IMLebanon

نجوم المئة يوم

 

الانتفاضة تصنعهم وتعجز عن صنع قيادة

أكثر من مئة وعشرين يوماً مرّت على اندلاع الإنتفاضة، برزت خلالها وجوه من خارج المنظومة التي احتلّت الإعلام كما السلطة لسنوات. وكما لكل حدث وجوهه وشخصيات تفرض نفسها، فيحاول الإعلام اقتناصها ليصنع منها نجوماً، فلـ 17 تشرين وما بعده نجومه. منها من يملك مقومات النجومية، ومنها من صنعت منه اللحظة أو حدث ما نجماً.

بعض الوجوه نسجت حولها القصص بل وبهِّرت، فبات بطلاً في نظر البعض ومخبراً في نظر آخرين. غيره برزوا قبل، في محطات اعتراضية مختلفة لا سيما في حراك 2015 وترشحوا بعده للانتخابات النيابية الأخيرة، وعادوا إلى الشاشة بعد أن انكفأت السلطة في المئة يوم الأولى من الانتفاضة. هؤلاء وإن برزوا في محطات متشابهة لكنهم ليسوا جسماً واحداً ولا تجمعهم نفس الرؤية. بل يختلفون أحياناً ويتقاذفون الإنتقادات بلا رحمة. حتى أن بعضهم يرحم السلطة اكثر مما يرحم مجموعة اخرى.

 

نعمت بدر الدين على الأرض والشاشات

 

لا تترك بدر الدين أرض الاحتجاج ولا شاشات البث المباشر، وهي التي انطلقت من شاشة تلفزيون الجديد في برنامج الزعيم في العام 2013. منذ ذلك الحين وبدر الدين، كما غيرها، تحذر من أسباب الأزمة، وتهاجم أصحاب المصارف. مع حراك 2015 لمع نجم بدرالدين بقوة أكبر، وتحوّل ظهورها الإعلامي في كثير من الأحداث مادة للتهكم بسبب تصريحاتها التلفزيونية، واتهمت بحب الظهور. وحتى اليوم تساق اتهامات كثيرة بحق الناشطة السياسية التي تلازم الأرض دوماً وتتابع العديد من القضايا والملفات، وكأنها متفرغة للأمر.

 

اليوم يبدو وكأن الناشطة السياسية تشعر بالغبن إعلامياً. ففي حين أن القنوات المحلية هي التي صنعت نجومية بدر الدين في السابق، غير أن ظهورها عليها تراجع في الفترة الأخيرة. وكان ظهور بدرالدين عبر الفضائيات أكثر من ظهورها عبر القنوات المحلية. وفي حديث لـ»نداء الوطن» ترى بدرالدين أن سبب اختلاف الضيوف بين القنوات المحلية والفضائيات يعود إلى رغبة الفضائيات في سماع تحليل سياسي والسؤال عن التحركات والمجموعات التي تتحرك، بينما تبحث الميديا المحلية عن رأي الجمهور.

 

وإذ تنتقد الناشطة السياسية لقبولها الظهور على محطة رئيس الجمهورية المعادية للثورة، تؤكد أنها ضد مقاطعة أي قناة أو برنامج أو أي مكان يمكن للناشطين ايصال صوتهم وأفكارهم من خلاله. تشكو بدرالدين من الظلم الذي تتعرض له وترى في الاتهامات الموجهة إليها حملة ممنهجة. وترفض بدر الدين اتهامها تارة بأنها تعمل لصالح «حزب الله»، وتارة أخرى بأن جميل السيد هو من يحرك مجموعتها، فتقول: «منذ أيام وخلال ظهوري عبر الـ»أو تي في» قلت ما أريد أن أقوله، هاجمت حركة أمل و»حزب الله» وآداءه السياسي في الداخل والخارج. وسابقاً رفعت ضدي دعاوى من الجهتين».

 

وكما معظم نجوم حراك 2015، خاضت ابنة النبطية الانتخابات النيابية عن المقعد الشيعي في دائرة بيروت الثانية، حيث كثرت اللوائح التي حاولت التسويق لنفسها كممثل لحراك2015 أو ما عرف بالمجتمع المدني، بعد عجز قوى الاعتراض عن تشكيل لوائح في النبطية.

 

واصف الحركة: محامي الشعب

 

عاد نجم واصف الحركة إلى السطوع اكثر وأكثر بعد منازلته لوزير الصحة السابق والنائب الحالي وائل أبو فاعور في ندوة من قلب عرين الحزب الإشتراكي في راشيا. في الندوة استشهد الحركة بكلام للنائب السابق اسماعيل سكرية (شقيق النائب الوليد سكرية) ليحمل أبو فاعور مسؤولية اختفاء أدوية السرطان في عهده بسبب نقلها إلى محافظة السويداء السورية».. ما أثار غضب النائب المتّهم ودفع به لإعلان استعداده للاستقالة في حال ثبت كلام الحركة، كما تقدم بادعاء ضده. الأمر الذي استدعى موجة تضامن واسعة مع الحركة من قبل الناشطين الذين عرفوه وشهدوا له بصدقه وإخلاصه.

 

ومن يعرف المحامي النشيط يعرف أنه لا يفارق الساحات منذ سنوات، وأن تاريخ 17 تشرين ليس سوى محطة من نضاله المستمر. فمنذ سنوات والحركة يواظب على النزول إلى الشارع وخوض المعارك في الصفوف الأمامية ضد السلطة، يشارك في الدعوة إليها وفي تنظيم بعضها وفي متابعة قضايا الموقوفين. شخصية الحركة واندفاعه جعلت منه نجماً في العديد من المقابلات الإعلامية عبر محطات مختلفة.

 

وبرز الحركة خلال حراك 2015 في مجموعة «بدنا نحاسب»، المجموعة ذاتها التي ضمت نعمت بدر الدين. لم تستمر المجموعة، قسمتها الخلافات قبل أن تحاسب، قبيل الانتخابات النيابية وتفرق أعضاؤها. وكما في الشارع كذلك في الانتخابات، خاض الحركة معركته النيابية مرشحاً عن المقعد الشيعي في دائرة بعبدا، أي بمواجهة علي عمار وفادي علامة، على لائحة ضمن تحالف كلنا وطني. وعلى الرغم من مرور السنوات وتقدم الأمل وتراجعه، لم يتراجع الحركة الذي أسس المرصد اللبناني لمحاربة الفساد وتابع حماسه في قضايا عدة.

 

باسل صالح: أستاذ اللبنانية المنتفض على المنظومة

 

وقفت الجامعة اللبنانية ككيانٍ موقف المتفرج على الإنتفاضة التي كان من المفترض أن تنطلق شعلتها من كلياتها. وفيما خاف الجسم الأكاديمي في الجامعة من الخروج بأي موقف صريح من الانتفاضة، تقدم بعض الأساتذة التحركات والتظاهرات وبرزوا إعلامياً. الدكتور باسل صالح هو أحد الوجوه الأكاديمية، غالباً ما يظهر عبر الفضائيات ليحلل الوضع السياسي، على الرغم من أن المحاصصة التي انهكت الجامعة جعلت أساتذتها عرضة للتهديد والإجراءات الكيدية. وهو ما يفرض الخوف على الكثير من الأساتذة الذين يترددون في اتخاذ مواقف تزعج هذه الجهات، على العكس من أساتذة الجامعات الخاصة التي أيدت الانتفاضة منذ اندلاعها.

 

في حديث لـ»نداء الوطن» يرى صالح أن المعركة الإعلامية أساسية، «من يخسرها يخسر 90% من المعركة، في التحركات السابقة في العامين 2011 و2015 عانينا من ثغرة في المسألة الإعلامية». يعتبر صالح أن من واجبه كأستاذ جامعي خوض هذه المعركة، وأن موقفه ورأيه حرية شخصية. ولا يستبعد الأستاذ احتمال التعرض للخطر أو لاقتصاص سياسي «لأن الدولة راكبة غلط». وعن إمكانية اتخاذ أي اجراء بحق الأساتذة الذين يخرجون بمواقف جريئة، يرى صالح في اتخاذ اجراءات كهذه مخالفة للقانون. ويرى ان «معركة الجامعة اللبنانية أساسية، فهي معركة استرداد الوطن». ويظهر عتب الأستاذ على رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية التي «كان يجب أن ترفد هذه المعركة، فما قيمة الجامعة اللبنانية في حال لم ترغب في خوض معركة استرداد الوطن؟! وعندها على أي منظومة قيمية يبنى التعليم؟».

 

حليمة القعقور: بين يعقوبيان والانتفاضة

 

إمرأة واحدة فقط سمّيت لرئاسة الحكومة خلال الاستشارات النيابية في بعبدا، هي حليمة قعقور، وبصوت واحد فقط هو صوت النائب بولا يعقوبيان. بعد التسمية برز إسم قعقور أكثر، وبات لدى البعض حشرية لمعرفة السيدة التي اختارتها يعقوبيان لرئاسة الحكومة لثقتها بأنها «من الناس وكانت مع مطالب الناس وأن بهذه المواصفات يمكن أن ننهض بالبلد ونعيد الثقة بلبنان». لكن لِمنتفضين كثر رأي يختلف عن رأي يعقوبيان، ولا يوحي بالثقة. فقعقور التي رشحها «تحالف وطني» كانت عضواً في مجموعة لحقي، لكن يبدو أن الترشيح لمنصب رئاسة الحكومة، وإن كان إعلانياً أكثر من كونه واقعياً، قد أغرى الأستاذة الجامعية، فقررت الإنسحاب من مجموعة «لحقي» التي شاركت بتأسيسها، بعد أن قررت يعقوبيان تسميتها لرئاسة الحكومة. وهو ما تعارض مع قرار «لحقي» التنظيمي بعدم المشاركة في الحكومة لا تسميةً ولا مشاركةً. فقررت القعقور الانضمام للتحالف وبقيت مقربة من «لحقي». ويؤخذ على القعقور حبها الظهور في الصفوف الأمامية أكثر من المشاركة في التحضير للتحركات وتنظيمها، كما أنها تحب النطق باسم الناس والأساتذة والثوار، وإن لم تكلف بذلك. وكانت قعقور قد ترشحت للانتخابات النيابية في العام 2018 عن المقعد السني في الشوف، لكنها تراجعت قبل بدء المعركة الانتخابية وانسحبت منها.

 

نضال أيوب نجمة الهتافات والمواقف

 

من اليوم الأول للانتفاضة لفتت الصحافية نضال أيوب نظر وسمع المشاركين بهتافاتها التي تطرقت فيها لقضايا كل المهمشين والمقيمين على الأراضي اللبنانية. وتميزت هتافات أيوب بالجرأة وبسقف خطابها العالي، كما تميّزت بأداء فني محبب، وبتلحين الشعارات المختلفة ما يسهل حفظها. فعلا صوت الـ»نضال» في الساحات وردد خلفها كثيرون، حتى أن البعض صار ينتظر الهتاف الجديد الذي ستطلقه مع أصدقائها ليردده. هتفت أيوب لكل قضية ولزوايا عدة في المدينة، حتى أنها خصصت هتافاً لشباب الخندق تكرره كلما مرت قربهم في محاولة لتنبيههم إلى وحدة الحال والمصير. ولأن قضيتها قضية المقيمين أيضاً، لم تستطع أيوب غضّ النظر عن مشهد عاملات أجنبيات مسجونات خلف قضبان أحد المكاتب يوم سارت في مسيرة من عين الرمانة باتجاه الشياح. يومها تابع المتظاهرون سيرهم ولم يتوقفوا عند مشهد العبودية هذا، لكن أيوب وقفت وندهت للعاملات وطالبت بحقوقهنّ مذكرة بقضاياهن.

 

ضغوط كثيرة مورست على أيوب لترهيبها وحثها على التراجع بسبب جرأتها ومطالبتها بحقوق كل الفئات. فاستُهدفت عبر تقارير إعلامية تصوّب عليها وتهاجمها وتحرض على أذيتها. ولأن سلاح التخوين حاضر دوماً لمواجهة من يطالب بأبسط حقوقه، استخدم هذا السلاح بمواجهة أيوب ولفقت لها تهمة العمالة لصالح «السي أي أي». تهمة وإن بدت سخيفة ومضحكة غير أنها وجدت صدى لدى شرائح غيبت عقولها. واستكمالاً لمحاولات الترهيب جرى استدعاء الصحافية إلى مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية. غير أن هذه الممارسات كلها لم تمنع المناضلة من الإستمرار بالهتاف والعودة دوماً إلى الشارع بإصدارات جديدة على الرغم من تراجع الزخم.

 

ربيع الزين: المشاغب ذو الابتسامة الهوليودية

 

إشكالات عدة تحول ربيع الزين بطلها وجعلت منه نجماً إعلامياً يخرج على الناس بابتسامة هوليودية وبجسم رياضي وبثياب أنيقة. مظاهر الترف التي بانت عليه وكذلك الإشكالات التي اتهم بافتعالها واعتقاله عدة مرات، أمور طرحت الكثير من التساؤلات حول الشاب المحاط بمجموعة من الأنصار. ولربيع الزين سلطة على هؤلاء الأنصار، يسير محاطاً بهم، يرفعونه على الأكتاف، ينصاعون لأوامره. الأمر الذي مكّنه من المشاركة الفعالة في قطع بعض الطرقات، وهو السلاح الذي دعّم الانتفاضة في أيامها الأولى. يحب قائد «ثورة المحرومين» التقاط السيلفيات والفيديوات من ساحات الاحتجاج ليوثق وجوده فيها، وسعياً للنجومية التي استحقها من باب إثارة الجدل والشغب. كُتبت العديد من القصص حول الزين وفتحت له القنوات الاعلامية هواءها ليدافع عن نفسه. فنفى الاتهامات التي صنفته مخبراً لجهات أمنية، مشيراً إلى أنه لما اعتقل لو كان مخبراً. ورغم مظاهر الترف وقيادته سيارة فخمة بنمرة مميزة رفض الزين «صيت الغنى» وأعلن إفلاسه من على منابر تلفزيونية، وعبّر عن استعداده للخضوع للقضاء وكشف السرية المصرفية عن حساباته.

 

نايلة جعجع حاملة الدستور

 

تبرز المحامية نايلة جعجع كشخصية حقوقية تصر على التمسك بالدستور والمناداة بتطبيقه وحمله معها أينما حلّت وفي كل الظروف. الأمر الذي يتحول أحياناً إلى مادة لانتقادها، خصوصاً في فترات تنفلت فيها الأمور وتكرر فيه السلطة انتهاك الدستور. فيرى عندها البعض مناداة جعجع بتطبيق الدستور أشبه بنداء من خارج إطار الاحداث والواقع. فيطرح هؤلاء السؤال: كيف تحاول إقناع من ينتهك الدستور عن دراية بتطبيقه؟ وقد يكمن السبب أحياناً في غلبة شخصية المستشارة القانونية التي تعمل منذ عشر سنوات على صياغة مشاريع قوانين، على شخصية المحامية المنتفضة على السلطة. أو أن المحامية التي تتعاون مع هيئات حكومية وغير حكومية محلية ودولية لإقرار إصلاحات وتشريعات وتطوير السياسات العامة، تفضّل الإصلاح على إسقاط النظام وإعادة بنائه.

 

وتنتمي جعجع ايضاً لنادي المرشحين السابقين للانتخابات النيابية، غير أن ترشحها لم يكتمل بخوض الانتخابات، بل سقط نتيجة عجز المحامية الشيعية عن إيجاد لائحة تستقبلها بشروطها في دائرة بيروت الثانية فانسحبت. حتى أنها لم تجد مكاناً على لائحة الحليف السابق في «بيروت مدينتي» لاختلاف سياسي بين الطرفين. ورغم الانسحاب من الانتخابات تابعت جعجع زملاءها في «لبلدي» العمل الانتخابي في دائرة بيروت الأولى حيث لا مقعد شيعياً تترشح عنه.

 

خلال فترة تراجع التحركات، ظلت جعجع ضيفة تلفزيونية تظهر بين فترة وأخرى. ومنذ 17 تشرين حرصت المحامية على إقامة المحاضرات من ساحات الاحتجاجات، وتثقيف من أمكن حضورهم حول الدستور وآليات انتقال السلطة بالدستور، وإن كانت السلطة ذاتها هي الممسكة بأدوات إنفاذه. ويحسب لجعجع رفضها المشاركة في الحكومة كممثلة عن الانتفاضة على الرغم من الاتصالات التي تلقتها للمشاركة في الحكومة.

 

نجوم القفشات… دقائق من الشهرة

 

نجوم كثر عاشوا الشهرة لدقائق وأيام بسبب تعليق أو موقف طريف بثّ على الهواء وعلق في أذهان الناس. فباتت العبارات التي أطلقها هؤلاء تتكرر على الألسنة في سبيل الدعابة. فمن لا يريد الإجابة عن سؤال ماذا تفعل؟ بات يملك جواباً: «عم قصر بنطلون». وهي الجملة التي رد بها شاب بينما كان ينزع الشريط الشائك امام السراي على سؤال اعتبره بلا قيمة. ليشكل صدمة للمذيعة التي طرحته، وتنتشر جملته وتصبح نكتة معروفة. صاحب «أنا بديش وجهلو رسالة « نال أيضاً نصيبه من الشهرة بعد أن عبر وإن بأسلوب بذيء عن رفضه توجيه رسالة للوزير ونيته الانتقام منه إن صادفه. أما عبارة «تقبرني معليش» فباتت تستخدم لتطييب الخاطر، كما استخدمها أحد المتظاهرين لتطييب خاطر مراسل الجديد آدم شمس الدين بعد إصراره على الشتم على الرغم من محاولة شمس الدين تنبيهه إلى «اللغة أستاذ». أما «عبارة ما قلي زيح العمى بربك» والتي انتشرت أيضاً فلم يحظَ صاحبها بالنجومية لأنه كان ملثماً، وقد أطلقها بعد أن قام رفيقه بكسر زجاج أحد المصارف في الحمرا ما أدى لسقوط بعضه عليه. ورأى البعض أن اللقطة التي انتشرت تلخص نتيجة المشاريع التي يخطط لها الأصدقاء في ما بينهم.