IMLebanon

١٣ عاماً على الغزو :  أي أرباح وخسائر ؟

قبل أكثر من مئة عام قال الصحافي الأميركي امبروس بيرس إن الحرب هي طريقة الله في تعليم الأميركيين الجغرافيا. وقبل ثلاثة عشر عاماً تصور الرئيس جورج بوش الابن ومساعدوه أن غزو العراق هو طريقة المحافظين الجدد في إعادة هيكلة الشرق الأوسط وتعليم أهله الديمقراطية. لكن المغامرة العسكرية علّمت الجميع أن أميركا الناجحة في تدمير البلدان فاشلة في بناء الأمم. والبعض يستعير قول الرئيس فلاديمير بوتين إن انهيار الاتحاد السوفياتي هو أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين للقول إن إسقاط الدولة في العراق هو أكبر كارثة جيوسياسية في المنطقة في بدايات القرن الحادي والعشرين.

وليس كل ما حدث ويحدث في الشرق الأوسط هو من مضاعفات الغزو الأميركي للعراق في مثل هذه الأيام من عام ٢٠٠٣. غير أن من الصعب تجاهل تأثير الغزو على معظم البلدان في المنطقة كما على أميركا. فلا من دون آثار الغزو وردود الفعل عليه تمكن القراءة في حرب سوريا وحرب اليمن ومجمل صراع المحاور الاقليمية وظهور داعش والخلل المستمر في العملية السياسية في العراق وفقدان التوازن في لبنان. ولا ثورات الربيع العربي، بصرف النظر عن تعدّد الأسباب وراءها وتنوّع المشاهد التي انتهت اليها، كانت في معزل عن عجن الأوضاع والتسابق العنيف على ثلاث صور متناقضة للشرق الأوسط الجديد.

والانطباع السائد ان ايران ربحت الجائزة الكبرى وصارت تفاخر بامتداد نفوذها الى بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. والكرد ربحوا جائزة الحكم الذاتي على الطريق الى حلم الاستقلال الصعب. واسرائيل ربحت الخلاص من جيش عربي. وأميركا خسرت واكتشفت حدود القوة بعدما استخدمت القوة القصوى، لكن زلماي خليل زاد الذي عمل سفيراً لأميركا في العراق يخالف ذلك بالقول في الوول ستريت جورنال: أميركا لم تخسر العراق، وايران لم تربحه.

وهذا رأي يحتمل كثيراً من الأخذ والردّ، وان كان لرجل يعرف أسرار الغزو والصفقات تحت الطاولة قبله وخلاله وبعده. والواضح ان العروبة هي الخاسر الأكبر، سواء كان العراق مؤهلاً بالفعل، لا بالشعارات، لأن يلعب دور بروسيا العرب أو كان هذا الطموح مهمة مستحيلة بسبب طبيعة النظام وحسابات القوى الاقليمية والدولية، وعلى كثرة الذين ساهموا في صنع داعش وتوظيفه، فان المناخ الملائم لسيطرته على مساحات من العراق وسوريا هو بؤس العملية السياسية والمحاصصة المذهبية والإتنية في غياب المواطنة.

والمفارقة مأسوية: التخلص من داعش يحتاج الى مساعدات أميركية وايرانية، وما يقوّي داعش هو ردّ الفعل على الدورين الأميركي والايراني.