Site icon IMLebanon

بعد 137 شهراً على 7 أيار… 29 تشرين تاريخٌ آخر غير مجيد!

 

 

البارحة، في التاسع والعشرين من تشرين الأول 2019، بعد 137 شهراً على 7 أيار الأسود، عادت القمصان السود لتشتدّ قتامة قاطعة الدرب على كلّ من ينادي: بدنا دولة! نهار أسود بشع، فيه كثير من الحقد وقليل قليل من الكرامة، ممن خالوا أنهم قادرون أن يرسموا بلداً على قياسهم ويؤطرونه بخطوطٍ ويقولون للآخرين، لكلِ الآخرين: هذه خطوطكم الحمر!

 

بعنف مشين، هاجموا شباناً وشابات ما زالوا يرون في لبنان ألواناً زاهية ويحلمون. لاحقوهم بالعصي، بالحجارة، ودحرجوا فوق رؤوسهم الخيم وحرقوا كل قبضةٍ ارتفعت في الساحات ظناً منهم أنهم بذلك ينسفون إرادة شعب.

 

البارحة، لم نصدّق ما رأيناه، لم نصدق أن اشخاصاً عنيفين تجرأوا أن “يتمرجلوا ” بهذا القدر على شبابٍ وشابات يافعين، مستبقين كلّ ما فعلوه بتلميحات الى أن من يطالبون بوطنٍ مجرد “ميليشيات”! هي مشاهد لا يتصورها عقل، على مرأى من “رجال الدولة” والقانون وجمعيات حقوق الإنسان والدول والعالم. وفعلوا ما فعلوه ولم يرفّ لهم جفن!

 

أين نعيش؟ في أيّ عصر؟ في أيّ دولة؟

 

أسئلة سبق وطُرحت في 7 أيار 2008 يوم اقتحم آلاف المسلحين، من مرتدي القمصان الحمراء، بيروت بهدفِ إسقاط حكومة فؤاد السنيورة بعد حصارٍ دام 18 شهراً. يومها أراد “حزب الله” الإطباق على القرار السياسي والإداري في الدولة وإلغاء كل مفاعيل “ثورة الأرز” وإعطاء وليد جنبلاط، الذي اتهمه الحزب بوضع كاميرات في مطار بيروت، درساً لا ينساه. فحاصر من شاء، وأطبق على من شاء، واستخدم سلاحه وأثار الهلع من برج أبي حيدر الى الطريق الجديدة وعائشة بكار في بيروت الى منطقة السعديات وصولاً الى صيدا وامتداداً الى البقاع الأوسط. مرتدو القمصان السود حسموا ما أرادوه رافعين العلم الأصفر عالياً.

 

ومذاك دخلنا دهليزاً آخر ذُيّل بكلمتي “القمصان السود”. في الثامن عشر من كانون الثاني من العام 2011 نزل هؤلاء مجدداً على الأرض. ورسالتهم أتت هذه المرّة نحو “بيئتهم” في الضاحية الجنوبية. ويومها دان وزير الداخلية نهاد المشنوق إستعراض “الحزب” واعتبره صفعة في وجه العهد وتحدّياً لمنطق الدولة وقال: “ستُتخذ الإجراءات التي يفرضها القانون منعاً لكلِ أفكار الأمن الذاتي التي يرفضها كل اللبنانيين”. هذا الكلام الصادر عن وزير داخلية لبنان صار عمره 105 أشهر. أتتذكرونه؟

 

في إمكان المرء أن يعتاد كلّ شيء حتى الجحيم. هذا ما راهن عليه كلّ من لهم ناقة وجمل بمرتدي القمصان السود. اعتادوا هم على استخدام القمصان السود كلما شاؤوا غير أن الشعب اللبناني، حتى بعض من صنفوا من بيئة “حزب الله” الحاضنة، لم يقبلوا الإذعان. واستمروا يهتفون: بدنا دولة.

 

الكل يحاول التنصل من القمصان السود. “الحزب” يقول هي جماعات تناصره. لكن، هل يمكن لحزبٍ يحسب “النفس” الذي ينفثه من يعيشون في “بيئته” أن يسمح لهؤلاء بفعلِ كل ما فعلوه بلا غطاءٍ كي لا نقول “أمر”.

 

“القمصان السود” أصبحت لدى البعض عصاً و”العصا” بمنطوق هؤلاء “لمن عصى”! مرّة واثنتان وثلاث مرات وأربع… تُرى بماذا شعر السياسيون أمس وهم يرون كل هذا “الجنون” الذي مارسه من ارتدوا قمصاناً سوداً و”نزلوا ع الأرض”؟

 

“القرار لنا”… قالها “حزب الله” وحلفاؤه أمس مجدداً. هو تاريخٌ آخر غير مجيد.