يوم استهداف الرؤساء، من واشنطن إلى نيويورك وبالتزامن رسالة تشبه في خطورتها صدمة 11 أيلول، الطرود المشبوهة والمتفجرة تجوّلت بالأمس في نيويورك واعترضت طريقها في واشنطن وصلت إلى مبنى وارنر تايم وطرقت أبواب محطة الـ CNN، رسالة «خارقة» في تهديداتها من طرد مشبوه تم إرساله إلى منزل الرئيس السابق، باراك أوباما، إلى قنبلة في منزل الرئيس السابق بيل كلينتون وزوجته المرشحة الرئاسيّة هيلاري كلينتون واعتراض آخر كان في طريقها إلى البيت الأبيض، هي رسالة «غير مشفّرة» ومعناها شديد الوضوح ولا يحتاج «نحن قادرون على الوصول إلى قلب منازلكم»، ولكن من هؤلاء الـ «نحن»؟!
ذهبت أميركا بعيداً إلى محاربة الإرهاب، دمّرت بلاداً وقضت على أنظمة، ومع هذا، بالأمس تنبّه الجميع أنّ الإرهاب في عقر دار رؤسائها، رسالة قاسية جدّاً، وهي قاسية إلى حدّ إعلانها استهداف أهمّ رمزيْن في الولايات المتحدة الأميركيّة، الرؤساء والإعلام، قد يصل المتابع إلى خلاصة أوليّة تشير في عقله إلى شبهات اتهام لجهة بعينها، روسيا أم الصين أم إيران أم…، ولكن أيّ عاقل لا يستطيع أن يعتبر تخميناته الأولى حقيقيّة ويتعامل معها على هذا الأساس، إنّما المفارقة الوحيدة التي تستوقف أي متابع هي أنّ داعش إذا سحب مختل عقليّاً سكيناً في آخر أصقاع الأرض، تسارع إلى إعلان مسؤوليّتها عن الحادث، فيما التزمت الصمت بالأمس ولم تسارع كالعادة إلى تبنّي هكذا عمليّة كبرى ولو «عرضاً للعضلات»!
بدون شكّ جنون الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلغ الذروة مع إعلانه نيّة الانسحاب من الاتفاق النووي مع «الاتحاد السوفياتي» السابق، ودخل مع الصين في حرب «تجاريّة» عالميّة، إلى حدّ يجعل كثيرين يعتقدون أنّ الحرب العالميّة الثالثة على وشك الاندلاع، التشنّج بلغ ذروته عالمياً بين، الحرب التجاريّة قد تكون بوابة لانفجار العالم في وجه دونالد ترامب وأميركا.
المقلق في الرسالة الإرهابيّة للولايات المتحدة الأميركيّة الطرد المشبوه في مبنى وارنر تايم وإخلاء مكاتب الـ CNN، بصرف النظر عن أي تفاصيل أخرى، هي رسالة للإعلام الأميركي بأنّه في دائرة الاستهداف الأولى، هنا نستطيع أن نطرح ألف علامة استفهام من وكيف ولماذا، وفي هذا التوقيت بالذّات، وكلّها ستبقى بدون إجابات في الوقت الحالي، بمعزلٍ عن ارتجالات دونالد ترامب وتفسيراته المتعجّلة عن «الترويع»، الأمر أبعد وأخطر من ذلك بكثير!
2 ـ إسرائيل وسحل الرهبان
ربض الجندي الإسرائيلي على ظهر الراهب القبطي وحوله جنود آخرون، أظهر جنود العدوّ عدم اكتراثٍ لشيبة لحية الراهب الآخر، في رسالة هي الأوضح في همجيّتها إلى كلّ بطريركيّات العالم المسيحي، رسالة تقرع حتى أبواب الفاتيكان مع الحديث عن شراء أراضي الكنيسة في القدس، رسالة يهوديّة عنيفة تقول لمن يهمّه الأمر لا مكان في القدس لا للمسيحيين ورهبانهم سواءً أكانوا أقباطاً أم روم أم كاثوليك أو أيّ مذهب كنسي، ولا مكان في القدس للمسلمين ولا للمسجد الأقصى، ولا لبيوت المقدسيّين، ممنوع أن يدقّ مسمار أو يرفع حجر أو أن يصلح سقف ولا باب لا في مسجد ولا كنيسة، رسالة لا يعادلها في إرهابها حتى إرهاب القاعدة وداعش وكل إرهابٍ عرفناه خلال قرن من الزمان..
مشهد سحل الرهبان في الباحات بالأمس والتعامل معهم بكلّ هذا العنف، له عنوان واحد لا مكان هنا إلا للدولة اليهوديّة فقط، وإعلانها بات أقرب ممّا يتخيّل كلّ الذين يتواطأون بصمتهم عن مقدّسات المسيحيين والمسلمين!