بيّنت المواقف التي صدرت إثر إعلان قوى 14 آذار عن مبادرتها الأخيرة، بأن «الفجوة» كبيرة جداً بين هذا الفريق وفريق الثامن من آذار، بحيث من المستحيل في الوقت الراهن العمل على مدّ أي جسر تواصل بين الطرفين، وهو ما عزته أوساط نيابية مطّلعة إلى غياب المؤشّرات الإقليمية على اقتراب حلّ أزمة انتخاب رئيس الجمهورية في المرحلة الراهنة، وذلك بصرف النظر عن كل التطوّرات الجارية في المنطقة، والتي جعلت من العواصم الإقليمية والغربية شريكة في تحالف دولي ضد تنظيم «داعش»، وضد ممارساته الإرهابية في العراق وسوريا.
وعلى الرغم من تعويل قوى 14 آذار على مبادرتها هذه لإخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، فإن فتور قيادات 8 آذار إزاءها تقول مصادر نيابية في 14 آذار، قد فضح النوايا «التعطيلية» والرافضة لأي تسوية مهما كان نوعها، وهو ما كرّس النظرة التشاؤمية لدى الأوساط النيابية إلى المرحلة المقبلة، والتي قد يكون عنوانها الأولي تعميم الفراغ في كل مؤسّسات الدولة، وذلك للضغط على كل الأطراف السياسية، والإنخراط في عملية تغيير أو تعديل اتفاق الطائف. وقالت هذه الأوساط أن ما يحصل من تطوّرات عسكرية في المنطقة في ضوء توجّه كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية إلى التدخّل ميدانياً في العراق لوقف تقدّم تنظيم «داعش»، والذي يتزامن مع مضاعفات خطف الجنود اللبنانيين في أكثر من منطقة شمالاً وبقاعاً، يرفع من منسوب التوتّر، وينذر بزعزعة الإستقرار الأمني، ولذلك على كل الأطراف السياسية تخطّي الخلافات الداخلية والإنقسام حول الإستحقاق الرئاسي وتلقّف أي تسوية قبل حلول موعد التصعيد المرتقب على الحدود الشرقية مع اقتراب ساعة الصفر للتحرّك الدولي ضد «داعش». وأعربت الأوساط نفسها عن خشيتها من أن يكون الهجوم الدولي على الإرهاب مقدّمة لهروب التنظيمات الإرهابية من المناطق التي تتواجد فيها في العراق وسوريا إلى الحدود اللبنانية، حيث سيكون من الصعب مواجهة المخاطر الإرهابية التي لن توفّر أي فريق لبناني، بغضّ النظر عن طائفته ومذهبه.
وفي هذا المجال، قرأت اوساط متابعة لملف عرسال، في مشهد قطع الرؤوس الذي يتكرّر مع تنظيم «داعش»رسائل متعدّدة الإتجاهات إلى الأطراف الدولية، كما الإقليمية، حيث أن عدم تجاوب هذا التنظيم الإرهابي مع أي وساطات أو مفاوضات يسعى إليها ذوو الجنود المخطوفين، هو دليل على تشدّد «داعش»مع كل الأطراف اللبنانية، ويشكّل في الوقت نفسه حافزاً إلى ارتقاء كل المسؤولين إلى مستوى العمل الجدّي لوضع حد لمعاناة أهالي العسكريين الذين دفنوا بالأمس الشهيد علي السيد في مشهد ينذر بزيادة مساحة التوتّر في الشارع، خاصة وأنه تزامن مع تصعيد للتحرّكات الإحتجاجية من خلال قطع الطرقات في الشمال والبقاع والجبل. وأكدت أن فشل فريقي 8 و 14 آذار في كسر حلقة تعطيل إنتخاب رئيس الجمهورية العتيد، مؤشّر على صعوبة توحّد هذين الفريقين على موقف واحد إزاء قضية الجنود المخطوفين، وهو ما برز من خلال الإنقسام والتباين في الرأي على خلفية الخلاف الحاصل بين من يريد مبادلة العسكريين بالمسجونين في سجن رومية ومن يرفضون حصول عملية التبادل هذه. واعتبرت أنه من الملحّ عودة الجميع إلى الواقعية والتوافق حول معالجة التحدّيات الأمنية الحدودية، كما الداخلية، بخطاب وطني، والإبتعاد عن إشعال فتيل التوتّر من خلال الخطاب الطائفي والمذهبي، لأن الإنشغال بترف الخلاف السياسي حول الإنتخابات الرئاسية أو النيابية، أو أي ملف سياسي، يضع الجميع أمام خطر انفجار الإحتقان في الشارع أولاً، واشتعال جبهة عرسال مع التنظيمات الإرهابية ثانياً. وخلصت إلى ضرورة استعادة ثقة اللبنانيين بالسياسيين من خلال العمل على معالجة ملف العسكريين المخطوفين، واتخاذ الإحتياطات اللازمة لمنع تكرار أي تجربة مماثلة في عرسال2 .