IMLebanon

1.87 مليار دولار ارباح 14 مصرفاً

لم تتمكن كل الضغوط السياسية والأمنية والاقتصادية من «هزّ» أرباح المصارف في عام 2014. تقرير «بنك داتا» يظهر أن أرباح مصارف «ألفا» زادت بنسبة 9% لتبلغ 1.87 مليار دولار. يأتي هذا الرقم ليكذّب كل ما أشيع عن خطر إفلاسات مرتقبة روّج لها رجال أعمال ومصرفيون، وهو يخالف، حتى الآن، كل ما قيل عن تداعيات الأزمة السورية على تدفق الودائع والتحويلات والتصدير… هذا هو النموذج الذي يمتصّ اقتصاد لبنان لمصلحة 14 مصرفاً، الذي لا يكتمل من دون آلة الشائعات

خلال السنوات الخمس الماضية كانت الشائعات تضرب اقتصاد لبنان. عمل عشرات رجال الأعمال والمصرفيين وتجار العقارات والصناعيين والمستوردين وأصحاب الوكالات الحصرية وغيرهم على إظهار صورة سوداوية عن مصير الاقتصاد اللبناني بعد الأزمة السورية وتداعياتها السلبية. كانت الشائعات تشير إلى أن صرف الأجراء والعمال ليس سوى مؤشر على بداية مرحلة الإفلاسات والانهيارات. في نهاية كل فصل، كان يخرج أحد الناطقين باسم هؤلاء، سواء من جمعية مصارف لبنان، أو من غرفة التجارة في بيروت وجمعية الصناعيين وجمعية تجار بيروت وتجمعات تجار العقارات، ليشير إلى أن أوضاع المؤسسات في لبنان لامست الخطّ الأحمر وهو ما سينعكس سريعاً على الدائنين، أي على المصارف.

ولم يكن يجد هؤلاء حرجاً في المطالبة بإعادة جدولة الديون للحفاظ على المصارف التي تعدّ أهمّ أداة للنموذج الاقتصادي ــ المالي المكرّس في لبنان. مصدر الخطر بالنسبة إليهم هو ألا يتمكن الاقتصاد اللبناني من تأمين معدّل كافٍ من «نمو الأرباح».

وبمعزل عن مدى هشاشة هذا النموذج القائم على «نموّ الأرباح»، إلا أن الظروف التي استخدمت كمبرّر لإطلاق حملة التهويل هذه، لم تكن أصلاً واقعية؛ فأرباح المصارف لم تتوقف يوماً عن النموّ وبمعدلات عالية. ففي عام 2011 ربحت مصارف «ألفا»، أي المصارف الـ14 الأكبر في لبنان التي تمثّل نحو 90% من السوق المصرفية، ما قيمته 1.6 مليار دولار، وفي عام 2012 ربحت 1.71 مليار دولار، وفي عام 2013 استقرّت على 1.71 ملياراً، لكنها ارتفعت في عام 2014 إلى 1.87 مليار دولار منها 1.55 مليار دولار مولّد محلياً، و316 مليوناً مولّدة لدى مصارف شقيقة أو تابعة أو مملوكة من مصارف «ألفا» خارج لبنان.

الودائع زادت في السنوات

الخمس الأخيرة ما قيمته

37.6 مليار دولار

وكانت هذه المصارف تعتمد بصورة أساسية على الأرباح المحققة من السوق المحلية، وتحديداً من التسليفات للقطاع الخاص المحلي ومن ادوات الدين العام ولا سيما سندات الخزينة اليوروبوندز وشهادات الإيداع الصادرة عن مصرف لبنان. فبحسب «بنك داتا»، تبيّن في نهاية عام 2014 أن توظيفات مصارف «ألفا» في سندات الدين تبلغ 33.3 مليار دولار منها 55% بسندات الليرة و45% بسندات اليوروبوندز. أما شهادات الإيداع الصادرة عن مصرف لبنان، فهي تبلغ 20.5 مليار دولار، منها 80% بشهادات الليرة و20% بالعملات الأجنبية. مجموع توظيفات مصارف «ألفا» في الدين الحكومي بلغ 53.8 مليار دولار، في مقابل تسليفات للقطاع الخاص المقيم في لبنان لا تتجاوز قيمتها مبلغ 41.2 مليار دولار منها 25.7% بالعملة المحلية و74.3% بالدولار.

وبحسب أرقام «بنك داتا»، فإن التسليفات الخاصة زادت بقيمة 9 مليارات دولار، فيما زادت محفظة التوظيفات في السندات السيادية من 48 مليار دولار إلى 53.8 ملياراً في نهاية 2014، أي ما قيمته 5.8 مليارات دولار. أما الودائع فقد زادت خلال السنوات الخمس الأخيرة ما قيمته 37.6 مليار دولار لتسجّل في نهاية 2014 ما قيمته 161 مليار دولار.

هذه هي مؤشرات الأداء الإجمالي للمصارف، لكن ماذا تكشف هذه الأرقام؟ ببساطة لا تخفي هذه الارقام أن المخاطر تزداد على المصارف بسبب هذا التركّز المرتفع في بنية تسليفاتها وتوظيفاتها. ومصدر الخطر يعزى إلى أمرين:

ــ الأول أن ارتكازها على الانخراط إلى هذه الدرجة في التوظيف في الديون السيادية لتحقيق الأرباح أمر قد نبّه إلى مخاطره البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أكثر من مرّة، مشيرين إلى ضرورة تنويع التوظيفات والمخاطر أيضاً. فهذا الانخراط يتأثر بعوامل كثيرة سياسية وأمنية ويرتبط مباشرة بتمويل الدولة وبميزانياتها وباستثماراتها وبالدين العام.

ــ الثاني أن أجل التوظيفات السيادية طويل، اي إن استحقاق السندات يكون بعد فترة أقلها 8 سنوات، إلا أن أجل الودائع التي يضعها الزبائن لدى المصرف ليس طويلاً ولا يصل في المتوسط إلى سنة، وبالتالي فإن المخاطرة كبيرة بين استحقاق الوديعة المصرفية واستحقاق الديون السيادية وهو ما يفرض على المصارف أن تكوّن احتياطات كبيرة من السيولة تتجاوز 31 مليار دولار تحتفظ بها مصارف «ألفا» تحسباً لأي طارئ سياسي أو أمني، يجعل الطلب المتزايد على السيولة أمراً قابلاً للاستيعاب، إلا أن هذه السيولة تكبّد المصارف كلفة كبيرة نظراً إلى كلفة الاحتفاظ بها (المصارف تدفع فوائد للمودعين وتسمي الأموال التي تحتفظ بها سيولة).

كذلك تشير أرقام مصارف «ألفا» إلى أن الديون الإجمالية المشكوك بتحصيلها تبلغ 3.66 مليارات دولار، علماً بأن المصارف شطبت ديون معدومة بقيمة مليار دولار خلال عام 2014 وبما قيمته 3.2 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الماضية.

أما المؤونات المالية التي فرض على المصارف اقتطاعها من أرباحها لمواجهة حالات الديون المعدومة أو المشكوك بتحصيلها، فقد بلغت 1.4 مليار دولار في نهاية 2014 مقارنة بـ981 مليون دولار في عام 2011، وقد بلغت قيمة المؤونات الإجمالية 637 مليون دولار مقارنة بـ 444 مليوناً في عام 2011.

حملة التهويل لم تمنع مصارف «ألفا» من الانتشار محلياً وخارجياً. ففي مختلف مناطق لبنان، افتتحت المصارف 67 فرعاً جديداً لها ليصبح عدد الفروع 1199 فرعاً. بين الفروع الجديدة، هناك 34 فرعاً في السوق المحلية و33 فرعاً في الاسواق الخارجية. ويعمل لدى المصارف نحو 29 ألف موظف، بينهم 20 ألفاً يعملون في لبنان، و9 آلاف في الخارج.