ثلاثة أيام تفصلنا عن نهاية العام 2015 الحالي وانطلاق العام 2016 الجديد الذي يطيب للمأخوذين بلعبة الأرقام أن يتوقعوا له مراوحة في كل شيء… باعتبار أن مجموع أرقامه يساوي تسعة (6+1+2= 9). وفي علم الحساب الرقم تسعة هو رقم «ساقط» كما هو معروف.
طبعاً هذا لا يعني أن سقوط الرقم تسعة يعني بالضرورة سقوط العام 2016 في الفراغ والتردد وأكثر: في المشاكل والإشكالات والكوارث. خصوصاً أن هذا العام ليس ملكاً للبنانيين وحدهم، إنما هو عام يحل على البشرية جمعاء.
لذلك فليأذن لنا المهووسون بلعبة الأرقام (كما زملاؤهم المنصرفون الى إدعاء معرفة الغيب، ومحاكاة الأفلاك)… ليأذنوا لنا أن نقول لهم ما يعرفون: «كذب المنجمون ولو صدقوا».
وننطلق من هذه الخلاصة لننظر بأسف وأيضاً برجاء الى حالنا الراهنة في «وادي الدموع» ما بين سنتين: إحداهما ترحل بكل ما حملت من أخطاء وخطايا نأسف على حدوثها، بل ونحزن أحياناً… والثانية تأتي على أنقاض الأولى دونما بارقة أمل… إلاّ أننا أبناء الرجاء، لذلك ننظر الى الآتي بأمل وبإيمان بأن لهذه الدنيا ربّاً يحميها ولن يتركها.
ولقد «نجحنا» في العام الذي يطوي أيامه الأخيرة في أن نكون (نحن اللبنانيين) انموذجاً إستثنائياً في الفشل. ومن أسف أننا نطل على العام الجديد من دون أن نكون قد تعلمنا أو إعتبرنا! وتلك ذروة «نجاحنا» المخزي.
لقد «نجحنا» في أن نشبك التعطيل النيابي والغياب الحكومي بالفراغ الرئاسي… فإذا بنا نعطل البلد ونكربجه كلياً… فتضاعفت ازماتنا وازدادت مآزقنا، وعطلنا مرافق حياتنا… وما بقي منها «يمشي» فإنما بقوة الإستمرار.
وها نحن نستعد لولوج عتبة العام الآتي وليس ثمة بصيص أمل في النفق المظلم الطويل: إنْ على صعيد الرئاسة أو على صعيد آخر مهما كان مستواه… يتساوى في ذلك العجز عن ملء الفراغ الرئاسي بالعجز عن حلّ أزمة السير مثلاً التي نعرف أنها ربما تكون أصعب من الأزمة السياسية… ولكننا نقف أمامها عاجزين والأخطر: نقف مستسلمين.
وما بين الطرقات المسدودة بأرتال الآليات وطريق بعبدا المسدود بالعجز عن التوافق على إنتخاب الرئيس يبدو كل شيء مجمداً تجميداً كلياً … تاماً…
وحتى عندما بدا أنّ هناك ضوءاً يأتي من الحراك المدني، سرعان ما إنهارت هذه المحاولة ليس بقرار من السياسيين التقليديين («وطبيعي» أن يرفضوا الحراك المدني)، إنما من أسهم في اسقاط الحراك هم أهله أنفسهم: بعضهم بالشهية المفتوحة على السلطة، وبعضهم الآخر بالإرتباط بأجندات عديدة (…) وبعضهم الثالث بالرغبة في الإستئثار بالفضل!
أما اللمعة التي يجدر التنويه بها عن حق في 2015 فهي تكلل المبادرة التي كان محورها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم في التوصل الى إطلاق جنود الجيش وعناصر قوى الأمن الداخلي الذين كانوا محتجزين لدى «النصرة».
وما سوى ذلك فنحن غارقون في مستنقع آسن «نجحنا» في أن نزيده قذارة وأن ننمّي فيه الجراثيم… بفضل إحتكامنا الى الأحقاد والضغائن والصغائر، وتقديمنا الأنانيات على مصلحة الوطن الذي ينظر اليه معظمنا على أنه بقرة حلوب.