IMLebanon

100 يوم فترة السماح لرئيس «التيار»

اذا عدنا الى أرشيف أحزاب لبنان، ليس مشهد «البلاتيا» مألوفا. عملية التسليم والتسلم تتم بحضور المؤسس. لم يتسن لبيار الجميل مثلا ان يقدم نموذجا بهذه الريادة. وربما ظروف الحرب فرضت لا بل رسمت مراسم التسليم والتسلم من كميل شمعون الى نجله داني. مؤسس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون يؤكد فوق ذلك بـ «أنني لن أتقاعد». وكأنه يردّ رداً غير مباشر على كل من يعدّ له أنفاسه، سواء من خارج التيار أو من داخله. يوصف باسيل بأنه «شخص متحفظ». وهذه في السياسة تعدّ من السمات. في الاحتفال البرتقالي سلّم عون سره… والتحدي في حفظه.

تسلم باسيل الرئاسة من «الجنرال». عيون الأخير تكلمت لا بل كل تقاسيم وجهه. لا تجوز المقارنة هنا. لكل منهما نشأته السياسية والحزبية والاجتماعية. يقول المؤرخ الفرنسي ج. كورنيس: «الشخص يكون احيانا هو البرنامج». هذا ما هو عليه ميشال عون. أراد الرجل منذ ما قبل عودته من المنفى الباريسي «مأسسة الحالة العونية». لكن الظروف لعبت ضده أو بالأحرى «حرب الإلغاء السياسية» المستمرة منذ 2005.

منذ تلك الأيام حتى الآن، لم يتسنَّ ل «التسونامي» ان يختبر «ترف» مأسسة حزبه. وضع كل جهوده في رد الضربات ابتداء من «الحلف الرباعي» (انتخابات 2005) الى أول حكومة للرئيس فؤاد السنيورة في صيف 2005 وعزله سياسيا بعدما بقي وفيا لآل سكاف وحزب الطاشناق. حينها قال لهم عون: «أنا ممر إجباري ولن تتمكنوا من تنفيذ أي شيء في البلد من دوني». ترجمت هذه العبارة بحرفيتها طوال تلك السنوات وصولا الى اليوم.

كرة النار البرتقالية هذه، حملها جبران رسميا في احتفال «بلاتيا». ليس الرجل في موقع يحسد عليه. وان كان فعليا وبالتعبير العامي «محسودا». يتعاطى مع هذه الحالة بالعمل.

أمس، أصدر «الرئيس الجديد» التعميم الأول المتعلق بقبول الطلبات لمن يرغب بالترشح الى اللجان المركزية للبدء بورشة التعيينات التي ستأخذ من الوقت نحو شهرين.

من يعرف الرجل عن قرب يدرك أنه لا ينام أكثر من أربع الى خمس ساعات يوميا. في تواصله الداخلي مع المحازبين، يدعو كل فرد الى عدم إقصاء نفسه على قاعدة «ان من يريد ان يعمل أو يرى انه أهل لمنصب ما فليتفضل ويطرح ولا ينتظر ان تأتي الأمور اليه».

ورشة كبيرة يدعو اليها رئيس التيار المحازبين اليوم.. والمناصرين لاحقا. هؤلاء يطمح الى أن يزيد عددهم من 17 الفا الى 50 الفا. وضع مثل هذا التعهد هو تحد لباسيل نفسه قبل غيره من محبين أو خصوم.

لن يعمل جبران باسيل بمفرده كما كلن يفعل قبل أن يصبح رئيسا. في شؤون تنظيم الحزب، ستكون الدفة لنائب الرئيس رومل صابر. وفي الشؤون السياسية، سيبرز أكثر دور نقولا صحناوي نائبه للشؤون السياسية. الرئيس سيشرف على الجناحين الى جانب مهماته ضمن «تكتل التغيير والاصلاح» كما في إشرافه على ملف العلاقات السياسية.

أطلق باسيل في حفل التسلم والتسليم ردودا غير مباشرة على السهام الموجهة ضده. آثر القضية على المؤسسة. وقدّم «التيار الوطني الحر» على انه صمام الأمان للمسيحيين والاقليات في لبنان والشرق. لديه فريق عمل موزع في كل الوزارات وفريق آخر داخل التيار. والقاعدة الذهبية التي يحرص على تطبيقها تكمن في التحفظ على قاعدة «لا محرمات ولكن داخل البيت الواحد».

بالكاد يعطى جبران باسيل فرصة حقيقية ليثبت انه ليس فقط «الصهر المدلل». أي مسؤول يعطى على الأقل 100 يوم للحكم عليه. كل الأسماء التي اعترضت على خيارات عون سابقا من عصام ابو جمرة أو الياس الزغبي أو غيرهما سقطت بالمعنى السياسي. صحيح ان باسيل يملك الحظوة الاكبر لدى «الجنرال» ولكن هذا لا يعني ان خصومه هم بالتأكيد أفضل منه، خصوصا ان ايا منهم لم يبرهن عن سمات قيادية.

المطلوب من جبران باسيل، من هذا المنطلق، عمل مضاعف، داخل التيار وخارجه. مع الحلفاء والخصوم على حد سواء، لكي يثبت أحقيته برئاسة التيار. في غضون شهر ونصف شهر، مهّد لولايته الرئاسية بـ4 استحقاقات: من مناسبة 7 آب الى التظاهرة البرتقالية الى مهرجان ترشحه ومهرجان التسلم والتسليم وصولا الى الاستحقاق الذي دعا اليه في 11 تشرين الاول. تعبئة عونية بامتياز تحصل بـ «نفَس» الجنرال بانتظار استحقاق آذار حيث من المفترض ان تفرز الارض البرتقالية نفسها في صناديق الاقتراع.