حاول اللبنانيون في مناسبتي الميلاد ورأس السنة الميلادية، ان يعلّقوا همومهم، وينسوا هواجسهم الاقتصادية والأمنية، ويتجاوزوا خلافاتهم، ويغرفوا، ما بوسعهم، مما توفّره لهم هاتان المناسبتان من فرح لمدة اسبوع واحد، قبل ان يفيقوا على الواقع المأسوي الذين يعيشون، او بالاحرى، الذي يعيشه ثمانون بالمئة من الشعب اللبناني، على اعتبار ان هناك ثلثاً تحت خط الفقر، وثلثاً في طريقه للانضمام الى الثلث الاول، والواقع المأسوي هذا، هو ما كشفه رجال المال والاقتصاد في الايام القليلة التي تلت رأس السنة، عندما أكّدوا ان اكثرية اللبنانيين يعيشون مضمون المثل العامي الذي يقول، «راحت السكرة وإجت الفكرة» وان التفاؤل بالعام الجديد، هو نوع من التمنّي، وغير قائم على حقائق وتطمينات أكيدة، ويبني هؤلاء مواقفهم على المعطيات الآتية:
اولاً: ان باريس -4 الذي تعوّل عليه الدولة الكثير، تعتقد اوساط اقتصادية وسياسية، انه لن ينعقد، واذا عقد فان نتائجه ستكون مخيّبة لآمال المسؤولين اللبنانيين الذين يراهنون على مساعدات وقروض ميسّرة ولآجال طويلة، لا تقلّ قيمتها عن 15 مليار دولار، ويذكّر هؤلاء بأن المؤتمرات السابقة المشابهة التي عقدت ايام رئيس الحكومة الاسبق الشهيد رفيق الحريري، وعدت لبنان بأرقام عالية من مليارات الدولارات، لم يتسلّم منها حتى نصفها، على الرغم من ان حماس الدول لمساعدة لبنان الخارج من حروب وازمات كبيرة، كان كبيراً جداً، خصوصاً عند الدول العربية، وبشكل اخصّ عند دول الخليج، فكيف اليوم، والعالم كلّه غارق في ازمات سياسية واقتصادية، ودول الخليج لا تنظر الى لبنان بعين الرضى، ولبنان لم ينفّذ ما التزم به في المؤتمرات، وسمعة لبنان لا تشجع، كونه يصنّف في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم.
ثانياً: تعقيباً على السياسة المالية والاقتصادية التي تعتمدها الدولة، يعتبر وزير المال الأسبق دميانوس قطّار، الخبير في الشؤون المالية والاقتصادية، ان لبنان قد يعبر سنة 2018، ولكن بكثير من الاوجاع والآلام، في اشارة واضحة الى الاوضاع السيئة التي سترافق الشعب اللبناني في هذه السنة ايضاً.
ثالثاً: اذ كان لبنان يعيش اجواء أمنية مرضية، نسبة الى الدول القريبة والبعيدة، الاّ ان الاجواء السياسية غير مريحة على الاطلاق، بسبب الخلافات بين اهل الحكم، والنزاعات القائمة بين الاحزاب والشخصيات السياسية، وهي ليست عاملاً مساعداً على تقديم العون الى لبنان، كما ان وجود هذا العدد الكبير من الاجانب على الارض اللبنانية ليس عاملاً مساعداً على تقديم المساعدات الى لبنان.
رابعاً واخيراً، يؤكد ديبلوماسي اوروبي، يعتبر نفسه صديقاً للشعب اللبناني، ان التوتر المتصاعد يومياً، بين اسرائيل ومحور الدول والقوى الممانعة، وخصوصاً حزب الله، لا يسمح للدول الخليجية بمساعدة لبنان، لان الدول الخليجية معادية لحزب الله ونفوذ ايران، وانها لن تقدّم اي مساعدة للبنان في ظل الصراع بين دول الخليج وايران، وسينحصر منح لبنان مساعدا ت مالية من منظمات اوروبية تعمل في شؤون دعم اللاجئين وستقدّم اليه الاموال على انه يستقبل مليون ونصف مليون لاجئ على أراضيه.
جميع هذه الاسباب مجتمعة، هي عائق حقيقي أمام اي مساعدات خارجية، وامام اي ترتيبات وهندسات داخلية، كمثل تأجيل دفع الديون المستحقة على لبنان في العام المنصرم، وتبلغ حوالى سبعة مليارات دولار، الى العام الحالي، بحيث يرتفع الدين العام في سنة 2018 حوالى 15 مليار دولار، ولذلك، توقع دميانوس قطار ان تكون هذه السنة، سنة وجع وآلام.