IMLebanon

… ومتى كانت ” دولة “؟

على اهمية الدلالات التي تكتسبها تقارير الامم المتحدة ومواقف مسؤوليها من الوضع اللبناني البائس في ظل رزوح لبنان تحت كارثة اللاجئين السوريين ثمة ما يشبه العقم في فهم جدوى الادبيات التي تبدو اقرب الى غسل الأيدي من التقاعس الدولي عن إنقاذ لبنان. وهي مسألة قديمة وليست طارئة في الأدبيات الدراماتيكية للمنظمة الدولية حيال الفصول المأسوية المتصلة بالواقع اللبناني اذ غالبا ما تحمل هذه الأدبيات اللبنانيين على التساؤل عمن يمكنه فعل شيء لإنقاذهم اذا كان المحفل الدولي الارفع يعلن رسميا وعلنا عجزه عن ذلك أسوة بطبقته السياسية المتهالكة والمنهارة؟

نقول ذلك ونحن نتهيب فعلا المعنى الحقيقي والمجازي للتحذير الخطير الذي أطلقه المسؤول الأممي في لبنان روس ماونتن من خطر تفكك الدولة في لبنان تحت وطأة كارثة اللاجئين السوريين والأزمة السياسية الداخلية. لا نشكك اطلاقا في ان تحذيرا كهذا يتكئ الى وقائع مخيفة خصوصا وسط زحف النار الوافدة من الحدود الجنوبية والشرقية معا. لم يهتز لبنان يوما منذ اندلاع شرارة الحرب في ١٩٧٥ الا وكانت لعنة الحدود الفالتة والمسيبة السبب الاول في فكفكة دولته. وها هي الآن ملامح الخطر الأكبر في تسيب أوسع تهرول بسرعة على مقلبي الحدود ونحن لا نملك سوى طمأنة النفس بوهم ان معادلات اقليمية تمنع اشتعال لبنان اشتعالا ساحقا ماحقا. ولكن من يضمن صمود وهمنا هذا والجنوب انكشف عن تسيب جديد – قديم يبدو كأنه البدل من ضائع المقاومة المنخرطة حتى العظم في الحرب السورية؟ ومن يضمن ايضا الا تتمدد نيران المعارك الطاحنة في جرود عرسال والقلمون الى دواخل البقاع على وقع التوترات المذهبية؟

تبعا لذلك لم يعد اللبنانيون يحتملون أدبيات توصيفية لكوارثهم تأتيهم كالانذارات الضاربة على الاعصاب فيما هم امام عجزين عملاقين احدهما يعاينونه في سقوط طبقتهم السياسية وافلاسها المطلق حتى في الحفاظ على حكومة مشلولة والآخر في تحول الامم المتحدة منبرا لنعي الدولة بدل التحرك بآليات فعالة لحمل الدول على منع إلحاق لبنان بدومينو الدول الآخذة بالتفكك في المنطقة. انها استعادة اشد خطورة هذه المرة من انهيار الدولة عقب اتفاق القاهرة ومن بعده اتفاق الدوحة ومن ثم “اعلان بعبدا” الراحل محمولا وشهيدا مع قوافل الشهداء والضحايا في الرمال السورية الحارقة. راحت الامم المتحدة تدرج الإعلان الشهيد في كل بياناتها وقراراتها وأدبياتها عبثا علها تتمكن من تعويمه فما استطاعت الى ذلك سبيلا لتقاعس الدول عن تزويد لبنان الدعم الفوري الكافي لمنع عملقة كارثة اللاجئين ولا استطاعت السلطات اللبنانية المحاصرة بأمر واقع إقليمي ساحق تحييد لبنان بالحد الادنى الممكن.

اما فكفكة الدولة فأمر لم يعد يثير عند اللبنانيين الا السخرية.