IMLebanon

2014 في وداع سنة لم تكن الأفضل

لن أكتب عن أحلام وتمنيات للسنة الجديدة لأنها تبقى غالباً شعارات وكلمات.

سأكتب عن سنة عبرت، وفيها، مثل كل الحياة، الفرح والحزن، البسمة والدمعة، الأمل والخيبة.

سياسياً واقتصادياً، لم تكن السنة الراحلة الأفضل، مع سياحة متراجعة وإقتصاد متقهقر، وحكومة تستغرق ولادتها عشرة أشهر لكي تبصر النور، ورئيس جمهورية لم يُنتخب هذه السنة، على أمل أن تحمل إلينا سنة 2015 الخبر اليقين.

سنة لم تخلُ من أعمال خطف وتفجيرات، وتقهقر على كل المستويات، لكن ما يلفتني أكثر، هو تراجع أكثر من أي وقت مضى، على صعيد العلاقات الانسانية والشخصية، إذ بات الناس يبنون علاقاتهم وصداقاتهم على أساس المصالح والماديات. هكذا بات من يدفع أكثر يُحترم أكثر، في بلد الوجاهات والصف الأول، ومظاهر الثراء، ففقدت العلاقات الانسانية كل مضمون، وباتت قائمة على المظاهر الفارغة والقشور والغايات الرخيصة: قل كم معك من المال أقل لك من أنت!

أما المواهب والإبداع والقيم والأخلاق فباتت كلها من صنف الجواهر والحلي الزائفة، وسط سبق محموم وجشع على جني المال والثروات بأي طريقة أو وسيلة.

السنة العابرة جعلتني أشعر أكثر من أي سنة، كم ان الصداقات الحقيقية باتت عملة نادرة، وكم تغيّر الناس، وكم أصبح المجتمع يعتمد مقولة الوجه والوجه الآخر، والخبث، والبسمات الكاذبة، وإثارة الشائعات، ودسّ الأخبار الكاذبة، والإساءة الى الآخر.

مجتمع موبوء، مجتمع يتكلم بالقيم والأخلاق والمبادىء والصراحة، والكذب ينخر كل منزل وعائلة والنفاق مستشرٍ والفساد قائم بلا رادع.

في نهاية السنة لا أريد أن أكتب في السياسة، بل في العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي تدهورت الى أدنى مستوياتها، وربما امتد هذا التدني أيضاً، الى بعض الإعلام ومعظم السياسة، لأنه عندما يفقد الانسان احترامه للآخر وتنزلق مشاعره الى هذا الدرك، وعندما نبني كل علاقتنا على أسس كاذبة، يصبح المجتمع مجموعة آفات وعلل عاصية على العلاج والاستئصال.

في مجتمع كهذا تصح مقولة إن من ننتخبهم هم على صورتنا، وهم نتاج حياتنا اليومية والسياسية والاقتصادية القائمة على النفاق والغش والفساد وانعدام الاخلاق. حان الوقت لنعترف بأن ما نراه في مرآتنا هو نحن، صورتنا، صورة من انتخبناهم على صورتنا، عدا قلة قليلة لا شك في أنها تشاركنا معاناتنا وأحاسيسنا وغضبنا وثورتنا على صورتنا البشعة التي نؤول إليها. آن الأوان لنضع الفصل الأخير من أجل إنهاء هذه المسرحية الطويلة، مسرحية النفاق على المصالح المادية، وحفر كل منّا الحفر لأخيه…

ولكن يبقى الأمل في صحوة ذاتية وجماعية، ما دام في كل سنة عام جديد. وكل عام وأنتم بخير.