان قمنا منذ الستينات على الاقل بانتخاب الرؤساء (في كل مراكزهم) بعيداً من التدخلات الخارجية، الى ان جاء حين من الدهر السيىء علينا دفع الياس الهراوي بظرفه الى تشبيه التدخل السوري بالروح القدس!
لسنا في حاجة يا دولة الرئيس ويا وليد بك، الى رش الملح في الجروح، فأنتما تعرفان و”ابو ناعسة” في مجاهل جمهوريتنا السعيدة يعرف، ان أزمة الاستحقاق الرئاسي موضوعة منذ زمن على نار التدخلات الخارجية، او على استحضار القوى السياسية اللبنانية هذا التدخل والاستناد اليه في الصراع الداخلي الذي طالما وضعنا في متاريس الحروب والسياسة!
لست أدري! اذا كان بري وجنبلاط قد سمعا باسم الأخ اوسكار فرنانديز – تارانكو (عاشت الأسامي)، الذي تدخّل في موضوع الاستحقاق، عندما شدد بصفته مساعداً لبان كي – مون، على اهمية الانتخابات الناجحة في لبنان “من أجل استمرارية مؤسسات الدولة، وان هذه العملية يجب ان تكون في مجملها لبنانية خالية من التدخل الخارجي”، بما يؤكد وجود اقتناع في الامم المتحدة بأن الانتخابات الرئاسية اللبنانية، باتت بمثابة بورصة اقليمية ودولية مفتوحة على المضاربات والتوظيفات وتبادل الاسهم!
لا معنى اطلاقاً للخشية من التدخلات الخارجية في العملية الانتخابية، لأن ما يعوقها ويعرقلها منذ زمن هو هذه التدخلات، سواء جاءت من حسابات الخارج او من استزلام الداخل، والحديث المتكرر عن ارتباط الاستحقاق بالحوار الاميركي – الايراني، والسعودي – الايراني وببورصة المعارك في سوريا والأنبار، وحتى بمصير جماعة “بوكو حرام”، يجعل من لبنان ملعباً لا بل كرة قدم في الملعب!