IMLebanon

«14 آذار» مرتاحة… عادت المرجعيات والقيادات

تصبّ العوامل المعنوية في مصلحة قوى «14 آذار» التي يشعر جمهورها بالارتياح، بعدما عاد رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري إلى الساحة السياسية اللبنانية، ما يعطيها دفعاً لمواجهة التحدّيات التي تفرَض عليها.

عادت «14 آذار» إلى الحكم من خلال مشاركتها في حكومة الرئيس تمام سلام، بعدما استُبعدت طوال الأعوام الثلاثة الماضية، فكان دخولها الحكم مجدّداً حاجة لفريق «8 آذار» وسط موجة تمدّد التطرّف والرياح «الداعشيّة» الهوجاء العاصفة من صحراء بلاد ما بين النهرين وبادية الشام، لكنّ المعطى الجديد الذي برَز أخيراً كان بعودة هذه القوى إلى جمهورها الذي بدأ يشعر بارتياح نسبي، بعدما افتقد مرجعياته السياسية والروحية التي احتضنته خلال ثورة الأرز، بدءاً بعودة الحريري إلى لبنان، مروراً بالانتصار الذي حقّقه تيار «المستقبل» في دار الإفتاء، وصولاً إلى المواقف المتقدّمة لبكركي والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس، والتي تخطَّت حِدَّتها مواقف «14 آذار».

في صالونات «14 آذار» وهمَساتها الجانبية، إستشعارٌ بالخطر الداهم، وتلفُت أوساطها إلى أنّها «عالقة بين نارَين، نار «داعش» والتيارات المتطرّفة التي يجب محاربتها والتصدّي لها، وقد صرّح الرئيس الحريري في أكثر من مناسبة أنّ عودته مرتبطة بدعم الاعتدال ومكافحة الإرهاب، ونار حرب النظام السوري الذي التقطَ أنفاسَه، إضافةً الى ربط النزاع مع «حزب الله» في الداخل من خلال مشاركته في الحكومة»، معتبرةً أنّ «عليها الكيلَ بميزان الجوهرجي والتعامل بدقّة مع الإستحقاقات المقبلة، ومصارحة جمهورها الذي فقد الثقة بسبب الفشل في إدارة الاستحقاقات الماضية».

تُشكّل الطائفة السنيّة الركيزة الأساسية لقوى «14 آذار»، مع عدم إنكار أهمّية المكوّنات الأخرى، وعلى رأسها الطائفة المسيحية، والدروز بعدما قاد النائب وليد جنبلاط بوصلة معركة ثورة الأرز بشراسة، إضافة إلى بعض القوى الشيعية والعلمانية والمجتمع المدني.

ومن هذا المنطلق، ترى الأوساط أنّ «العوامل التجييشية والمؤسّساتية تصبّ في خدمة شَدّ عصب الطائفة السنّية، لكن على عناوين وطنية وليس طائفية، فقد وصل الرئيس الحريري إلى لبنان يوم الجمعة، وانتُخِب مفتٍ جديد للجمهورية اللبنانية الأحد، وبذلك، تكون قيادات الطائفة السنّية السياسية والروحية قد عادت مجتمعةً، وعليه، فإنّ السنّة، وبعدما رفعوا شعار لبنان أوّلاً بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، يعودون الى الساحة السياسية تحت شعار محاربة التطرّف، خصوصاً أنّ الحريري قال للمفتي المنتخب عبد اللطيف دريان: «ستكون مهمّتك محاربة التطرّف ودعم الاعتدال»، شعار سيكون عنوان المرحلة المقبلة، خصوصاً أنّ الحريري يملك بين يديه هبة المليار دولار السعودي لاستعمالها لهذه الغاية».

بعد عودة الحريري، ونجاح «المستقبل» في انتخاب مفتٍ جديد، ليس ضدّهم، إن لم نقل معهم، ساعدَت المتغيّرات السياسية والتجارب على الأرض في تبدّل موقف الراعي، وتقول أوساط «14 آذار» إنّ «البطريرك تخطّانا في هجومه على معطّلي انتخابات الرئاسة، وبتنا نقف خلفه، والصورة تتلخص بالآتي: البطريرك يقف في مكانه ثابتاً على خطاب وطنيّ مستمَدّ من نهج وخطّ تاريخي لبكركي، وهو خليفة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، الأب الروحي لثورة الأرز، ونحن نخوض معركتنا السيادية على الخطوط الأمامية، لكنّ البطريرك يقصف أمامنا ويصيب الأهداف بدقّة، من دون أن يعني ذلك أنّه في فريقنا السياسي، لأنّه يطلق سهامَه من مكانه».

لكن، كلّ هذه التحوّلات لا تعني أنّ الزمن قد عاد بقوى «14 آذار» إلى ما قبل 7 أيار 2008، لأنّ البيت الداخلي مشرذم، على رغم الإنجازات التي تَحقّقت، فالاستحقاقات داهمة، ويجب توحيد الصفوف والرؤية السياسية للمرحلة المقبلة تحت عناوين واضحة، والأهمّ من كلّ ذلك، إعادة ثقة جمهورها بها، وتحقيق إنجازات ملموسة على الأرض، فالتحدّيات التي تنتظر الحريري كثيرة جدّاً، وهو نجح في إبعاد الساحة السنّية عن التطرّف، فلم ينجرّ سنّة لبنان إلى نزاعات المنطقة، وخصوصاً الحرب السورية، ولم يشكّلوا بيئة حاضنة للتطرّف مثلما حدث في سوريا أو العراق أو مصر، وهذه المسائل تحقّقت عندما كان الحريري خارج لبنان، فكيف الحال وقد بات في قلب وطنه؟