سألتُ، في بداية اللقاء الناشط اليهودي الأميركي الذي “مرَّ” على منظمات يهودية أميركية عدة بعضها مهمته الدفاع عن مصالح إسرائيل، عن الأوضاع الداخلية في الأخيرة، وعن انتخاباتها المرتقبة (حصلت وفاز فيها نتنياهو)، أجاب: “أتمنى أن يفوز نتنياهو وأرجِّح فوزه. لكن التكهُّن في أمور كهذه صعب في إسرائيل على رغم الاستطلاعات ونتائجها. آخر واحد منها أعطى تحالف ليفني – هرتزوغ أربعة مقاعد زيادة عن مقاعد منافسه “ليكود”. لكن هذا لا يعني ان رئيس التحالف سيصبح رئيساً للحكومة. يختار رئيس الدولة زعيم الكتلة التي حصلت على أكبر عدد من المقاعد في الكنيست. لكن هذا قد يعجز عن تشكيل كتلة نيابية كبيرة أو تحالف نيابي واسع يحتل أعضاؤه الأكثرية في مجلس النواب. وفي حال كهذه يعود رئيس الدولة الى المعسكر النيابي الآخر ويكلف واحداً من أعضائه تأليف الحكومة، هذا الأمر يدفعني إلى ترجيح بقاء نتنياهو رئيساً للحكومة لأن معسكر اليمين النيابي الذي يتزعمه هو الأكثر عدداً والأوسع شعبية. وهناك احتمال أن تؤثر أميركا في الانتخابات الإسرائيلية العامة مباشرة أو مداورة. أيام الرئيس جورج بوش الأب حصل خلاف بينه وبين رئيس حكومة إسرائيل الليكودي إسحق شامير بسبب عملية السلام التي كان التحضير لانطلاقها من مدريد عام1991 جارياً. فحجب عنه ضمانات القروض التي بلغت قيمتها في ذلك الوقت نحو مليار دولار أميركي. تسبّب ذلك بسقوطه في الانتخابات وبفوز منافسه العمالي رابين. والعامل الذي جعل هذه النتيجة ممكنة كان حاجة الإسرائيليين إلى هذه الضمانات لتنفيذ مشروعات إسكانية وغيرها. يستطيع أوباما أن يفعل ذلك الآن”.
كيف يرى الإسرائيليون وتحديداً نتنياهو واليمين المتطرِّف رئيسكم باراك أوباما؟ سألتُ. أجاب: “هناك حقد كبير عليه وغضب وحتى احتقار. إذ لا “يَمسِك” مع حلفائه وقت حاجتهم إليه. استراتيجيته يمكن وصفها أو التعبير عنها بالآتي: في إحدى القرى والبلدات يوجد وحش كبير وقبضاي كبير من أبنائها. وتقوم سياسة القبضاي لدرء خطر الوحش على الاسترضاء واللين، وفي الوقت نفسه على التخلي عن حلفائه في القرية بل عن ابنائها كونهم مضموني الولاء له. أوباما يفعل ذلك مع إيران ويؤذي حليفة أميركا إسرائيل وكل حلفائها العرب. أيام الرئيس بوش الأب كان على طاولة مكتبه تمثال لتشرشل الزعيم البريطاني ورئيس الحكومة في أثناء الحرب العالمية الثانية. عندما دخل أوباما البيت الأبيض رئيساً أرسل هذا التمثال إلى متحف. وهذا دليل في رأيي على احتقاره للكبار”. علّقتُ: قال نتنياهو في خطابه الأخير أمام الكونغرس الأميركي انه سيذهب وحده (أي إسرائيل) لمواجهة إيران إذا اضطر إلى ذلك، يعني هنا المواجهة العسكرية.
هل يستطيع أن ينفِّذ ضربة عسكرية ناجحة أم يضطر إلى توريط أميركا لكي تساعده على إكمالها وتلافي نتائجها السلبية على بلاده؟ أجاب: “عام1981 عندما توجهت طائرات الـ “إف16” الأميركية الصنع والتابعة لسلاح الجو الإسرائيلي إلى العراق وقصفت مفاعله النووي “أوزيراك”، تساءل الأميركيون عن أسباب نجاحهم وعن قدرتهم على جعل طائراتهم تنفِّذ المهمة وتعود إلى قواعدها من دون أن تحتاج إلى ملء خزاناتها بالوقود. والحقيقة أن ذلك فاجأهم. والآن سيتفاجأون ايضاً إذا قرر نتنياهو توجيه ضربة عسكرية إلى إيران. إسرائيل قادرة على النجاح في ضرب إيران”. سألتُ: هل ستسكت أميركا إذا ردّت إيران على إسرائيل؟ أجاب: “كيف تردّ؟ لا تستطيع أن تردّ إلا بعمليات اغتيال. وعلى أهمية هذه العمليات فإنها غير مهمة. إذ لا بد أن يُكتشف بعضها وينجح بعضها الآخر. لكن سؤالي لك هنا هو الآتي: إذا طلبت إيران من “حزب الله” اللبناني الردّ على إسرائيل بعد ضرب إيران لها هل يفعل”؟ أجبتُ: طبعاً يفعل. ردَّ: “ساعتها تقع الحرب. على كل أوباما مسؤول عن بقاء بشار الأسد في السلطة في سوريا. لولا بشار ما وُلِد تنظيم “داعش”. وأوباما لم يضربه. كان يجب أن يُضعِف طيرانه الحربي وأن يدمِّره”.
علّقتُ: الشعب الأميركي لم يعد يريد الاشتراك في حروب عسكرية خارج أرضه ولا سيما بعد حربي الرئيس جورج بوش الابن في أفغانستان ثم العراق. ويهود أميركا جزء منه. وقد انتُخِب أوباما رئيساً بسبب برنامجه إنهاء الحربين المذكورتين أو التورُّطين. وجُدِّد له بعد تنفيذه الانسحاب من العراق، والآن تلومونه على سياساته فقط لأنها تتضارب في رأيكم ورأي إسرائيل مع مصالحها. تريدون أن يأخذ أوباما فقط مصلحة إسرائيل في الاعتبار في أثناء الحوار مع إيران.
بماذا علَّق؟