تخطَّى البحث في الأروقة السياسية احتمال إجراء الإنتخابات النيابية أو التمديد لمجلس النوّاب، إلى توقيت التمديد ومدّة الولاية الجديدة لمجلس لم ينجح في انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار بعض القوانين المهمّة.
تنتظر وزارة الداخلية تقديم طلبات الترشيحات الى الانتخابات النيابية في سيناريو سيُشبه المشهد الانتخابي الذي سبَق التمديد الأوّل لمجلس النواب عاماً و6 أشهر، على أن تنتهي مهلة الترشّح يوم الثلثاء 16 أيلول الجاري عند الساعة 11 و59 دقيقة منتصف الليل.
وقد أقفلت الترشيحات حتى يوم أمس على 10 مرشحين هم: رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، والنواب أعضاء كتلة «التحرير والتنمية»: عبد اللطيف الزين، علي بزي، هاني قبيسي، علي خريس، علي عسيران، قاسم هاشم.
إضافة إلى النائب السابق صلاح حنين عن المقعد الماروني في بعبدا، والسيد إميل كنعان عن المقعد الماروني في المتن الشمالي، والسيدة جورجيت حداد عن المقعد الأرثوذكسي في دائرة البقاع الغربي وراشيا.
وزارة الداخلية تعمل وكأنّ الانتخابات حاصلة حكماً، مع معرفتها المسبقة بأنّ المؤشرات السياسية والأمنية ستفرض التمديد. وعلمت «الجمهورية» أنّ السفراء الذين يقصدون وزارة الداخلية يسألون عن الجهوزية والتحضيرات، لكنهم لا يدخلون في نقاش ما اذا كان الوضع الأمني يسمح بإجراء الانتخابات أو لا، ولا يُسدون النصائح بتأجيل هذه الانتخابات أو يضغطون لاحترام المواعيد الدستورية، وهذا يؤشّر وفق أوساط متابعة، الى عدم إعطاء الإنتخابات النيابية الاهتمام اللازم، لأنّ الأزمة في مكان آخر، في وقت لم توقّع الحكومة بعد صَرف اعتمادات مالية لوزارة الداخلية لإجراء الانتخابات، ولم تصدر مراسيم بتأليف هيئة الإشراف عليها.
يطغى الهمّ الامني على البلد بعد أحداث عرسال والخوف من تمدّد «داعش» في المنطقة، ما دفعَ الاجهزة الأمنية الى تجنيد جميع عناصرها لمكافحة الإرهاب وضبط الأمن ومراقبة النازحين، فيما يتطلّب إجراء الانتخابات استنفار 10 آلاف عنصر من قوى الامن الداخلي على الأقل، لأنّ هناك 6500 قلم اقتراع، يحتاج كلّ قلم منها الى عنصر من قوى الأمن الداخلي، إضافة الى فرز عناصر لحراسة مراكز الاقتراع وتأمين الحماية للصناديق أثناء نقلها، فضلاً عن استنفار الجيش لتأمين الحماية للعملية الإنتخابية ككل، وحماية المهرجانات والطرق، وهذا كله غير متوافر الآن بسبب انتشار الجيش والقوى الأمنية في المناطق الحسّاسة والملتهبة.
وعلى خطّ الترشيحات، ستتقدّم مختلف الكتل بطلبات الترشّح، لكنها لم تحسم التوقيت بعد، ما يتطلّب خطوة سريعة تحسم التمديد من عدمه، لتفادي تكرار أزمة تقديم الطلبات ودفع مبالغ الترشّح ومن ثمّ استردادها، وإرباك وزارة الداخلية التي تواجه تحديات كبيرة في هذه المرحلة.
وفي الوقت الذي يَنوي فيه حزب «القوّات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» تقديم مرشحيهما، سيقرّر حزب الكتائب اللبنانيّة خوض الانتخابات وتسمية مرشحيه في اجتماع مكتبه السياسي الإثنين المقبل، حيث يؤكد عضو المكتب السياسي سيرج داغر لـ«الجمهورية» أنّ الحزب «سيحافظ بالمبدأ على ترشيح النواب الخمسة الحاليين مع إضافة مرشحين في مختلف الأقضية المسيحية»، لافتاً الى أنّ «موقف «14 آذار» مبدئي في تقديم الانتخابات الرئاسية على النيابية، مع تأكيد احترام مواعيد الإستحقاقات الدستورية».
في المقابل، يبدو تيار «المستقبل» والحزب «التقدمي الإشتراكي» أكثر واقعية ولم يدخلا في المزايدات، حيث يعتبر «المستقبل» أنّ التمديد هو أبغض الحلال ولا يريد التضحية بالحكومة على رغم أن نوّابه سيقدمون ترشيحاتهم لحفظ ماء الوجه، فيما يؤكد أمين السرّ العام في الحزب «الإشتراكي» ظافر ناصر لـ«الجمهورية» أنّ «الأوضاع الأمنية صعبة جداً، والتمديد سيحصل بعيداً عن المزايدات وكسب النقاط لأنّ الأحداث كبيرة»، مشيراً إلى أنّ «الاشتراكي سيُقدّم ترشيحاته، لكنّنا سنعيش سيناريو العام الماضي نفسه».
لم تستوِ طبخة التمديد بعد والجميع يبحث عن مخرج لائق، خصوصاً أنّ أحداث المنطقة تفرض نفسها على الساحة اللبنانية، وبين احترام المواعيد الدستورية والواقعية السياسية، الأمر الواقع أقوى.