Site icon IMLebanon

إلغاء 200 رحلة خلال الربع الأول من هذا العام

 

دمج الركاب” آخر دواء بعد تأجيل الرحلات أو إلغائها

 

ما إن انضم وائل عبيدي إلى الركاب الأربعة على متن الطائرة، ليصبح خامسهم حتى سمع أحد المسؤولين فيها يبلغهم “أُلغيت الرحلة وسيتم تحديد موعد آخر” ما اضطره إلى مغادرة الطائرة التابعة للخطوط التونسية والتي كان من المفترض أن تُقلع الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً من يوم الجمعة الفائت، وعند سؤاله أثناء المغادرة عن السبب أتاه الجواب: “العددُ غير كافٍ للإقلاع”.

إنتظر وائل ثمان وأربعين ساعة قضاها بفارغ الصبرعند صديق له لينجح مع الحجز الثاني، في المغادرة إلى بلده الأم على الخطوط نفسها، ليصلَ إلى عائلته ويجري التحضيرات الإحتفالية لاستقبال مولوده الجديد.

 

حالُ التأجيل التي تترجم “إلغاءً” عملياً، ليست الحالة الوحيدة على لوائح الإجراءات المتخذة حالياً في مطار رفيق الحريري الدولي، بل هناك عمليات “دمج” الركاب في طائرة واحدة، ظاهرةٌ تلجأ إليها شركات الطيران العاملة في المطار تجنباً للخسائر المادية المترتبة على الإقلاع بعدد غير كافٍ من الركاب.

 

هذه الإجراءات لا تعفي الشركات المعنية من مسؤولياتها لناحية إبلاغ ركابها بالإجراءات التي تنوي إتخاذها قبل 24 ساعة، وهذا ما لم يحصل مع العبيدي وهو ناشر في “دار التنوير”: “سألتُ المعنيين عن الإلغاء، أولاً يجب عليكم إبلاغنا بهذا الإجراء عبر البريد الإلكتروني أو عبر اتصالٍ هاتفي قبل 24 ساعة؟ لكنني لم أتلق جواباً مقنعاً”، كاشفاً أن هذه الحادثة دفعته لقراءة قوانين الطيران لأكثر من شركة طيران عربية، من دون أن يحظى ببندٍ واحدٍ يحمي المسافر، بل بالعكس “وجدتُ أن أغلبية هذه القوانين تحمي شركات الطيران أكثر مما تضمن حقوق المسافرين”.

 

خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود

 

هذه الإجراءات من شركات الطيران تقابلها إجراءات تقشفية بدأ اللبناني باتخاذها منذ ما يزيد عن الشهرين لا سيما عُشاق السياحة والسفر”، الأوضاع الحالية دفعتني إلى إلغاء سفري إلى تركيا التي أقصدها أكثر من مرتين سنوياً، وكما تعلم الجميع يعاني من ارتفاع سعر الصرف ومن عمليات سحب ماله من البنك” يقول أحمد ح.( 32 عاماً، مهندس) متابعاً: “تعلمنا من أجدادنا خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود، ويبدو أنّنا مقبلون على أيامٍ سود، وطفلي أجدى بمبلغ الـ 1000 دولار الذي سأنفقه على “التيكيت” وعلى تكاليف إقامتي في تركيا على مدى 3 أيام “.

 

وفي هذا السياق لا ينفي رئيس مطار بيروت الدولي المهندس فادي الحسن في حديثٍ لـ” نداء الوطن ” التراجع الحاصل في عدد المسافرين ذهاباً وإياباً “عادةً نشهد تراجعاً في حركة المسافرين في تشرين الثاني من كل عام، وفي تشرين الثاني من العام 2019 ساهمت الاوضاع العامة في لبنان بتراجع هذه الحركة إلى حوالى 30 % مقارنةً مع تشرين الثاني 2018″، مضيفاً أنه وفي الايام الـ 17 الاولى من كانون الاول 2019 إستمر التراجع بنسبة 30 %، مستدركاً أنّه من 17 كانون الاول وحتى الاسبوع الاول من الشهر الحالي تكون الأرقام متقاربة عن الفترة ذاتها من الاعوام الماضية، بسبب مجيء اللبنانيين مغتربين ومهاجرين لقضاء عيد رأس السنة في لبنان.

 

الإنخفاض مقبول

 

وفي لُغة الأرقام نجد أن حركة المسافرين من مطار رفيق الحريري الدولي وإليه سجلت خلال تشرين الثاني 2019، ما مجموعه 628,033 راكباً، في حين وصلت حركة المسافرين من المطار وإليه في شهر تشرين الثاني الفائت 438,687 راكباً، توزعوا بين وصول 208011 راكباً ومغادرة 226577 راكباً وترانزيت 4099، ما يظهر بوضوح التراجع بنسبة 30 %.

 

وفي نظرةٍ تحليلية يرى الحسن أن هذا الانخفاض يعتبر”مقبولاً” بالنسبة إلى الأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان، مؤكداً تأثُر حركة الطيران كثيراً بنسبة الإشغال الفندقي وبتراجع حركة السياحة والسفر في مكاتب الحجز، ومكاتب تأجير السيارات والرحلات، لأن هذه العوامل مترابطة، مشدداً على أن كل هذا متعلق بعامل الإستقرار في البلد “وإن شاء الله نشهد ولادة الحكومة قريباً، ليتحول هذا المشهد إيجابياً بشكلٍ تدريجي.

 

ووفق الحسن فإن معظم الشركات النظامية يكون لديها أكثر من رحلة يومياً، كاشفاً أنها ومنذ أسابيع بدأت تلجأ إلى إجراء من إثنين: “إما أنها تلغي واحدة ويسافر الركاب في الرحلة الثانية، وإما أن تقوم بتحويل الركاب إلى شركة ثانية لدمجهم مع ركابها إستناداً إلى اتفاقٍ مسبق في هذا الخصوص، وهذا يحصل كل عام”. وحيال هذا الواقع، يتوقف الحسن عند المسؤوليات الملقاة على عاتق هذه الشركات النظامية بوجوب تبليغ المسافرين بالإجراء الذي ستتخذه مسبقاً عبر مكاتب السفر الخاصة بها، واصفاً وضع شركة طيران الشرق الأوسط أو “الميدل إيست” بـ”المرتاح” مقارنةً مع وضع بقية شركات الطيران العاملة في المطار، وهي تُعد من أقل الشركات التي لجأت الى إلغاء رحلاتها.

 

 

دون الـ50 %  خسارة للشركات

 

 

مصادر خاصة ومُطلعة تفيد لـ”نداء الوطن” بأننا سنشهد إلغاء حوالى 200 رحلة على متن معظم شركات الطيران خلال الأشهر الثلاثة الاولى من العام 2020، محاكيةً واقع ما يحصل مع شركات الطيران العاملة في المطار “لو إفترضنا أن طائرة تتسع لـ 100 راكب، لكن عدد ركابها وصل إلى 30 هذا يعني أن لديها 30 % من النسبة الاجمالية، وأحياناً نلاحظ أنها تصل إلى نسبة 10 % او 20 %، وهذا يُعد خسارة للشركة، لذلك شهدنا حالات “الغاء” رحلات ذهاباً وإياباً الى المطار بغض النظر عن هوية تلك الشركات، لأنها بحاجة إلى نسبة 50 % كي تبدأ بتحقيق الربح، ودون ذلك يُعد خسارة في حسابات الشركات.

 

وتعطي هذه المصادر مثالاً: “حتى الأمس القريب كانت تهبط في المطار طائرتان من العراق: الاولى خط بغداد- بيروت، والثانية خط النجف – بيروت. وبسبب انخفاض نسبة المسافرين على متن الطائرتين، أصبحت المعادلة طائرة بدلاً من طائرتين الى بيروت تنقل مسافري الخطين عبر عملية “دمج الركاب”.

 

وإذ تتفق هذه المصادر مع ما يُشير إليه الحسن حول تراجع الرحلات العارضة ( Charter) التي كانت تُنظم في كانون الأول من كل عام وصولاً إلى توقفها نهائياً في كانون الأول 2019 بعد ثورة 17 أكتوبر، فضلاً عن سياسة تقنين السحوبات بالدولار وبالليرة اللبنانية التي يمارسها القطاع المصرفي، ما أثّر سلباً على وصول “الكاش” إلى أيدي اللبنانيين، توضح أن عدد السياح اللبنانيين في هذه الرحلات وتحديداً إلى تركيا وأوروبا وشرم الشيخ وصل في صيف العام 2019 إلى مليون لبناني، 60 % منهم قصد تركيا، طارحةً معادلة: “غياب السياح والرعايا الخليجيين = غياب السياحة”، لأن اللبناني بدأ يتقشف أكثر بكثير من السابق بفعل الأزمة السياسية والإقتصادية والمالية والمعيشية، فيما الأوروبي معروف بالتقشف “ويحسبها جيداً”على السنت.