ترمب رئيساً. «داعش ينهار». كوريا الشمالية تثير أزمة نووية. الحوثيون يقتلون علي عبد الله صالح ثم يفتخرون. أول مشروع عربي لمواجهة إيران. إردوغان «سلطاناً» في دولة تقول إنها ديمقراطية. انكشاف المؤامرة القطرية ضد جيرانها. قطر تتحالف مع تركيا وإيران. تركيا تضع يدها في يد إيران. حملة غير مسبوقة لمكافحة الفساد في السعودية. بريطانيا تفعّل خروجها رسمياً من الاتحاد الأوروبي. الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي في السعودية يذهل العالم. حملة قمع ضد مسلمي الروهينغا ونزوح مليونين منهم. كاتالونيا تهدد وحدة أوروبا. ترمب يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وعشرات العناوين الرنانة الأخرى التي تستحق أن تكون وحدها خبر العام، غير أن 2017 اختار أن يجمعها لنا سوياً. ما أن تغمض عينيك لتستوعب ما حدث حتى تفتحهما سريعاً بدهشة وبفزع، متلقياً خبراً أقوى من سابقه. يمر الخبر وكان مثيله يستغرق شهوراً للتحليل والإدراك، فإذا بغيره يتجاوزه ويتفوق عليه بالضربة القاضية، ثم يأتي الذي بعده… وهكذا. تتسارع عجلة الأحداث للدرجة التي لا أظن أننا واجهنا مثلها منذ عقود، وعلى هذا المنوال سار 2017 أسرع من أي عام آخر، وأهم من أي عام آخر أيضاً.
المرأة السعودية تقود السيارة. أربعة منتخبات عربية في كأس العالم. هداف الدوري الإنجليزي مصري. العلماء يعثرون على نظام نجمي يشبه نظامنا الشمسي يتكون من ثمانية كواكب. السينما تعود إلى السعودية. النفط يرتفع بمقدار الثلث عن أدنى مستوياته في عام. اللوفر في أبوظبي. السعودية تعلن أكبر ميزانية إنفاق في تاريخها. «سعودية» جديدة حلمنا بها ونعيش تفاصيلها. العناوين المفاجئة تتوالى وتصر على إدهاشنا ولا تريد أن تتباطأ حتى آخر يوم من العام، وفي خضم ذلك كله لا ننسى الكثير من الأحداث المفرحة والمبشرة بالخير، لم يكن 2017 محبطاً أو كئيباً فقط، لم يمر متثاقلاً كما يبدو، فمن رحم الخبر السيئ يأتي الخبر الجميل. المواجهة السعودية للخصوم أصبحت مشروعاً واضح المعالم. ترتيب فوضى المنطقة ينبئ بحياة أفضل لساكنيها. تسمية الأشياء بأسمائها والإشارة إلى الخصوم يعود بالنفع على الأوطان، والابتسامة في الوجوه تنكشف حقيقتها بعد تعدد الطعنات في الظهر. مواجهة الأعداء المتخفين أجدى نفعاً من احتوائهم، وضرب الإرهاب صدقاً وقولاً أفضل من مهادنته ومسايرته، كما يفعل من كان شقيقاً فغدر وطعن وخان. خذ عندك من يصدق «داعش» التنظيم السرطاني الذي «احتل» ثلث العراق ذات يوم، وبلغ عدد مقاتليه في 2013 نحو 35 ألف مقاتل، لم يبقَ منهم إلا أقل من ألف مقاتل فقط، وهو ثلث العدد التقديري لهم قبل ثلاثة أسابيع. لو لم ينتهِ 2017 إلا بهذا الخبر الجميل والمفرح لكان كافياً لنسيان بعض من كوارثه.
ها هو 2017 يغادرنا بخيره وشره، بجماله وقبحه، لم يبقَ منه إلا ذكرياته المفرحة والمحزنة، ها هو يسلمنا إلى عام جديد آخر الله وحده يعلم ماذا يخبئ لنا. هل نتوقع أو نتنبأ ماذا سيحمل 2018؟! أستاذنا الكبير سمير عطا الله يحذرنا كصحافيين من التوقع والتنبؤ، لكن ليسمح لنا كاتبنا العزيز بأن نقول على الأقل بأن العام الجديد لن يفاجئنا أكثر مما فاجأنا شقيقه، ولن يثير فينا الدهشة بعد ما فعله سابقه الذي لا شبيه له. أهلاً بك يا سيد 2018. فمن سبقك علمنا أن كل شيء قابل للحياة. كل شيء قابل للسقوط، والتغيير سنة كونية.