IMLebanon

يلومون أوباما… وينسون مسؤوليتهم!

لا يكفُّ معارضو النظام السوري عن تحميل الرئيس الأميركي باراك أوباما مسؤولية بقائه رغم الثورة السلمية التي بدأت ضده قبل سنوات، بل رغم تحوُّلها ثورة مسلحة قلّصت سيطرته الجغرافية على البلاد. ولا يكفُّون أيضاً عن تحميله مسؤولية نجاح النظام نفسه في تحويل الثورة الشعبية عليه حرباً أهلية ومذهبية دمَّرت غالبية سوريا وتهدِّد اليوم بتقسيمها. ولا يكفّون ثالثاً عن تحميله مسؤولية دخول تنظيمات إرهابية أصولية على خط الثورة ونجاحها في استقطاب غالبية الثوار. ولا يكفُّون رابعاً عن تحميله مسؤولية المواقف الدولية المؤيدة للنظام السوري، ومسؤولية الانخراط الواسع للجمهورية الإسلامية الإيرانية مع النظام السوري في محاربة الثائرين عليه بالمال وبالموقف السياسي وبالأسلحة وبـ”عسكر” الحلفاء. وينطلق هؤلاء المعارضون للنظام من إحجام الرئيس الأميركي، بعد دعوته الرئيس بشار الأسد إلى الرحيل، عن القيام بأي عمل جدّي سياسياً مع روسيا والصين وحتى مع إيران، وعسكرياً مع إيران أو حلفائها كما مع نظام الأسد وجيشه. علماً أن عدداً من كبار معاونيه العسكريين والأمنيين ومنهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون طرحوا عليه اقتراحات محدّدة لمساعدة الثوار لإسقاط الأسد أو لإجباره على التجاوب مع مطالب شعبه. وأخذ هؤلاء في اقتراحاتهم استراتيجيّاً رئيسهم في الاعتبار، وهي عدم توريط أميركا في صراع عسكري خارج أراضيها بعد تجربة العراق التي انتهت (وقد تعود)، وبعد تجربة أفغانستان التي قد تكون في طور الانتهاء.

لماذا الكلام الآن على هذا الأمر؟

لأنّ المعارضين للنظام السوري يشعرون اليوم بالمرارة، ويعتقدون أن الرئيس أوباما يكيل بمكيالين في سياسته الشرق الأوسطية. والدليل أنه بعد تجاهل ثورة سوريا وأخطارها على المنطقة والعالم بعد تحوُّلها حرباً مذهبية وإرهابية، نسي أو تجاهل موقفه عدم التورّط عسكرياً خارج بلاده، عندما نجح تنظيم “داعش” في طرد النظام العراقي من ثلث أراضي العراق حتى الآن حيث السنّة العرب غالبية. إذ أرسل خبراء عسكريين إلى هذه الدولة واستعمل طيرانه العسكري في المعارك الدائرة مع التنظيم الإسلامي الأصولي “الإرهابي” المذكور. وهم يعتقدون أنه لو فعل ذلك في سوريا وفي الوقت المناسب لكان ربما حال دون ولادة “داعش”، أو على الأقل دون تحوُّلها قوة اقليمية مخيفة، وفي الوقت نفسه دون تعريض المنطقة كلها لممارساتها الإرهابية.

هل هؤلاء محقون في شعورهم بالمرارة وفي اعتقادهم المفصّل أعلاه؟

شعورهم محق من حيث المبدأ، يجيب خبراء ومتابعون أميركيون. لكن المقارنة بين سوريا والعراق في مسألة التدخل العسكري الأميركي لا تصح في رأيهم. فتطورات سوريا على بشاعتها وقساوتها لم تصل إلى حد حسم النظام المعركة ومحاولته تنفيذ شبه إبادية للأكثرية. ولم تصل إلى حد انتصار الغالبية وقيامها بإبادة الأقليات. فالمعارك فيها كرّ وفرّ ومدّ وجذب. وحلفاء أميركا في المنطقة على تناقضهم يتدخلون فيها باستمرار وأن نفوا ذلك، الأمر الذي يبقيها بلا حسم انتظاراً لتطور الأوضاع في دول أخرى أبرزها العراق. أما في الاخير فان أميركا لم تتدخّل ضد “داعش” الذي أيدته غالبية السنّة فيه إلا بعدما تجاوز حدوده، وصار يهدِّد أقلية حليفة لها هي الأكراد وغالبية شيعية لا يمكن التساهل حيال أي خسارة لها، وأقليات مسيحية وإيزيدية وتركمانية. ويعني ذلك أنها ليست ضد أخذ السنّة العراقيين ما يعتبرونه حقوقاً لهم حرَمهم منها المالكي والنظام العراقي الذي يهيمن عليه الشيعة وتدعمه إيران. كما يعني أنها مثلما تدافع عن الأكراد ستفعل مع السنّة إذا حاول شيعة العراق استعادة السيطرة عليهم جغرافياً وديموغرافياً.

في اختصار، يلفت هؤلاء كل المعارضين للنظام السوري إلى أن عليهم أن يلوموا أنفسهم قبل أوباما وإدارته على ما حصل في سوريا. فتركيا راهنت ولا تزال على “الإخوان المسلمين” فيها ومعها قطر. ولم يُظهِروا أنهم “قدّ الحمل”، كما يقال. والسعودية والإمارات راهنتا على الجيش السوري الحرّ وتنظيمات أخرى بعضها إسلامي. وراهنت هذه كلها على معارضة سياسية مقيمة في الخارج لكنها منفصلة عن الداخل والواقع السوريين. ولم تفعل، وهذا هو الأهم، أي شيء لتأطير الثوار في قوة عسكرية منظّمة، ولربط هذه الأخيرة بقيادة سياسية تضم الداخل والخارج. فضلاً عن أنها استمرت ومنفصلة في دعم فصائل ومنظمات متقاتلة، بعضها متطرِّف جداً.