IMLebanon

    2015: عام التشريع الغائب والرئاسة الضائعة

«السلسلة» والموازنة وقانون الانتخاب على لائحة الانتظار الطويلة

انقضى العام 2015 من دون انتخاب رئيس للجمهورية، فانعكس ذلك تعليقاً لكل شيء في البلد. لا مؤسسات دستورية تعمل ولا اقتصاد يتقدم ولا مواطنون يتنفسون أو يأكلون أو يشربون سوى الأمراض. وحدها الأزمات تتطور. أزمة مثل أزمة النفايات تغرق البلد لستة أشهر، كاشفة عن عجز الطبقة السياسية، التي لم تنجح بحكومتها ومجلسها وطاولة حوارها (صارت مؤسسة أقوى من المؤسسات الدستورية)، من إيجاد الحل لها، لأن الهم، كما تبين لاحقاً، هو كيفية تأمين المحاصصة المناسبة لا كيفية تأمين الحلول البيئية السليمة… وهو ما حصل في جلسة تهريب صفقة ترحيل النفايات التي عقدتها الحكومة قبيل نهاية العام.

عجز يراكم عجزاً والقافلة تسير. وحدها مصالح السياسيين تعمل كالساعة. لا حسيب ولا رقيب يفرمل العطش الدائم لتجميع الثروات على حساب اللبنانيين. مجلس النواب يحتفل بالسنة العاشرة لمخالفته الدستور، متخطياً كل البنود الدستورية التي تلزمه إعداد موازنة سنوية يُصرف على أساسها ويُجبى على أساسها. والمجلس نفسه لا يزال يعيش نشوة التمديد المستمر، غير مبال بتخطي إرادة المواطن، الذي نزل إلى الشارع، في هذا العام، معلناً القرف من الطبقة السياسية.

أما قانون الانتخاب، فلم يعد سوى مادة للسجال يُستحضر كلما أحرجت السلطة. هذا ما حدث عند التمديدين الأول والثاني، كما عندما اتفق مؤخراً على جلسة «تشريع الضرورة»، التي كانت الجلسة التشريعية الأولى والأخيرة في العام الماضي (سبقها جلسة «التمديد» لأعضاء اللجان وأعضاء هيئة مكتب المجلس).

وعود تلي وعوداً. ولجنة الانتخابات صارت مزحة توضع لها المهل لتنجز عملها، بالرغم من أن أعضاءها أنفسهم يعرفون أن كل ما يفعلونه هو تعبئة الوقت بتمارين انتخابية، ربما يستفاد منها عندما تطلق صافرة التسويات من مكان ما من الكرة الأرضية.

وبالرغم من أن العام الماضي سجّل الدعوة إلى 17 جلسة انتخاب رئيس، إلا أن الكل تعامل معها على أنها جلسات فلكلورية هدفها تثبيت مواقف الأطراف من الاستحقاق المؤجل منذ 25 أيار 2013.

وفيما تأمين النصاب يتطلب حضور 86 نائباً، لم يحدث أن سجلت سجلات الجلسات الـ17 أكثر من 50 نائباً، علماً أن العدد وصل أحياناً إلى 34 نائباً، يمثلون كتل «14 آذار» و «التنمية التحرير»، فيما حافظ «تكتل التغيير» و «حزب الله» على مقاطعة الجلسات لـ33 جلسة على التوالي.

في الشهر الأخير من العام، تسلل الأمل إلى المجلس، مع دعم «تيار المستقبل» لترشيح النائب سليمان فرنجية. وبالفعل، ثمة من عمل لأن تكون جلسة 16 كانون الأول بمثابة الثابتة التي ستحمل فرنجية إلى قصر بعبدا. وصل الأمر إلى حد مسارعة بعض الكتل النيابية إلى إجراء تعداد دقيق للأصوات التي يمكن أن يحصل عليها فرنجية، مرفقاً بمساع لإقناع المترددين في النزول إلى الجلسة. كان ذلك قبل أن يرفع ميشال عون وسمير جعجع حائط الصد الذي أحبط كل تلك المساعي، وقبل أن يحسم «حزب الله» الموقف بتأكيد ثباته خلف مرشحه المعلن، إلى حين يقرر عكس ذلك. وهو ما أدى إلى إعادة الجلسة إلى حجمها الطبيعي بانتظار أمل آخر يتوقع كثر من السياسيين، الذين يتقنون التنجيم ويؤمنون به، أن تكون سنة 2016 على موعد معه، بالرغم من وصول الاشتباك الإقليمي إلى حده الأقصى. لكن الأكيد أن بداية العام لم تكن مشجعة، بل كانت محبطة إلى حد اليأس، الذي عبّر عنه أكثر من نائب نزل، أمس، إلى المجلس، متيقناً أن الجلسة الأولى خلال العام الحالي تعقد في أجواء أسوأ بمراحل من الأجواء السيئة التي رافقت جلسات 2015.

كما كل المؤسسات، كان المجلس النيابي أشبه بمجلس نيابي، فراكم عجزاً فوق عجز، مسجلاً في العام 2015 جلسة تشريعية واحدة. علماً أن ذلك لا يبدو مفاجئاً، خاصة إذا ما قورن مع السنتين السابقتين. في العام 2013 لم تعقد أي جلسة، باستثناء جلستي التمديد للمجلس (31 أيار) وتعليق المهل الانتخابية (10 نيسان). في العام 2014، عقد المجلس جلستين: الأولى في الأول والثاني والثالث من نيسان، والثانية في 9 و10 نيسان، من دون نسيان جلسة التمديد الثاني التي عقدت في 5 تشرين الثاني.

بدأ العام 2015 بنزاع باكر على عقد الجلسة التشريعية، إلا أن التشريع احتاج إلى 11 شهراً ليصل إلى بر الأمان، عبر تسوية مرتبكة سمحت بعقد الجلسة في 12 تشرين الثاني الماضي على مدى يومين، وأدت إلى تمرير مجموعة من القوانين التي سبقتها دعاية مكثفة توحي أن إقرارها هو بمثابة حياة أو موت للبنان واقتصاده وعلاقاته الدولية ونظامه المصرفي!

ولأن الكل كان يعرف أن تلك الجلسة ستكون الأخيرة، خاصة بعد تعهد الرئيس سعد الحريري أنه لن يشارك في أي جلسة لا تخصص لقانون الانتخاب، فقد سعوا جاهدين لتمرير ما يستطيعون من المصالح. فاوضوا قبل الجلسة، ثم بازروا خلالها، قبل أن يختلفوا بعدها. أصر «التيار الوطني الحر» على تمرير قوانين «استعادة الجنسية» و «الانتخابات» و «تسديد حصص البلديات من أموال الخلوي»، وسانده «القوات» في مسعاه، مع تأكيده أن قانون الانتخاب هو هدفه الأول. أما «المستقبل»، فكان همه تمرير القوانين المالية بأي ثمن، فيما أعطى «حزب الله» و «أمل» الأولوية لتفعيل عمل المجلس، وكسر مقاطعة التشريع.

رضي «التيار» بإعطاء الحريري ورقة الحل، وحضر الجلسة برفقة «القوات»، مسوقاً نجاحه في تحقيق النصر المتمثل بالتزام الجميع بإقرار قانون استعادة الجنسية (أكد الوزير جبران باسيل أنه أهم إنجاز في تاريخه). كما لم يفت «التيار» وحليفه القواتي إبراز الوجه المضيء لعدم تمكنهما من فرض مناقشة قانون الانتخاب، من خلال ضمان عدم عقد أي جلسة لا يكون قانون الانتخاب بنداً أول على جدول أعمالها، ومن خلال الاتفاق على إحالة القوانين الانتخابية إلى لجنة فرعية أثبتت في التجارب السابقة عجزها عن تحقيق الغاية من إنشائها. فيما أسقط «تيار المستقبل» قانون توزيع حصص البلديات، الذي عادت الحكومة وأقرته بمرسوم.

بازار مالي تشريعي

عنوان الجلسة ومبرر وجودها، كانت القوانين المالية التي حذرت المصارف من أن تأخير إقرارها يهدد بوضع لبنان على اللوائح العالمية السوداء.

لم يكتف البعض بالسعي إلى إقرار القوانين كما لو أنها نصوص منزلة، بل تعامل معها مسلماً بعدم وجود الحكومة، فسعى إلى إقرارها بدون الحاجة إلى مراسيم تطبيقية يقرها مجلس الوزراء، حتى لا يتعرقل تنفيذها!

وبالنتيجة، انقسم المجلس إلى معسكرين أثناء مناقشة القوانين المالية الثلاثة: نقل الأموال عبر الحدود، تعديل قانون تبييض الأموال، والتهرّب الضريبي. واحد يمثل المصارف ومصالحها، مهما أكثر من الحديث عن مصلحة البلد التي ستتهدد إذا مُسّ أي بند. والثاني يسعى جاهداً إلى تقليص السلطة المطلقة التي تتمتع بها المصارف وتجعلها تتحكم برقاب اللبنانيين. المعكسر الثاني كان فدائياً، فبدا كأنه يسعى إلى انتزاع بعض المكاسب من فم التنين. لكن الأهم أن المعسكرين اتفقا على أمر واحد: انتهى عصر السرية المصرفية التي رافقت أيام عز القطاع منذ العام 1956.

تمثل أحد الوجوه القاتمة للسلطة في طريقة إقرار البند المتعلق بفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة بقيمة 5417 مليار ليرة. من حيث المبدأ، فإن هذا الاعتماد مخصص لتغطية النفقات التي زادت في العام 2016، والتي لا تكفيها الاعتمادات المتاحة من خلال موازنة 2005 والاعتمادات الإضافية التي أقرت خلال السنوات التي تلي. لكن عملياً، ما حصل في الجلسة أعاد التذكير أن الأرقام وجهة نظر وأن الأولوية تبقى للمعارك السياسية. اقترح الرئيس فؤاد السنيورة تخفيض المبلغ إلى 2650 مليار ليرة، أي إلى نحو النصف. لكن بعد مداخلة من وزير المالية علي حسن خليل أكد فيها الحاجة إلى 1611 مليار ليرة لخدمة الدين و865 ملياراً لتغطية معاشات التقاعد، بما يعني أن ثمة 2476 ملياراً لا يمكن المس بها، اقتنع السنيورة أن الرقم الذي قدمه ليس منطقياً، فزاده مليارين، إلا أن خليل تنازل أيضاً فقبل بـ5 مليارات، قبل أن يتم التوافق على مبلغ الـ4500 مليار ليرة. وبين هذا وذاك، كانت أصوات كثيرة تعلو طارحة أرقاماً لا أحد يعرف من أين أتت، لكنها أكدت بما لا يقبل الشك أن الطبقة السياسية تعيش فترتها الذهبية، حيث لا حسيب ولا رقيب يسألها كيف تصرف، في ظل غياب الموازنات منذ العام 2005.

وبعد إقرار هذا الاعتماد، مرر خلفه، بشكل خاطف، اعتماد إضافي آخر وباقتراح قانون معجل مكرر أيضاً، يتعلق بفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة بقيمة 861 مليار ليرة يخصص لتغطية العجز في الرواتب. وأقر أيضاً اعتماد بقيمة 1848 مليارا لصالح الجيش بدل تجهيزات وأبنية وإنشاءات. وبذلك أقر النواب في العام 2015، 7200 مليار ليرة، أي ما يعادل 4800 مليار دولار، ستضاف كلها إلى الدين العام. بعض هؤلاء، ولاسيما «كتلة المستقبل»، سبق وحارب «سلسلة الرتب والرواتب»، التي لم تتجاوز قيمتها 1.5 مليار دولار كحد أقصى، لأن لا عائدات تغطي كلفتها!

«السلسلة» ضحية دائمة

بقيت «سلسلة الرتب والرواتب»، في العام 2015، خارج التداول، في ظل إصرار المصارف على رفضها، علماً أن جلسات «السلسلة» كانت قد بدأت في 14 أيار 2014 بمداولات لم تطل جوهر الخلاف، فأجلت الجلسة إلى 27 منه، وهو الموعد الذي أعقب الدخول بالفراغ الرئاسي بيومين. ولان النصاب لم يكتمل في حينها، اجلت الجلسة إلى 10 حزيران، التي انسحب منها «المستقبل» وحلفاؤه فرفعت إلى 19 منه، حيث أعلن الرئيس نبيه بري حينها أن الجلسة ستبقى مفتوحة. وهكذا، غابت «السلسلة» عن المجلس إلى الخامس من تشرين الأول، حيث وافق حينها «المستقبل» على العودة إلى التشريع، تمهيداً لإنضاج جلسة التمديد. وبالرغم من أن اتفاقاً أنجز بين «المستقبل» والرئيس بري ينص على تراجع الأخير عن رفضه لزيادة الضريبة على القيمة المضافة مقابل موافقة «المستقبل» على الدرجات الست للأساتذة، إلا أن العقدة جاءت هذه المرة من ناحية وزير الدفاع الذي طالب بـ «سلسلة» مستقلة للعسكر، فطار المشروع بكامله ولايزال.

وبالرغم من انتقال المشروع إلى اللجان المشتركة في حينها، إلا أن ذلك لم يساهم إلا في زيادة تعقيد المشكلة، فبعد أن عقدت اللجان اجتماعاً في 15 تشرين الأول، لم يعقد الاجتماع الذي تلا إلا في 17 آذار 2015، حيث تردد حينها مرة خرى أن الاتفاق قد أنجز، قبل أن يتبين أن «المستقبل» لا يزال صامداً في مربع رفض «السلسلة». لكن هذه المرة، كان هنالك حجتان: الأولى تتعلق برفض ترؤس النائب ابراهيم كنعان للجان المشتركة، بحجة مخالفة النظام الداخلي، بالرغم من كل السوابق التي لم يعترض عليها «المستقبل». والأمر الثاني كان ربط «السلسلة» بإقرار الموازنة والحسابات المالية، وهو ما فسر على أنه سعي من الرئيس فؤاد السنيورة للحصول على براءة ذمة، عن الـ11 مليار دولار التي صرفت أثناء توليه رئاسة الحكومة. صحيح أن الجلسة عقدت حينها، لكن «14 آذار» قاطعتها، واعتبرتها جلسة «إعاقة إقرار السلسلة»، حيث استنكر النائب جمال الجراح باسمها «هذا التسرع وهذه الشعبوية وهذه المقاربة الخاطئة للموضوع».

بالنتيجة، انتهى العام 2015، كما انتهت الأعوام التي سبقت، من دون إقرار «سلسلة الرتب والرواتب»، إلا أن السلطة لم تكتف بهذا «الإنجاز»، إنما ذهبت إلى ضرب وحدة «هيئة التنسيق النقابية» أيضاً.

استرخاء في اللجان

في العام 2015، وإذا كان الفراغ قد ساهم في تعطيل عمل الهيئة العامة لمجلس النواب، إن تشريعياً لرفض معظم الفرقاء التشريع في غياب الرئيس، أو انتخابياً لرفض «حزب الله» و «تكتل التغيير» المشاركة في جلسات غير متفق على نتيجتها، إلا أن أحداً لم يقل لماذا تسلل الفراغ إلى عمل اللجان أيضاً. صحيح أن الاجتماعات لم تتوقف، إلا أن عددها انحسر إلى حد كبير. وفيما اكتفت اللجان المشتركة بعقد سبع جلسات، إضافة إلى 20 جلسة للجان فرعية منبثقة عنها، لاسيما منها اللجنة المخصصة لدرس قوانين تبييض الأموال والانتخابات و «السلسلة» (في بداية العام)، حافظت «لجنة الإدارة والعدل» على تفوقها في عدد الجلسات، كما كانت الأجواء السياسية غير ذي تأثير كبير على عملها، فعقدت 74 اجتماعاً خلال 11 شهراً (باستثناء شهر كانون الأول)، فيما عقدت اللجان الفرعية المنبثقة عنها 29 اجتماعاً.

الغائب الأكبر كان «لجنة المال والموازنة» التي لم تجتمع سوى 11 مرة، خلافاً لعادتها في السنوات السابقة. وقد غابت كلياً عن الاجتماع في أشهر شباط، آذار، نيسان، آب، أيلول، وكانون الأول، فيما تفوقت عليها «لجنة الأشغال الطاقة» بعقدها 39 اجتماعاً، خصصت في معظمها لمناقشة أزمة الكهرباء، كما لم يغب عنها ملف النفط، حيث أصدرت توصية وافقت فيها على الخطة التي وضعتها لجنة إدارة قطاع البترول، على أمل إعادة وضع القطاع على السكة بعد سنتين من التوقف.

وبعيداً عن اللجان الرئيسية، سجلت لجنة الصحة عقد 12 جلسة و6 جلسات فرعية منبثقة عنها، وسجلت الإعلام 9 جلسات (من دون احتساب الجلسة التي عقدت في شهر كانون الأول التي تناولت مسألة فسخ «عربسات» للعقد مع قناتي «المنار» و «الميادين»). وعقدت لجنة الشؤون الخارجية 7 جلسات، فيما عقدت اللجان الباقية (11 لجنة) ما مجموعه 18 جلسة، أي ما معدله جلسة ونصف لكل لجنة!

من سرق الكهرباء؟

لكن الجلسة التي يمكن وصفها بجلسة العام، كانت تلك التي عقدتها لجنة «الأشغال والطاقة» في 5 تشرين الأول الماضي، ونشرت فيها السلطة «غسيلها الوسخ» أمام الإعلام. وكانت تلك الجلسة رأس جبل الجليد الذي بدأ مع الجلسة التي سبقت، والتي تبعها عدد من البيانات والبيانات المضادة. في تلك الجلسة كان وزير المالية علي حسن خليل قد قدم مجموعة من الوثائق التي تؤكد أن وزارة الطاقة لا يحق لها أن ترفض إطلاع ديوان المحاسبة على التعديلات التي أجرتها على عقد تركيب المولدات الجديدة في معملي الذوق والجية، معتبراً أنه «لو في عدالة لازم في ناس تنحط بالحبوسة»، وهو ما قابله العماد ميشال عون بالدعوة إلى مساءلة وزير المالية.

وبعد سلسلة من البيانات والبيانات المضادة، دخل رئيس اللجنة النائب محمد قباني على خط السجال، مؤكداً «بعد مراجعة محضر الجلسة» أن مستشار وزير الطاقة حاول في الإعلام تحميل مسؤولية التأخير في دفع مستحقات متعهد الذوق والجية لوزارة المال، وأن وزارة المالية طلبت عرض العقد المعدل في مشروع معملي الذوق والجية الجديدين على ديوان المحاسبة حسب الأصول القانونية المتبعة، لكن وزارة الطاقة لم تفعل ذلك ومن ثم ذهبت الى مجلس الوزراء. وفيما انتقلت حرب البيانات إلى قباني ووزارة الطاقة، صب قباني هجومه على الوزير جبران باسيل، آسفاً لكون وزير الطاقة «مضطر لتغطية مغارة علي بابا والأربعين مستشاراً التي لا تحترم أي قانون وتعمم العتمة على الناس، فهي بحق وزارة (ف. ف.) فشل وفساد».

تلك العبارة هي التي أشعلت فتيل المواجهة المصورة التي نشبت في جلسة الخامس من تشرين الأول. ليس المهم من المحق ومن المخطئ. المهم أن أبناء السلطة، بغضّ النظر عن تنوع كتلهم، اتهموا بعضهم بالفساد والسرقة.. وهذا لم يكن تفصيلا حينها، حيث كان الحراك المدني يفضح فساد السلطة وكان النواب يتحسسون من وصفهم من قبل الناس بالسارقين. لكن، ستظل ذاكرة الناس وذاكرة المجلس تسجل سلسلة من الاتهامات المتبادلة يبقى أبرزها، توجه النائب جمال الجراح لنواب «التيار» بالقول: «أنتم حرامية سارقين الكهرباء»، ورد النائب زياد أسود عليه: «أنت ومعلمك سارقين الكهرباء».. لتنهي الجلسة مع تصاعد وتيرة الشتائم، التي لم يتم التأكد بعدها، من قبل المراجع المختصة من هو السارق الفعلي للكهرباء وغيرها، وإن سلم الجميع بوجود سارق!