Site icon IMLebanon

1982-2015 بشير – ميشال

 

هل يكفي رهان عون على «إنتصارات إيران» ليُصبح رئيساً؟!

تُذكِّر مواقف العماد ميشال عون، باعتباره من زاوية «تقييمه الشخصي» لذاته، أنه الأقوى في بيئته، بمواقف الرئيس بشير الجميّل، الذي انتخب رئيساً للجمهورية في الظروف المعلومة عام 1982، باعتباره الأقوى على الساحة المسيحية، بعد توحيد «البندقية المقاومة» على تلك الساحة، بوجه السوري والفلسطيني، و«أتباع اليسار الدولي» بتعبير والده الرئيس الأعلى لحزب الكتائب الشيخ بيار الجميّل.

آنذاك، ومن «بيت المستقبل» الذي أنشأه الرئيس أمين الجميّل، وكان حينها نائباً عن المتن، في إطار تطوير الرؤية والتخطيط للمستقبل، أعلن قائد القوات اللبنانية الشيخ بشير «ترشيحه الجدّي» للرئاسة، وسط صدمة لم تكن إيجابية لدى بعض العرب، و«اليسار الدولي»، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحلفاء سوريا في لبنان..

إيراد المقاربة هذه، إنعاش الذاكرة اللبنانية، في لحظة مريرة من لحظات إعادة التفكير بمصير لبنان: الدولة، الميثاق، والوظيفة، في منطقة تُرسم الجغرافيا فيها بقوة «الحديد والنار»، وترتّب عليها وقائع، جعلت الأميركيين لا يُبدون رغبات، بأن تلحق هزائم سريعة بتنظيم داعش، في عموم جبهات القتال الدائرة من العراق الى سوريا، وصولا إلى جبال القلمون..

في المرحلة المشار إليها، كان «جبرائيل» وهو الضابط اللبناني في عِداد فريق العمل الإستشاري لبشير الجميّل، وهو الإسم «الحركي» لعون، ضمن فريق من رجال قانون وسياسة وعلم وثقافة لم يكن يتعدّى الستة أشخاص، وهو على دراية كاملة بكيفية إتخاذ قرار الترشيح، والظروف المحيطة، وأهمية دعم شخصية من حجم قائد «القوات اللبنانية» للوصول إلى الرئاسة الأولى، ليتمكّن من تحقيق برنامجه في «تحرير لبنان من الجيوش الأجنبية»، وطرد «الغرباء» والسيادة والكرامة والحرية، وسائر ما يسميه اليوم فريق 14 آذار «بالخطاب السيادي»..

لا أدري بالضبط، ما الذي يجعل شخصاً مثل ميشال عون، يستعيد المشابهة، ليبني على الحاضر اللبناني، المثخن بالأزمات، والآفاق المعرّضة لنتائج حرب آخذة بالتمدّد والاستمرار، معلناً، على نحو مختلف، تارة على لسان حلفائه، وتارة على لسان نوابه، وتارة على لسان إعلامه، وتارة رابعة على لسانه، أنه هو المرشح القوي للرئاسة، وأن أداءه المهادن في السنتين الماضيتين، مرتبط بتحضير الساحة السياسية، للوصول إلى سدّة الرئاسة الأولى، ولو، عبر المجلس النيابي الممدّد له، والذي لا يعترف هو بشرعية تمديده، ويتعامل معه كأنه واقع..

عندما يُعلن عون، في مناسبة الذكرى العاشرة لـ 14 آذار، «ثورة الأرز»، وانتفاضة الاستقلال أنه لن يسير مرّة أخرى في «دوحة جديدة» (في إشارة إلى اتفاق الدوحة الذي أوصل الرئيس ميشال سليمان إلى الرئاسة الأولى)، بعد أحداث بيروت بين 7 و11 أيار، هو يعني أن العماد جان قهوجي (قائد الجيش اللبناني) أو رياض سلامة (حاكم مصرف لبنان) أو حتى أية شخصية وسطية، مثل السفير اللبناني في الفاتيكان الضابط السابق جورج خوري، أو الأسماء المعروفة من النواب والوزراء السابقين، ليس بوارد الموافقة على إسمه للرئاسة الأولى..

سبق الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله النائب عن كسروان ميشال عون في إعلان تسميته صراحة، وفي وضح النهار للرئاسة الأولى، فهو القوي في بيئته، وهو القادر، ولا أحد غيره، على إعادة وصل ما انقطع مع بقية الطوائف في وطنه..

يُعلن عون في 14 آذار أنه هو المرشح الرئاسي الوحيد للإنتخابات: ولا معنى بالتالي لأيّ دور سياسي، لأي فريق ما لم يكن يصبّ في مصلحة انتخابه، فمن هذه الوجهة يقيّم الحوار مع «القوات اللبنانية»، ومن هذه العدسة، تتم مراجعة لتجربة تأليف «حكومة المصلحة الوطنية»، بعد اجتماعات باريس مع الرئيس سعد الحريري، ومن الزاوية إيّاها، يقيّم عون مع حزب الله، مجريات الحوار الدائر بين الحزب وتيار المستقبل، تقدّماً أو تباطؤاً، مع ربط أزمة مصالح مع «حمائم المستقبل» في جلسات الحوار، بعيداً عن مناكفات الحكومة أو البيانات النارية «لبعض صقوره» في العواصم والمنتديات، والساحات العامة، وعبر الإعلام مكتوباً كان أو مرئياً..

وضع عون خاتم الرئاسة في معصمه: تثبتونني في بعبدا، التي غادرتها رئيساً للحكومة الإنتقالية، (بثلاثة وزراء، لم يبق حليف له منهم سوى واحد) أو يبقى الخاتم بيدي لا أعطيه لأحد، حتى ولو استمر الشغور الرئاسي عاماً أو عامين، جيلاً أو جيلين.. لا همّ، ما دامت الرؤية واضحة، ولا يجوز سلب المسيحي، حقوقه بعد اليوم..

قدّم عون على أرض المساومة، مع فرقاء آخرين، فانفتح على وليد جنبلاط، وحزبه التقدمي الاشتراكي، و«لقائه الديمقراطي» من دون جدوى الى الآن، وانفتح على «خصمه التاريخي» في السباق للسيطرة على «القرار المسيحي» سمير جعجع، من دون آفاق تبشّر بقرب التوصل إلى «مقايضة» تسمح بإخلاء الساحة من قبل «القواتي الأول» لعون، بعدما لعب ورقة الرئاسة الأولى، لإزاحته، أو التأسيسي لوصوله من دون جدوى..

في تسليف المواقف هذه، يراهن عون على «ورقة قوية» هي: موقف الرئيس سعد الحريري بكتلته وتياره، باعتباره «الفيزا السنّية» التي تعطى لأي مرشح للسفر من منزله، أو مقرّ عمله، أو إقامته، إلى بعبدا، والإقامة في القصر الرئاسي، رئيساً للجمهورية لست سنوات، تزيد أو تنقص، وفقاً لمجريات الصراعات الدائرة في عموم المنطقة..

علامَ يُراهن عون، في الإمساك بورقة الرئاسة معطّلة، مأسورة، أو مخطوفة، أو أي شيء آخر؟!

المعلومات تؤكد أن ثمة رهاناً على صعود الدور الإيراني، بالدرجة الأولى. فإيران التي تدعم حزب الله، كجزء من نفوذها في المنطقة، الممتدة من باب المندب في اليمن، إلى شواطئ المتوسط، مروراً ببادية الشام وبلاد ما بين النهرين وصولاً إلى غزة هاشم..

وفي المعلومات أيضاً أن غياب الاستراتيجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط، وتقدّم إيران في الحرب ضد «داعش»، لن يجعلها تفرّط بالنقاط الاستراتيجية، المرتبطة بنفوذها العام في المنطقة..

تغيّر نوري المالكي، لكن نفوذ إيران (الجمهورية أو الإمبراطورية لا فرق) تعزّز مع مجيء حيدر العبادي (وهو من حزب المالكي – حزب الدعوة) لم يسقط بشار الأسد بعد أربع سنوات من الحرب، ولم تهزم حركة الحوثيين في اليمن، وصمدت حركات المقاومة في غزة، ويمضي حزب الله بتعزيز قوته في سوريا ولبنان، بوجه التطرّف وإسرائيل..

وبعد.. على هذا يراهن عون، فهل هذا وحده يكفي؟!