تبحث الحكومة اليوم في الأسس والآليات التي تحدّد خريطة طريق تولّيها مهمات رئاسة الجمهورية، بعدما تحولت جلستها الاخيرة بازاراً من النقاش حول هذا الأمر، ربما على خلفية طمع بعض الوزراء في ان يضيفوا الى صفة المعالي (من غير شر) بعضاً من أبّهة الفخامة، على اعتبار ان الحكومة مجتمعة تتولى مسؤوليات الرئاسة!
ليس المهم كيف ستوزّع قربانة الفخامة في زمن الفراغ المدوي، المهم ان هذا التوزيع يرجّح ان الفراغ سيكون طويلاً، وان عملية انتخاب رئيس جديد تبقى عالقة عند حلقة مفرغة، وهنا لا يتردد الوزير بطرس حرب في القول، ان المسؤولية عن استمرار الفراغ يتحملها النائب ميشال عون “الذي يرفض المشاركة في العملية الانتخابية، اذا لم يكن متأكداً ١٠٠٪ من انه سيفوز بها، وهو ما يشبه عملياً روايات “الغرام المستحيل” عندما يشترط العاشق ان يتزوج ممن يحب او يقتلها”… حرام!
لست ادري لماذا لم يضف القول “ومن الحب ما قتل”، او “من الفخامة ما قتل”، وخصوصاً عندما يقول ان عون بموقفه من الاستحقاق الرئاسي، يتحمل مسؤولية المخاطر التي تتهدد البلد نتيجة الفراغ في سدة الرئاسة!
حرب دعا الرأي العام اللبناني الى محاسبة عون لأنه يسعى الى ضرب النظام السياسي اللبناني لكي يصبح رئيساً، وبرزت في المقابل دعوات عونية الى الشعب اللبناني العظيم، لكي يحاسب الذين عطّلوا انتخاب الرئيس، لكن ليس واضحاً من هو هذا الرئيس، لأن عون اعلن انه لم يترشح بعد وان “حزب الله” لم يرشحه، وانه ينتظر جواب الرئيس سعد الحريري او جواباً سعودياً على لسانه، على رغم ان الحريري ابلغه صراحة انه لا يمانع في انتخابه اذا حصل على تأييد مسيحيي ١٤ آذار، ثم ان السفير السعودي علي عواض عسيري اعلن تكراراً ان الرياض لا تتدخل في الاستحقاق الرئاسي لكنها تتمنى ان يقوم اللبنانيون بانتخاب رئيس في اقرب وقت!
ليس عون وحده الذي يطرح نفسه مرشحاً على طريقة الضمير المستتر، باعتبار ان المواطن اللبناني لبيب من الاشارة يفهم، فها هو الشيخ نبيل قاووق يعلن ان مرشح “حزب الله” هو “المرشح المحسوم والواضح الذي يعرفونه من دون ان نسميه… وهذا هو الوضوح”، بينما يرى ان عدم الوضوح هو عند فريق ١٤ آذار الذي لم يحسم مرشحه الحقيقي!
بعد خمس جلسات تم تعطيل نصابها، وبعد عملية التصويت الاولى واليتيمة التي جرت وحصل فيها الدكتور سمير جعجع على ٤٨ صوتاً، وبعد مئات التصريحات من ١٤ آذار عن مرشحها جعجع، يذهب لبنان الى الفراغ، ويبقى عون المحسوم المعلوم وتبقى رئاسة الجمهورية قصة غرام مستحيل… وفعلاً من الفخامة ما قتل!