IMLebanon

ولكن، على مَنْ تقرأ مزاميرَك؟

اللبنانيّون أيضاً، كلّهم جميعهم يطلقون الصرخة ذاتها التي صدرت عن الرئيس نبيه برّي في وجه هذا الانهيار السياسي الاحساسي الوطني، والذي سيّج البلد وحاصره منذ سنوات، متسائلين بدورهم: الى أين يأخذون هذا الوطن؟

إبداء الانزعاج مما يصدر عن بعض المتزعِّمين المتعطِّشين الى الكراسي والعنطزة قليلٌ، ولا يفي بكل الغرض. واعلان الاستياء من الاستهتار شبه الجماعي حيال الفراغ الذي يشلُّ البلد ويتهدَّد أمنه ومصيره قليل أيضاً.

لقد مرَّ لبنان هذا بمئات التجارب والحروب والصدامات والأزمات، وسقطت حريته وارادته وكرامته في أحضان الوصايات المتعاقبة واتباعها.

ولم يبق ما يضاف الى ما قيل فيها وفيهم، سوى أن اللبنانيين بوصاية وبدونها، أو بانتداب وبدونه لم يبرهنوا يوماً أنهم حريصون على بلدهم ولو بنسبة واحدٍ في المئة. واذا ما أخطأ أحدهم وفعل، فإنما لغاية في نفسه لا نفس يعقوب.

لكنَّ “الفضل” في هذا الاستهتار البغيض، الذي يتجلَّى أكثر فأكثر كلما طالت فترة الشغور الرئاسي، للولاءات العميقة الجذور بالقوى الرئيسيَّة في المنطقة، والمعروفة حلَّة ونسباً لدى القاصي والداني من دون الاضطرار الى تسميتها.

أجل، معظم القوى السياسية والفئات والمرجعيات الفاعلة في الوطن السائب “مرتبطٌ” بهذه العاصمة الاقليمية أو تلك. وهذه الحقائق والوقائع تقدِّم نفسها يوميَّاً عَبْر تفاصيلها داخل لبنان وخارجه… كما في ساحات الوغى وساحات المزايدات والكباشات السياسيَّة.

وسط هذا الانهيار المريع، و”المدعوم” من الانذارات والتهديدات “الداعشيّة” اليوميَّة، يحاول الرئيس تمام سلام قطع الطرق والسبل على الذين يحاولون استعادة الانفلات الأمني الذي كان سائداً، تمهيداً لرجوع حليمة الى عادتها القديمة… منبّهاً الى ما تتعرض له غزّة، وما قد يكمل حلقة الدائرة الملتهبة من حول لبنان.

ولم يفت سلام، الذي برهن عن حكمة وحنكة ورؤية سديدة، تأكيد أهميَّة انتخاب رئيس جديد للجمهوريَّة، كون عمل المؤسسَّات سيظل معطلاً ومعطوباً الى أن يتعقَّل المتطيّرون ويقضي الله أمراً كان مفعولاً.

هذا اذا لم تكن وراء الأكمة والأزمات المفتوحة منذ أسابيع “إرادة” خارجية لا تريد ان يبقى لبنان نائياً نسبياً، أو وهميّاً عن الطوفان الناري الذي يزنّر الجغرافيا والتاريخ من حولنا.

استناداً الى ما تشهده جلسات مجلس الوزراء في الفترة الأخيرة، حيّا رئيس المجلس رئيس الحكومة “على صبره وقدرته وتحمّله هذه الأعباء… لو كان أحدٌ غيره في هذا الموقع لَمَا تمكَّن من الاستمرار في رئاسة الحكومة… الوطن مثل جسم الانسان، إذا أُعطب عضوٌ فيه يجب اصلاحه، وليس تعطيل الاعضاء الأخرى وإعطابها”.

إنّما على مَنْ تقرأ مزاميرك يا نبيه؟