IMLebanon

يوم الانتصار لحرية الإعلام.. والحقيقة

أسبوع مطلبي «ساخن».. والاستحقاق الرئاسي «معلّق»

يوم الانتصار لحرية الإعلام.. والحقيقة

«خطيئة» استهداف الحريات الإعلامية باستدعاء قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الزميلين إبراهيم الأمين وكرمى الخياط ومؤسستي «الأخبار» و«الجديد»، استمرت بالتفاعل على مختلف المستويات، اعتراضاً على التعرّض للحريات الإعلامية والحق في المعرفة.

وبدا واضحاً أن قرار الملاحقة كان فجّاً الى الحد الذي جعله عصيّاً على الهضم، وهو إذا نجح في شيء، ففي استفزاز معظم الصحافيين والإعلاميين والمثقفين وهيئات المجتمع المدني وشريحة واسعة من الرأي العام، بل إنه أزعج ايضاً بعض السياسيين المنتمين الى «14آذار» والذين اعتادوا على تأييد المحكمة في كل ما تفعله، منذ تأسيسها.

وحتى وزير الإعلام رمزي جريج الذي كان متردداً بداية في رفض إجراء المحكمة، عاد وانحاز الى المكان الطبيعي والخيار البديهي دفاعاً عن الحريات، ولو على طريقته.

والأرجح أن المحكمة لم تكن تتوقع أن يثير قرارها كل هذه العاصفة، وكأنها استسهلت في الأساس اتخاذه، مفترضة أنه يمكن أن يمرّ مرور الكرام، من دون أن تحتسب لهزّاته الارتدادية وردود الأفعال عليه.

والاكيد، أن من اتخذ القرار في المحكمة باستدعاء الزميلين لا يملك أي فكرة عن المصير الذي آلت إليه كل المحاولات السابقة لقمع الحريات وتكبيلها في لبنان، وإلا لكان أدرك ان المواجهة مع السلطة الرابعة ورطة حقيقية، وأن كل متطاول عليها أو مستهدف لها ينتهي به الأمر خائباً ومهزوماً، كما يتبين من المعارك التي خاضتها الصحافة دفاعاً عن حقوقها المكتسبة بالدم والعرق.

وإذا كانت المحكمة الدولية هي التي بدأت هذا الفصل من معركة الحريات، فإنها بالتأكيد لا تتحكم بنهايته، بعدما فقدت السيطرة على مسار هذه القضية التي أصبحت قضية رأي عام.

لقد كبرت كرة الثلج الآخذة في التدحرج، وصارت المشكلة مع كل مناصر للحريات ومتنشّق لهوائها.

وليس مفهوماً بعد أي حكمة هي التي جعلت المحكمة تندفع نحو استعداء وسائل الاعلام، بهذه الطريقة المجانية والعبثية، بدل النظر اليها كشريكة بهذ القدر أو ذاك في رحلة البحث عن الحقيقة المفترضة، لا سيما أن الجهد الذي يبذله الاعلام يمكن أن يساهم في التصويب أو التنوير.

وليس مفهوماً، لماذا استفاقت المحكمة على الكلام عن «تحقيرها» و«عرقلة سير العدالة»، بعد مرور وقت طويل على فعل التسريب الذي استندت اليه في ملاحقة الزميلين ومؤسستي «الأخبار» و«الجديد»، ولماذا بدت متسامحة مع شهود الزور المختصين بالتضليل، فيما ضاق صدرها بالشهود الحقيقيين الساعين الى التصويب؟

وقد جاءت الملاحقة التعسفية للإعلام كي تشكل مناسبة للإضاءة على الخلل الفادح الذي تنطوي عليه بعض مواد نظام المحكمة، ومن بينها المادة 60 مكرر من قواعد الإجراءات والإثبات والتي تمنح القضاة حصانة غير موجودة في أي نظام قضائي في العالم، بلغت حد اعتماد تعريف واسع ومطاط لمفهومي «التحقير» و«عرقلة العدالة»، ما أتاح للمحكمة تصنيف تسريب أسماء الشهود في خانة هذين المفهومين، وبالتالي ملاحقة الإعلاميين على هذا الاساس!

ومن المفارقات كذلك أن العقوبة التي تنص عليها هذه المادة تصل الى سبع سنوات حبس، أو دفع غرامة بـ100ألف يورو أو كلاهما معاً، في حين أن عقوبة تحقير القضاء في القانون اللبناني تتراوح بين السجن ستة أشهر وسنتين كحد أقصى.

ولأن القرار بملاحقة الأمين والخياط يتجاوز في دلالاته ومخاطره حدود الزميلين والمؤسستين اللتين ينتميان اليهما، فقد دعت «السفير» وهيئات عدة الى لقاء تضامني واسع عند الثانية عشرة ظهر اليوم في نقابة الصحافة، دفاعاً عن «الحقيقة المجرّدة»، وتضامناً ليس فقط مع الأمين والخياط وإنما مع فكرة الحرية التي لا تحتمل أنصاف الحلول، ومع الذات أيضاً، لأن كل إعلامي مهدد بأن يكون الهدف التالي لمزاجية المحكمة.

ومن المتوقع أن يشارك في اللقاء حشد كبير من الإعلاميين والناشطين في مجال حقوق الانسان والسياسيين وشخصيات اجتماعية واقتصادية وثقافية ونقابية، في «رسالة» واضحة الى كل من يهمّه الأمر بأن الحريات في لبنان خط أحمر.

وعشية الوقفة التضامنية مع الحريات، قال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«السفير» إنه يقف الى جانب الحريات الإعلامية وإنه واثق في براءة الأمين والخياط من التهمة الموجهة اليهما، لكنه في الوقت ذاته يدعو الى احترام آلية عمل المحكمة والمثول أمامها، لإثبات هذه البراءة، لأن المحكمة هي كائن شرعي، وقراراتها ملزمة للبنان، ولو انها وُلدت في السياسة.

واعتبر أن من حق الاعلام انتقاد المحكمة متى وجد أن هناك ما يستوجب ذلك، وأشار الى أنه شاهد التقارير التي بثّها «الجديد»، معتبراً أنها تضمنت انتقادات مسؤولة ومشروعة، «ولذا أنا متأكد من أن التحقيق مع «الجديد» و«الأخبار» سينتهي الى براءتهما، والمهم أن يحسنا الدفاع عنها عبر سلوك الطرق القانونية الملحوظة وفق آلية عمل المحكمة، لأن عدم المثول أمامها قد يرتّب تبعات نحن بغنى عنها، من قبيل صدور مذكرات توقيف، وأنا أقدم هذه النصيحة لمصلحة الزميلين والمؤسستين، لأنني أرفض الغوغائية والبطولات الوهمية في مثل هذه المناسبات».

وأوضح أنه لن يشارك شخصيا في اللقاء التضامني اليوم مع الحريات الاعلامية لأنه مرتبط بمواعيد أخرى، «لكنني كتبت رسالة ستتلى خلال اللقاء، أؤكد فيها أنه مهماً كانت آراؤنا، نحن نتفق على قدسية الحرية في لبنان، شرط أن تكون مسؤولة».

أما المحامي رشاد سلامة، فأكد من جهته لـ«السفير» أن النصوص التي استندت اليها المحكمة في إجرائها ضد الاعلام تنطوي على أنواع من الإرهاب والترهيب والقمع والتهويل لا مثيل لها في أي نص قانوني في العالم، معتبراً أن ما جرى يجب أن يشكل فرصة للمطالبة بتعديل نظام المحكمة الذي هو الأسوأ بالمقارنة مع كل الأنظمة القضائية والمحاكم الدولية.

واستغرب سلامة أن تلاحق المحكمة زميلين إعلاميين بتهمة تسريب أسماء شهود سريين، وتتجاهل في المقابل مسؤولية المدعي العام ومكتبه المعنيين بحماية كل المواد التي تصنّفها المحكمة ضمن قاعدة سرية التحقيق، وبالتالي إذا كان لا بد من مساءلة فهي يجب أن تكون لهما حصراً (راجع ص 4).

تحركات مطلبية في الشارع

وبالتزامن مع التحرك الواسع دفاعاً عن الحريات، تزدحم مفكرة هذا الاسبوع بمواعيد مطلبية ساخنة، تُستهل اليوم بتظاهرة سيارة مركزية لـ«اتحادات ونقابات قطاع النقل البري»، فيما دعت «هيئة التنسيق النقابية» الى الإضراب والتظاهر غدا للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب في مجلس النواب، ودعا «الاتحاد العمالي العام» الى الإضراب بعد غدٍ الأربعاء.

وبينما تواصل اللجنة النيابية المستحدثة نقاشاتها في مجلس النواب حول مشروع سلسلة الرتب والرواتب، قال الرئيس نبيه بري لـ«السفير»: نحن في الأساس لسنا مُمَثَلين في اللجنة ورفضنا الانضمام اليها، لكن في الوقت ذاته طلبت من وزير المال تقديم كل التسهيلات التي تحتاجها لإنجاز مهمتها، وأنا أنتظر تقريرها غداً، حتى يبنى على الشيء مقتضاه، فإذا كان جيداً نأخذ به، وإذا لم يكن كذلك نعدّله.

ورداً على سؤال عما إذا كانت هناك إمكانية لعقد جلسة عامة لحسم مصير السلسلة، قبل إنجاز الاستحقاق الرئاسي: أجاب: لِمَ لا؟ لا مشكلة في عقد جلسة كهذه، في أي وقت.

الانتخابات الرئاسية

على خط الاستحقاق الرئاسي، تفيد المعطيات التي تجمّعت حتى أمس أن نصاب الجلسة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية، بعد غد، لن يكتمل. ويبدو أن هناك مصلحة لدى أكثر من فريق داخل «8 و14آذار» بتأجيل إضافي، الى حين تبلور نتائج المفاوضات المستمرة بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري.

وعُلم ان الوزير وائل أبو فاعور غادر أمس الى جدة التي كان قد زارها أيضا قبل ثلاثة أيام، في إطار المسعى التوفيقي الذي يتولاه النائب وليد جنبلاط لتقريب وجهات النظر حول الانتخابات الرئاسية.

وأبلغ بري «السفير» أنه يتعامل حتى الآن مع الاستحقاق الرئاسي بالطريقة الكلاسيكية، ولكن ذلك لن يستمر طويلا، «وإذا لم نصل الى نتيجة في القريب العاجل، فإنني سأبدّل هذه الطريقة بعد جلستين».

وأشار الى أن الأزمات الإقليمية والدولية الضاغطة جعلت مركز لبنان يتأخر في سلّم اولويات الخارج، الأمر الذي يجب أن يستفيد منه اللبنانيون ليدفعوا في اتجاه انتخاب رئيس يكون صناعة وطنية.

وفي سياق متصل، قالت مراجع بارزة لـ«السفير» إن الاميركيين والفرنسيين أبلغوا المعنيين في لبنان أنهم لا يضعون «فيتو» على أي مرشح، كما أن السعودية وإيران أعلنتا عن تأييدهما لأي رئيس يتوافق عليه اللبنانيون.

واعتبرت المراجع أن ربط الانتخابات الرئاسية اللبنانية بالاستحقاقات في سوريا والعراق ومصر وغيرها هو ربط خطير، لأن الازمات في تلك الدول ستطول، وإذا كان لبنان يريد أن ينتظر ماذا سيجري هناك ليعرف ماذا سيجري هنا، فهذا معناه أن الانتظار سيكون طويلا ومكلفاً.

جلسة تعيينات

على صعيد آخر، رجّح مصدر وزاري أن تعقد الحكومة جلسة قبل ظهر الجمعة في القصر الجمهوري بعد عودة الرئيس ميشال سليمان من الخارج.

وتوقّع المصدر أن يتم تعيين القاضية ميسم النويري ـ التي رشّحها وزير العدل اللواء أشرف ريفي ـ مديراً عاماً لوزارة العدل، خلفاً للقاضي عمر الناطور الذي أحيل الى التقاعد. وهناك احتمال تعيين مدير عام للجمارك ورئيس المجلس الأعلى للجمارك اذا تقدم وزير المالية بترشيحات للمنصبين.

ومن المطروح أيضا تعيين زياد شبيب محافظاً لبيروت، ورئيس مصلحة حماية المستهلك المدير العام بالإنابة لوزارة اﻻقتصاد فؤاد فليفل محافظاً لجبل لبنان.