بين الرابية وعوكر تغير المشهد كثيراً في الأشهر الأخيرة بين الجنرال وجيرانه الأميركيين الذين وضعوا في السنوات الماضية فيتوات كثيرة على الجنرال الذي كان يصنف منذ توقيعه تفاهم مار مخايل في خانة الأخصام والمحرومين من شمل الراعي الإميركي واهتمامه، فمسافة الكيلومترات القليلة تقول مصادر متابعة لملف الاستحقاق الرئاسي التي كانت تفصل الرابية عن عوكر لم تساهم على مدى السنوات الماضية في خلق الود المفقود بين عون والقاطنين في سفارة عوكر . سفراء عديدون تعاقبوا في عوكر «فيلتمان هو الأشهر ومن بعده ميشال سيسون فمورا كونيللي» وآخرون كان حضورهم أقل جاذبية من هؤلاء أو في مرحلةٍ سياسية أقل حساسية، تركوا بصمات في الحياة اللبنانية خصوصا ان بعضهم شارك في صناعة وصياغة قرارات سياسية وتوجهات لفريق معين، ولا تزال «برقيات ويكيليكس» السرية تفضح المزيد من حقائق ووقائع التدخل الأميركي في السياسة اللبنانية وعلاقة الأميركيين بالسياسة اللبنانية، بعد ان فتحت السفارة «اسرارها وقلبها الدفين لفئة سياسية» في المرحلة الماضية، وحده رئيس الاصلاح والتغيير بقي خارج الصورة الأميركية.
لم يقترب الجنرال كثيراً من الأميركيين تضيف المصادر أو «انه حاول الاقتراب فصدته عوامل كثيرة،» صاحب نظرية قانون محاسبة سوريا من الكونغرس الأميركي» أصبح بسرعة قياسية على مسافة لصيقة بالسوريين لإقتناعه «ان لا ضير من سوريا طالما سوريا في سوريا» صائغاً ورقة تفاهمه مع حزب الله التي باعدت المسافة مع الأميركيين ، فبدا عون في مراحل كثيرة كأنه يسير عكس التيار الأميركي في المنطقة . تعقدت العلاقة في أكثر من محطة، الشعور العام لدى العونيين في الماضي ان حرباً قاسية كانت تخاض على الرابية مصدرها عوكر، والغاية منها او احد وجوهها قطع الطريق أمام الجنرال من وصوله الى بعبدا . هذا المشهد لم يعد يشبه نفسه منذ فترة خلت، ومنذ ما قبل تعيين السفير الأميركي الجديد الذي شكل تعيينه فاتحة جديدة ومختلفة في العلاقة بين عوكر والرابية، فبات السفير الجديد من الضيوف السياسيين بدون موعد في الرابية او زائراً خفيفاً في حضرة نواب ووزراء في تكتل الاصلاح والتغيير، بعدما كانت الرابية تكتفي بإحصاء الزيارات المكوكية ومراقبة الرعاية الأميركية المميزة التي كان يوليها أسلاف هيل ومن سبقوه في السفارة لقوى 14 آذار .
وبخلاف الماضي، فان ثمة تغيير واضح ظهر في طريقة التعاطي الأميركي مع الأحداث السياسية وفي العلاقة مع الزعماء والقوى السياسية، فمؤخراً تقول المصادر بدأت قوى 14 آذار تتوجس من التناغم الذي نشأ بين الرابية والدبلوماسية الأميركية خصوصاً ان وتيرة لقاءات السفير الأميركي بالنائب ميشال عون ارتفعت بشكل ملحوظ، وهذا ما سرَع كما تقول المصادر الاتصالات بين 14 آذار وممثلي الديبلوماسية الأميركية، وفي هذا الإطار اتى لقاء السفير الأميركي بعدد من قوى 14 آذار في دارة النائب فارس سعيد. فالواضح ان لدى هذا الفريق هواجس كثيرة تتعلق بالعلاقة الناشئة بين الرابية والأميركيين من جهة وبكل ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي خصوصاً ان الرئيس سعد لم يعط جواباً نهائياً يوحي بمسار واتجاه الأمور بينه وبين الرابية وحيث يتوجس الفريق من انقلاب قد يطرأ على موقف الحريري من الاستحقاق يصب لمصلحة الرابية مع بدء التناغم السعودي الإيراني وبين الإيرانيين والأميركيين .
ويبدو ان السفير الأميركي كما يقول العارفون في تفاصيل اللقاء لم يكن يملك الكثير من التطمينات ولا الوعود التي تحسم هوية الرئيس المقبل وبان محاولة جس النبض التي مارسها سياسيو الفريق الآذاري لم تصل الى بر الأمان حيث اكتفى السفير الأميركي بالتشديد على الأهمية التي توليها بلاده لانجاز الاستحقاق في مواعيده قبل انقضاء المهلة الدستورية وعلى ديمقراطية ونزاهة الانتخابات، متحاشياً كما تقول الأوساط ان يعلن اسم المرشح الذي يميل اليه الخيار الأميركي او الجزم بان ميشال عون ليس مرشح الأميركيين .