Site icon IMLebanon

بعد 10 سنوات على الاغتيال «الإسلام المتطرّف» يخطف المشهد و يُطوّق «الحريريّة السياسيّة»

تعود الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والحريرية السياسية بما تمثل تاريخيا من عنوان للاعتدال السني في لبنان تعيش أشد أزماتها بعد أن أصبحت مهددة ومطوقة من الإسلام المتطرف على حدّ قول مصادر متابعة، والذي يتوسع حضوره الشعبي والسياسي في الشارع السني في صيدا وبيروت وشمال لبنان والبقاع الاوسط وعرسال على حساب الحضور السياسي للحريرية السياسية التي نجحت الأصوليات المتطرفة السلفية بتدرجاتها و فروعها المختلفة خلال الأعوام الماضية ليس فقط في استقطاب شرائح واسعة من المخزون الشعبي لتيار المستقبل بل ان هذه الأصوليات المتطرفة قد نجحت أيضا في التسلل بأدبياتها وطروحاتها إلى قلب تيار المستقبل نفسه.

وأشارت الى أن حالة النائب خالد الضاهر وغيره من النواب المحسوبين على الكتلة الزرقاء ليس إلا دليلا ساطعا على أن هؤلاء النواب يمثلون جناح التطرف الذي نما في السنوات الأخيرة داخل تيار المستقبل وفي قلب الشارع السني ويخطئ من يظن بأن ما قاله النائب خالد الضاهر جهارا إلى كل من يعنيهم الأمر داخل تيار المستقبل والدولة اللبنانية بأنه «اذا اردتم ازالة الشعائر الدينية عن مدخل طرابلس فابدأوا بإزالة تمثال يسوع الملك وكل القديسين في جونية الفاتحين ايديهم» هو مجرد كلام عابر مرتبط بحادث عابر يمكن أن ينتهي بمجرد تعليق عضويته في كتلة المستقبل النيابية أو بمجرد استنكار وانتقاد تيار المستقبل ببعض التصريحات، فما قاله الضاهر الذي لديه الكثير من المتعاطفين والمؤيدين لما قاله داخل صفوف تيار المستقبل، خصوصا أن العالمين بكواليس تيار المستقبل يدركون جيدا أن المتطرفين المعارضين للحوار مع حزب الله والذين يحملون مظلومية أهل السنة في لبنان، لدغدغة وإرضاء الشارع السني هم أقوى مما يظن البعض داخل التيار الذي يحتاج إلى انتفاضة وربما إلى ثورة لتعود الحريرية السياسية إلى نهج الاعتدال والانفتاح الذي أسسه ورسم معالمه الرئيس رفيق الحريري واستشهد في سبيله.

وأشارت المصادر الى أن نموذج حالة الضاهر وغيره من نواب المستقبل الذي يحاكي لغة الشارع السني بغالبيته الساحقة ويحمل شعار الدفاع عن اهل السنة والرايات السلفية الاسلامية المتطرفة في قلب تيار المستقبل هو نموذج ليس بالعابر أبدا بل نموذج ثابت أساسي كرس حضوره بقوة في المشهد السياسي داخل التيار الأزرق خلال السنوات الماضية التي وقع فيها الرئيس سعد الحريري بعد خروجه من رئاسة الحكومة وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة في فخ نصائح بعض المستشارين الخاطئة جدا والتي تمحورت في إذكاء الغضب السني وصب الزيت على نيران التطرف في الشارع السني، وذلك ضمن سياسة «خرقاء» أراد من خلالها هؤلاء المستشارون ابتزاز حزب الله وحشره بين خيارين إما أن يقبل عودة غير مشروطة للرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة وإما عليه أن يتعاطى مع المتطرفين السنة في لبنان.

ولفتت المصادر الى انه يوما بعد يوم يتكشف أكثر وأكثر بأن من اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ضمن لعبة الأمم الجهنمية كان يستهدف بالدرجة الأولى من خلال هذه الجريمة النكراء ضرب قلب الاعتدال السني والقضاء عليه من أجل افساح المجال أمام صعود التطرف السني الحاضن للتنظيمات الإرهابية التكفيرية في لبنان وكل المنطقة العربية، وقد نجحت تلك المؤامرة الجهنمية التي لا نزال نعيش تداعيات ويلاتها إلى حد كبير في تحقيق هذا الهدف، أنه بعد 10 سنوات على هذه الجريمة الكبرى ها هي التنظيمات التكفيرية الإرهابية وغيرها من التنظيمات والمنظمات التي تنتهج الفكر الأصولي المتطرف في العالم العربي كما في لبنان قد نمت واشتدت وباتت تتصدر المشهد السياسي بشكل أساسي على خارطة موازين القوى السياسية. كما أنه بعد 10 سنوات من الجريمة المؤامرة بات واضحا أنه من الأهداف الأساسية لتلك الجريمة آنذاك هو استدراج الفتنة السنية – الشيعية إلى لبنان وكل المنطقة العربية، وما يجري اليوم على صعيد ما يسمى بالمحكمة الدولية يدخل في جزء أساسي منه إلى ابعاد الشبهات عن المستفيدين الحقيقيين من جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أي اسرائيل التي لم توجه لها يوما شبه اتهام لا من المحكمة الدولية ولا من لجنة التحقيق الدولية على الرغم من المعطيات الكثيرة التي قدمها سماحة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله كقرائن قانونية وقضائية يمكن من خلالها توجيه شبه اتهام إلى اسرائيل في الضلوع بارتكاب هذه الجريمة التي أيضا لم توجه فيها المحكمة الدولية ولا لجنة التحقيق الدولية أي شبهة اتهام إلى بعض الضالعين من جهات اقليمية استفادت من ازاحة رفيق الحريري من أجل تحقيق مشروعها على صعيد تعزيز نزعة التطرف الخطيرة في الشارع الإسلامي السني كبيئة مؤاتية وملائمة لها لاحتضان ودعم وتمويل وتسليح التنظيمات التكفيرية الإرهابية كالقاعدة وداعش وجبهة النصرة وغيرها من التنظيمات المشابهة.

الأوساط عينها أشارت الى أن هناك استهدافاً مستمراً لمدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ترسيخ ثقافة الاعتدال والانفتاح والعيش الوطن المشترك في لبنان من خلال ما يكشف من تفاصيل في الإفادات المتلفزة في المحكمة الدولية عن أمور تتعلق بدفع أموال ورش وتلقي الرئيس الشهيد وفريق عمله شتى أنواع الإهانات من قبل نظام الوصاية السوري والتي لا تليق برئيس حكومة لبنان ولا بوزرائه ولا نوابه الذين يمثلون الناس في وطن الأرز. فهذه الإفادات قد أساءت للأسف الشديد كثيرا عن قصد أو عن غير قصد إلى هالة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان في تلك الآونة يمارس قناعته على طريقته في الدفاع عن وحدة لبنان وتحصين سلمه الأهلي وعيشه الوطني المشترك وأمنه واستقراره من خلال تعاونه مع النظام السوري الذي كان قريبا آنذاك من الرئيس الشهيد رفيق الحريري بموجب التفاهم السعودي – السوري أي الـ «سين – سين» التي كانت ترعى تنفيذ اتفاق الطائف في لبنان. وبالتالي فأن الرئيس الشهيد لم يكن خاضعا أو مستسلما لابتزاز ومغلوب على أمره من أحد في تلك الآونة كما يحاول البعض أن يصور والدليل على ذلك أن انجازات الإنماء والإعمار التي حقق انجازاتها الرئيس الشهيد رفيق الحريري في تلك المرحلة التي شهدت أيضا أفضل العلاقات بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحزب الله خصوصا أن المقاومة وجميع الأطراف السياسية كانوا يشهدون للرئيس الشهيد رفيق الحريري دوره الخفي الاساسي في اسقاط اتفاق 17 آيار المذل مع العدو الصهيوني، بالإضافة إلى نهجه السوي الذي بنى من خلاله «شراكة» استراتيجية مع المقاومة ادت إلى انتصار المقاومة على اسرائيل في نيسان من العام 1996 في عدوان «عناقيد الغضب »، وإلى الانتصار الكبير في معركة تحرير كامل الأرض المحتلة من رجس الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب في العام 2000 من دون اي مساومة أو اتفاق مع العدو على الكرامة والمصلحة الوطنية اللبنانية.