… إذن لن تكون هناك مفاجآت في جلسة اليوم الانتخابية الرئاسية. لا بالمعنى التصويتي المباشر ولا بالمحصّلة الأخيرة لهذه العملية، ولا بالنسبة الى «نتائجها» الفعلية المتّصلة بمآل الاصطفافات السياسية عند الفريقين المحليَّين المعنيَّين، أي 8 و14 آذار.
ما يعرفه الجميع، وصاروا يعرفونه أكثر، هو أن عجزين تصويتيَّين لا يصنعان ولن يصنعا رئيساً. لا 8 آذار قادرة حسابياً ولا 14 بدورها. وبالتالي يركّ أهل الاختصاص على مقولة الجولات التالية وينغمس كثيرون في العدّ والجمع علماً أن هؤلاء أنفسهم، لا يعوّفون مناسبة تحليلية إلا ويخلصون في نتيجتها الى اعتبار المعطى الخارجي، أكثر حسماً من الداخلي، أو بالأحرى لا شيء غيره يحسم!
تغيّرت شكليات الانتخابات هذه المرة، لكن الأساس باقٍ في منصّته: كان نظام آل الأسد سابقاً يبلّغ الغاشين والواعين بنتيجة المعركة الانتخابية سلفاً. ولم يكن مصطلح العيب وارداً لا من قريب ولا من بعيد: لم يلحظ أجلاف الوصاية أي اعتبار لشيء من كرامة اللبنانيين. ولم يبقوا على نقطة ماء واحدة ترطّب وجوههم وتحفظها من النشفان وذلّ الإذعان والإنكسار.
.. تغيّرت السيرة الآن. وضُرِبَ أهل ذلك النظام بالحجر إيّاه. صار مصير «رئاسة» سوريا يتقرر خارجها وخارجهم وبعيداً عنها وعنهم.. وبالتالي صار دورهم في لبنان يشبه الصفر المكعّب لا أكثر ولا أقل.. يشبه الصفر، وليس صفراً تامّاً مكتملاً. باعتبار أن إيران وربعها وحزبها يُبقون شيئاً من الوزن والماء لذلك الدور المنكسر، ولا يتعاملون مع أصحابه مثلما كانوا هم يتعاملون مع اللبنانيين!. نعم، تغيّرت هويّة المقرّر المبلّغ لاسم الرئيس اللبناني العتيد، ولم يتغيّر الفحوى. وأكثر دلالات ضمور واندثار واندحار الدور الأسدي تمثّلت بتشكيل الحكومة السلامية وبالخطة الأمنية.. وبذهاب آل عيد الى المنفى. الأسد يريد حريقاً شاملاً وتعطيلاً تامّاً منجزاً في لبنان الذي خسره، لكن إيران ليست في هذا الوارد حتى الآن خصوصاً وأنها تسعى الى تكريس دورها الوارث لهذه التركة المذهّبة!
تبعاً لذلك، هناك ربط بين اسم الرئيس اللبناني المقبل، والمفاوضات الجارية بين الأميركيين والفرنسيين والإيرانيين والسعوديين والمصريين والروس! وهناك انتظار لمعرفة كيفية تطور الاشتباك الدولي حول أوكرانيا لتقرير كيفية انعكاسه على باقي الملفات الخلافية ثم كيفية ترجمة تداعيات ذلك رئاسيّاً في لبنان. والأرجح تبعاً للاستطراد المنطقي هو أن يرسو الميزان عند تمديد التهدئة اللبنانية وبالتالي عند اسم غير صدامي. غير حزبي. غير نافر. وفي الوقت ذاته غير «مقرّر» في الاستراتيجيات. رئيس يشبه الحكومة السلامية. من الجميع وللجميع. وكل فريق يستطيع أن يُعدّد «إنجازاته» فيه!.
وطبعاً، ذلك يعني أن أمر الانتخاب سيطول الى ما بعد 25 أيار المقبل، لكن المفارقة المحلية برزت سلفاً كالعادة. وهي مرة أخرى تكمن، في ركوب الحلم على الواقع والوهم على الحقيقة عند «المرشح» ميشال عون تحديداً بحيث أنه صار يفترض نفسه نقطة تقاطع هادئة بين مسارات ملتهبة وتزداد إلتهاباً، مثلما افترض نفسه سابقاً نقطة ملتهبة وأكبر من مسارات التهدئة والتسوية.. غريب!