IMLebanon

12 خطوة لتتمكن «المخابرات» من حماية لبنان

إذا كانت الهجمات الانتحارية أول من أمس في القاع تدل على شيء أكيد، فهو أن الخطر الامني الجدّي لم يعد على الابواب، بل صار «داخل المنزل». ومن يستطع أن يدخل ثمانية انتحاريين الى البلدة الحدودية قد يتمكن من إيصالهم الى أي مكان في لبنان. ومن تمكن من تكرار الهجوم مساءً بعد فرض الطوق الامني صباحاً، قد لا تحول الاجراءات الامنية المعتمدة حالياً دون تمكنه من تكرار هجماته الارهابية في مكان آخر.

هل تستطيع الدولة أن تحمي لبنان من الارهاب بالرغم مما تعانيه من مشاكل أهمها التمديد لمجلس النواب وعدم انتخاب رئيس للجمهورية وانتشار الفساد وضعف النهج المؤسساتي في إداراتها الرسمية؟ طبعاً، لكن ذلك يستدعي الاعتماد على الوظيفة التقنية للمؤسسات العسكرية والامنية التي تقتضي التركيز على العمل الاستخباري الممنهج.

نعرض في الآتي 12 حاجة أساسية يفترض أن يحسم مجلس الوزراء تأمينها في أسرع وقت ممكن لتفعيل المكافحة الفعّالة للارهاب وحماية البلد من هجمات اضافية.

أولاً، تفعيل غرفة عمليات سرّية مشتركة تنبثق عن مجلس الامن المركزي وتستعين بالاهالي والعشائر والاحزاب المحلية، ويكون مقرها في أحد مراكز الاستخبارات المجهزة بأحدث تقنيات المراقبة والمتابعة والرصد. وتتلقى الغرفة المعلومات الامنية والعسكرية ومحاضر استجواب الموقوفين بعد تحليلها وتصنيفها وتقارنها بما توافر من معلومات أمنية من جهات إقليمية ودولية ونتائج رصد الاتصالات الهاتفية والالكترونية والصور الجوية. وتكوّن الخلية من خلال ذلك رؤية واضحة يمكن من خلالها توجيه البحث الاستخباري للتوسع في التحقيق أو اتخاذ إجراءات وقائية أو، في أحسن الاحوال، دهم بعض الاماكن المحددة وتوقيف مشتبه فيهم ومصادرة أدواتهم.

ثانياً، التشديد على تأمين الحد الادنى من الإجماع الوطني حول مؤسسات الدولة الامنية والعسكرية في إطار مجابهة الارهابيين، حيث إن انتشار أخبار بين المواطنين عن انحياز بعض ضباط الجيش للتيار الوطني الحر أو للقوات اللبنانية أو لحزب الله أو لحركة أمل الخ… وأخبار عن انحياز فرع المعلومات إلى قوى 14 آذار مقابل أخبار عن انحياز الامن العام لقوى 8 آذار يضرّ بتلك المؤسسات ويضعف قدرات الدولة، لا بل قد يتيح للجماعات المعادية الاستفادة من الخلافات السياسية والمذهبية للإفلات من الملاحقة، وللتغلغل في مؤسسات الدولة الامنية. لذا، لا بد من التشدد في الالتزام بتوجيهات العماد جان قهوجي واللواءين ابراهيم بصبوص وعباس ابراهيم لناحية الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وذلك بصرف النظر عن المحاصصة السياسية والطائفية والمذهبية التي يتميز بها مجلس الوزراء.

ثالثاً، تخصيص مجلس الوزراء أموالاً اضافية وصلاحيات قانونية استثنائية لمديرية المخابرات في الجيش وللمديرية العامة للأمن العام وللمديرية العامة لقوى الامن الداخلي لتجنيد مخبرين وشراء معلومات ومراقبة العدو في لبنان وخارج لبنان. ولا جدوى من الرصد وجمع المعلومات إذا كانا يقتصران على الاراضي اللبنانية، لأنه بات معلوماً للجميع أن التخطيط وتحريك الهجمات الارهابية في لبنان يأتيان من خلف الحدود. ولا بد من التركيز على تجنيد متشددين إسلاميين لبنانيين وغير لبنانيين وأشخاص آخرين يتواصلون مع الارهابيين بشكل منتظم، مثل تجّار النفط والمواد الغذائية والسلاح والمواد المتفجرة، وذلك بعد تحديد مصادرها.

رابعاً، تطوير عاجل لتقنيات الرصد والتنصت ومراقبة الاتصالات اللاسلكية والانترنت وأجهزة الاتصالات، وذلك بهدف جمع المعلومات من جهة، وخرق شبكات اتصال العدو لبث معلومات مفبركة للتضليل أو للاستدراج من جهة ثانية أو التشويش والتعطيل من جهة ثالثة.

خامساً، تواصل مديرية المخابرات في الجيش، والامن العام، مع جهات استخبارية عربية، في إطار تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب والتي كانت كافة الدول العربية قد التزمت بها عام 1998. فلا بد من تبادل المعلومات مع أجهزة الاستخبارات العربية أولاً ومع الاستخبارات الدولية ثانياً، من خلال الملحقين العسكريين في السفارات اللبنانية في كافة الدول. ولا بد من جمع المعلومات عمّا تمكنت استخبارات العدو الاسرائيلي من جمعه، حيث إن لدى الاسرائيليين شبكات استخبارية تعدّ الاوسع انتشاراً والاكثر احترافاً وتطوّراً من الناحية التقنية في المنطقة.

سادساً، شنّ حرب نفسية ضد التنظيمات الارهابية وعدم السماح لها بتحقيق أهدافها عبر الاعلام الذي يشكل محوراً اساسياً لعملها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التنسيق الوثيق مع المؤسسات الاعلامية في لبنان، عبر عقد اجتماعات مع القيادات العسكرية والامنية يتفق خلالها على شن حرب نفسية ممهنجة ضد التنظيمات الارهابية، مع التركيز على تدمير بنيتها الاجتماعية. وتلتزم المؤسسات الاعلامية، من خلال رقابتها الذاتية، عدم نشر أخبار أو بث صور وتسجيلات قد يستفيد الارهاب منها. فلا يبث الاعلام بيانات التنظيمات الارهابية أو تسجيلاتها الصوتية كما هي، ولا يركز على نقل تفاصيل الخراب الذي تحدثه الهجمات الارهابية، بل على تماسك المواطنين وصمودهم جنباً الى جنب مع الجيش والقوى الامنية والاحزاب والمرجعيات الدينية، خصوصاً دار الافتاء والعلماء المسلمين ومدارس الفقه والشريعة الاسلامية في لبنان.

سابعاً، تطوير الرصد الجوي وتكثيفه من خلال طائرات من دون طيار مجهزة بمعدات رؤية ليلية، وتحليل الصور ومقارنتها بشكل دوري ضيّق. حيث يفترض أن توسّع منطقة التصوير الجوي لتشمل عمق الاراضي السورية، وتتكرر لعدة مرات خلال الليل والنهار. ويتم تطوير مكتب التدقيق ومقارنة الصور الجوية وتوسيع ساعات العمل فيه لتصبح 24 ساعة في اليوم.

ثامناً، تأسيس خلية وطنية خاصّة تتألف من علماء الاجتماع واقتصاديين وعلماء دين وعسكريين وأمنيين لدراسة التركيبة الاجتماعية للتنظيمات الارهابية، والبحث عن السبل لتفكيكها وتفكيك البيئة الاجتماعية التي تحتضنها.

تاسعاً، تشييد سجن خاص للموقوفين المشتبه فيهم بالضلوع في الارهاب، يتميز بالحد الاقصى من إجراءات الحراسة، ويمنع تواصلهم في ما بينهم وتواصلهم مع السجناء الآخرين. وتكون الاجراءات الامنية مضاعفة في هذا السجن، ما يمنع استخدامهم للهواتف، بخلاف الواقع في كافة السجون في لبنان اليوم.

عاشراً، تفعيل عمل خلية خاصة في مديرية المخابرات في الجيش بالتنسيق مع الامن العام وفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي لرصد الاستخبارات المعادية وتعقّبها ومكافحتها.

حادي عشر، دعم صمود القرى الحدودية عبر المساعدات الاقتصادية والطبية وعبر تدشين الملاجئ وتشجيع الناس على عدم مغادرة قراهم. إن تكاتف الاهالي مع الجيش ومشاركتهم في مكافحة الارهاب يمكن، كما حصل أول من أمس، أن يساهما في تعطيل المخططات الارهابية.

ثاني عشر، الإعداد لردّ عسكري وأمني لبناني قاس على الهجمات الارهابية عبر تحديد المكان وتجهيز الوسائل، إذ ينبغي أن تكون القوى العسكرية والامنية اللبنانية بكامل جاهزيتها لضرب أهداف استراتيجية وحيوية للتنظيمات الارهابية في عمق الاراضي السورية، والمساهمة في توجيه ضربات لها في العراق.